17-06-2021
محليات
مع استمرار أزمة الكهرباء في لبنان والتي تهدّد بعتمة شاملة بسبب عجز الدولة عن تأمين الأموال اللازمة لاستيراد الفيول لتوليد الطاقة، يعوّل لبنان على الاتفاق الذي توصّل إليه مع العراق بشأن استيراد النفط، إلّا أنّ هذا الاتفاق لم يدخل حيّز التنفيذ حتى اللحظة، هذا فضلا عن غموض بنوده ما يطرح بحسب اختصاصيين العديد من علامات الاستفهام. وكان لبنان توصل إلى اتفاق مع العراق يقضي بتقديم العراق 500 ألف طن من النفط مقابل تقديم لبنان خدمات طبية واستشفائية، ليعود مجلس الوزراء العراقي ويصوّت الأسبوع الماضي على زيادة دعم لبنان بالنفط الخام من 500 ألف طن إلى مليون طن.
ويشير مصدر في وزارة الطاقة اللبنانية إلى أنّ الاتفاق لم يوقّع بعد ولا يمكن تحديد المدّة التي قد تستغرقها الإجراءات التي تسبق توقيعه، لافتا في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ المصرف المركزي العراقي والمصرف المركزي اللّبناني يناقشان الأمور المالية حاليا وبطبيعة الحال لا يمكن البدء بعملية الاستيراد قبل توقيع العقد.
ويؤكد مصدر وزاري متابع أنّ تنفيذ العقد بعد توقيعه لا يحتاج إلى إقرار قانون لأن الصيغة هي شراء محروقات بغض النظر عن القيمة والتكلفة.
ورغم أنّ الاتفاق كان على أساس النفط مقابل الخدمات الطبية أعلن مدير الأمن العام اللّبناني اللّواء عبّاس إبراهيم منذ أيام أنّ النفط سيكون مدفوع الثمن مع تسهيلات، وأنّ آلية الدفع ستكون عبر البنك المركزي العراقي والمصرف المركزي اللّبناني. وكان مصدر في الحكومة اللبنانية أكّد في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ ثمن هذه الكمية من النفط ستسدده الحكومة اللبنانية للحكومة العراقية على شكل ودائع بالليرة اللبنانية توضع في حساب باسم الحكومة العراقية في مصرف لبنان، ويوضح المصدر أنّ المواصفات الفنيّة للنفط الخام العراقي لا تتناسب مع معامل لبنان لتوليد الكهرباء لذلك يمكن تبديلها مع دول أخرى أو مقايضتها بفيول أو يمكن إيجاد آلية أخرى يرى المعنيون في البلدين أنها مناسبة.
وفي ظلّ عدم وضوح تفاصيل هذا الاتفاق حتى اللحظة ترى مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخبيرة في شؤون الطاقة لوري هايتيان أنّ وزارة الطاقة مطالبة بالشفافية وبإعلان تفاصيل هذا الاتفاق حتى لا يكون «فقاعة إعلامية» فقط، مضيفة في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ استيراد هذه الكميات من النفط من العراق يساعد بتأمين ساعات تغذية إضافية، ولكنه ليس حلا نهائيا لمشكلة الكهرباء، بل كما غيره من الحلول التي تقدمها السلطة مؤخرا والتي تقع في خانة «الترقيع».
وتعود أسباب أزمة الكهرباء الحالية إلى عدم توافر الأموال اللازمة لاستيراد فيول لإنتاج الكهرباء إذ إنّ مصرف لبنان لا يزال وحتى اللحظة يرفض صرف سلفة خزينة أقرها المجلس النيابي لصالح كهرباء لبنان والبالغة قيمتها 200 مليون دولار، كما أن المصرف يتأخر بالموافقة على اعتمادات استيراد الفيول بسبب تراجع احتياطياته من العملات الأجنبية إلى الاحتياطي الإلزامي، هذا فضلا عن إعلان الشركة التركية المشغلة لباخرتين تولدان الطاقة التوقف عن العمل إثر إصدار القضاء قراراً بالحجز عليهما بسبب شبهات فساد.
ويغطي استيراد مليون طن من الفيول سنويا نحو نصف الفيول الذي تحتاج إليه معامل مؤسّسة كهرباء لبنان على مدى عام، إلا أنّ ما سيصل لبنان قد يكون نفطا خاما فلا يمكن الاستفادة منه بشكل فعال حسب ما تؤكّد هايتيان ما يطرح أسئلة حول الشركة التي ستأخذ النفط وتعطينا مقابله الفيول، وعن تكلفة النقل ومن سيتحملها، موضحة أنّه إذا كان سيتم تكرير هذا النفط فهل سيكرّره العراق أم أنّ لبنان سيحتاج إلى عملات أجنبيّة ليدفعها لطرف ثالث لأنّ مصافي النفط في لبنان معطلة، هذا فضلا عن السؤال عن كيفية اختيار الطرف الثالث وأسس الاختيار التي تضمن الشفافية.
وبالإضافة إلى هذه التفاصيل التي تعتبر هايتيان أنها أساسية تشير إلى أنّ آلية الدفع لا تزال غير واضحة فإذا كان النفط مقابل خدمات طبية فالأمر غير منطقي في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان والتي تهدّد القطاع الصحي بأكمله، وإذا كانت مقابل وديعة بالليرة اللبنانية فجميعنا يعرف أن العراق أيضا يمر بأزمة اقتصادية وهو بحاجة للعملة الأجنبية.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار