08-06-2021
محليات
لا شيء يقلق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هذه الأيام أكثر من الهموم المعيشية والاقتصادية الخانقة التي تقضّ مضاجع اللبنانيين. ولا يكفّ عن طرح الاسئلة عن السر الذي يمنع تأليف حكومة طوال الاشهر الاخيرة في خضم هذا السيل الجارف من التحديات. "ولماذا تضييع كل هذا الوقت وتكبد كل هذه الخسائر؟".
لم يعد في مقدور الرجل ان يفعل شيئا حيال معضلة تشكيل الحكومة، لكنه يبقى في موقع المواكب والمساند للرئيس نبيه بري في تعويله على مبادرته. ولا يريد الاستفاضة اكثر في التعبير عن حالة القرف السياسي التي وصلت اليها البلاد نتيجة المناكفات والخلافات المفتوحة من هنا وهناك. وبعدما قام بخطوته حيال الرئيس ميشال عون ودعوته الجميع الى سلوك طريق التسوية لتشكيل الحكومة وانزعاج الرئيس سعد الحريري من حركته هذه، لم يبقَ أمام جنبلاط الا الاستمرار في رفع الصوت عالياً والتحذير من الاخطار التي تنتظر اللبنانيين. ولا يحبذ في معرض تحليله ربط عرقلة التأليف بأي دولة عربية او أجنبية. ويتحدث بغضب وتحسر عما آلت اليه الاوضاع المأسوية في البلد. ويرفض الدخول في موقف اي عاصمة او المسؤولين عنها في نظرتهم الى الحكومة. ويدعو المعنيين بالتأليف الى تحمّل مسؤولياتهم. ولا يريد الدخول في صب الزيت على النار ولا في توسعة شرخ الخلافات المفتوحة بين الحريري ورئيس"التيار الوطني الحر" جبران باسيل. ورداً على سؤال، يرفض تقديم اي نصيحة لأحد. ويطلق جملة من الرسائل عشية سفره الى موسكو ولسان حاله يقول :"ماذا حل بالبلد؟".
لا بد من الاشارة اولاً الى ان جنبلاط لا يؤيد تشكيل حكومة من الاقطاب، ولا يصدر موقفه هذا من باب الرد على البطريرك بشارة الراعي "وأشاركه مخاوفه على لبنان". وسبق لجنبلاط ان شارك في هذ النوع من الحكومات في اوائل التسعينات في حكومة الرئيس عمر كرامي "لكن الظروف تغيرت بعد ثلاثين سنة". ويتساءل عن "أي اقطاب يمكن توزيرهم ليساهموا في تخليص البلد من هذا الكابوس؟".
كل المطلوب في رأيه هو تأليف حكومة مهمة مؤلفة من مجموعة من الاختصاصيين بحسب ما وضع اسسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. ويقول انه "في حال تشكلت الحكومة لا بد من توحيد أرقام العجز امام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على قروض وعقد مؤتمرات من اجل لبنان الذي لن يحصل على أكثر من مليار ونصف مليار دولار وسط كل هذه الحاجة". ويتوقف هنا عند نجاح المسؤولين في الخرطوم وكيف تمكنوا من الحصول على ملياري دولار لبلدهم، و"السودان أحسن من لبنان". ويقول هذا الكلام من باب التقدير لهذه الدولة الافريقية.
وفي المناسبة لا يفوت جنبلاط اي فرصة من دون إعادة التذكير بأزمات الكهرباء وجلجلتها وما رافقها من تكبّد الخسائر وزيادة الدين العام. وكان الحزب التقدمي اول المحذرين والمنبهين قبل سنوات من تدهور هذا القطاع.
ولا يرى جنبلاط فائدة من تقديم استقالات من المجلس والتوجه الى انتخابات نيابية مبكرة. ولا يلتقي هنا مع دعوة "القوات اللبنانية" للسير في هذه الخطوة. ويستغرب في الوقت نفسه تلويح العونيين وكتلة "المستقبل" بهذه الاستقالة. ولا يعتقد ان تغييراً كبيراً سيحصل في الخريطة النيابية الحالية. ويعدد جملة من الملاحظات على اداء المجتمع المدني منذ ثورة "17 تشرين الاول". وعندما تأخذه بالحديث الى الانتخابات وحصول هذا الفريق او ذاك على المقاعد التي سيحققها في الانتخابات المقبلة، يردّك جنبلاط الى الواقع الاجتماعي المزري. ومع ذلك سيباشر الحزب التقدمي تشغيل ماكينته الانتخابية قريباً. ورداً على سؤال: هل سنشهد "دماً جديداً في ترشيحات الحزب"؟ لا يردّ بأكثر من "نعم". وعن ربط البعض استنفار الحزب التقدمي وكوادره في الوقوف الى جانب بيئاتهم في الجبل ومناطق انتشارهم وربط هذا الامر بالانتخابات المقبلة، يقول: "لم نقم بأكثر من واجباتنا. ولا أحبذ الحديث عن هذا الموضوع".
في خلاصة لقاء جنبلاط لا يفوته توجيه مجموعة من الملاحظات في اتجاه الرئيس حسان دياب حيث لا يقوم بأبسط الواجبات في ظل حكومة تصريف الاعمال. ولا يرغب في الرجوع الى الانتقادات التي كان يوجهها وسواه الى دياب "لكن عليه ان يتخطى ذلك ويعمل على تفعيل حكومته اكثر رغم كل الصعوبات التي تعترضها. وليس من حق نادي رؤساء الحكومات ولا وليد جنبلاط ممارسة أي ضغوط عليه ولا سيما في مثل هذه الاوضاع الصعبة".
وفي معرض الحديث لا ينفك عن توجيه السهام الى كبار التجار والمحتكرين في البلد وارتفاع معدلات التهريب من لبنان الى سوريا. ويصب غضبه على أصحاب الوكالات الحصرية الذين هاجمهم والده كمال جنبلاط، الى "وزيرين بطلين في اوائل السبعينات في حكومة الرئيس صائب سلام هما: اميل بيطار والياس سابا".
من لبنان الى فلسطين ينتقل جنبلاط ليسجل لأهلها وقفاتهم الاخيرة ومقاومتهم "الممتازة" في وجه الاسرائيليين "ولا سيما ابناء الاراضي المحتلة"
أخبار ذات صلة
محليات
جنبلاط يرفض لقاء لاريجاني