10-06-2021
محليات
بعينها الوقحة تراقب السلطة مشهدية الذل والقهر التي يعايشها اللبنانيون على قارعة الطرق توسّلاً لـ"رشفة بنزين" من دون أن يرفّ لها جفن إزاء ما أوصلت إليه البلاد من تصحّر في كل منابع الطاقة والحياة، فامتهنت كرامات الناس وأذلت شعباً عن بكرة أبيه بعدما نهبت أمواله وقطعت أرزاقه وتركته فريسة الجوع والعوز يصارع من "قلّة الموت" على أبواب المستشفيات والصيدليات والمختبرات والمصارف والسوبرماركات ومحطات الوقود.
بئس "العهد القوي" حين يرى شعبه ضعيفاً مستضعفاً ولا يحرّك ساكناً أكثر من تحويل دور الدولة في التصدي للأزمات إلى مجرد "مفرزة سير" مولجة تنظيم الحركة المرورية وتوجيه "طوابير السيارات" عند مداخل المحطات، حتى أضحى مفهوم المسؤولية تحت قبضة سلطة 8 آذار، رديفاً للوهن وبيع الناس الأوهام، تحت شعارات تحاكي تحقيق "إنجازات وانتصارات" خلّبية... كما يحصل في ملف استقدام "زيت النفط" العراقي الخام الذي تهلل له حكومة حسان دياب منذ أكثر من عام، لكن وحتى الساعة لا تزال المعادلة هي هي: ما تقول "فيول" تيصير بالمكيول... رغم قرار العراق مشكوراً مضاعفة كمية النفط الخام الممنوحة للبنان إلى مليون طن سنوياً، طالما أنه يبقى غير صالح للاستخدام في معامل الكهرباء اللبنانية، ما لم يتم تكريره بتكلفة باهظة أو مبادلته مع طرف ثالث بفيول مكرّر.
ومن بيع أوهام "خام" في ملف النفط العراقي، إلى مطاردة "سراب" في قضية استيراد البنزين الإيراني بالليرة اللبنانية، لا سيما وأنّ مصادر معنية بالملف تقف عاجزة أمام فكفكة "لغز" قبول إيران بقبض ثمن نفطها بالليرة اللبنانية "التي لم تكن مقبولة في المبادلات الدولية عندما كانت "تحكي"، فكيف بالأحرى اليوم وهي تكاد تكون غير صالحة للتداول الداخلي بعد انهيار قيمتها". ما يقود بعض المراقبين إلى ترجيح "طريقتين لا ثالثة لهما في سبل تسديد ثمن البنزين الإيراني تحت وطأة إحجام مصرف لبنان عن فتح الإعتمادات بالعملة الصعبة: الفرضية الأولى تقضي بتحويل الليرة اللبنانية إلى دولار في السوق السوداء وتسديده لإيران، وهذا سيؤدي حكماً إلى زيادة الطلب على الدولار وارتفاع سعر صرفه. أما الفرضية الثانية فتقوم على اقتصاد المقايضة من خلال استثمار طهران الليرة اللبنانية في سوق شراء العقارات والأراضي في لبنان أو استخدامها لتمويل حلفائها اللبنانيين عبر المدفوعات المالية المستحقة لها بالليرة لقاء نفطها".
وفي الغضون، تتواصل معارك "طواحين الهواء" الحكومية على حلبة التأليف من دون أي ضوابط أخلاقية إزاء معاناة الناس ومن دون التقيّد حتى بسقوف زمنية لإنهاء لعبة المحاصصة الوزارية، بعدما ترك الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المهلة مفتوحة أمام مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للوصول إلى خواتيمها المرجوة.
وإذ لوحظ أنّ "البياضة" استولت علناً على دور "بعبدا" في مفاوضات التأليف، وباتت الرسائل تتطاير بينها وبين "بيت الوسط" على جناح "الخليلين" بشكل فاقع، تؤكد المعلومات المتوافرة حول المداولات الجارية أنها لم تسفر حتى الساعة عن نتائج حاسمة لا في هذا الاتجاه أو ذاك، بخلاف ما بثته أوساط رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل خلال الساعات الأخيرة من أجواء توحي بإحراز تقدم في المفاوضات وترمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري على اعتبار أنّ إنجاح مبادرة بري أصبح متوقفاً على "جواب نهائي" منه، الأمر الذي سارعت أوساط عين التينة نفسها إلى نفيه مؤكدةً أنّ "الجواب المنتظر لا يزال في عهدة باسيل".
وليلاً، أوضحت مصادر مواكبة لجولة المفاوضات الأخيرة بين باسيل ووفد الثنائي الشيعي أنّ "النقاشات ما زالت تدور في دوائر مفرغة، سواءً لناحية مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة الـ 24 وزيراً، أو لجهة رفض "التيار الوطني" منح الحكومة الثقة وإصراره في الوقت عينه على نيل حصة وزارية فيها تضاف إلى حصة رئيس الجمهورية، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف رفضاً قاطعاً".
وفي المقابل، ترى أوساط "البياضة" أنّ إعطاء الثقة أو ححبها عن الحكومة هو "حق دستوري للتكتل ولا يجوز ربطه بحق رئيس الجمهورية في الشراكة بالتشكيل"، معتبرة أنّ "كل الظروف صارت متوفرة للتأليف إذا كان الحريري يريد فعلا ذلك، أما إذا كان يبحث عن عذر لعدم التأليف أو يمهّد للاعتذار فهذا شأن آخر". وفي ما يتصل بمسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين، أجابت: "المعادلة واضحة وبسيطة، لا رئيس الجمهورية ولا الرئيس المكلف يسميانهما لكنّ الرئيسين يوافقان معاً عليهما".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار