08-06-2021
مقالات مختارة
اكرم حمدان
اكرم حمدان
بالرغم من الجهد الذي بذلته لجنة المال والموازنة النيابية في دراسة إقتراح القانون الرامي إلى وضع ضوابط إستثنائية وموقّتة على التحاويل المصرفية المعروف بـ"الكابيتال كونترول"، فإن إعلان رئيسها النائب إبراهيم كنعان بعد الجلسة أمس إقرار الإقتراح وترك حسم الأرقام والنسب للهيئة العامة لمجلس النواب، بانتظار حصول المجلس النيابي على المعلومات من مصرف لبنان، يؤكد أن مسيرة الإقتراح لا تزال نهايتها غير واضحة المعالم، كما أن التوضيح الذي صدر عن مكتب كنعان وعن مقرّر اللجنة النائب نقولا نحاس حول إعداد الصيغة النهائية للإقتراح، يؤكد أيضاً بأن المشوار لا يزال في بدايته.
كذلك تقاطعت مختلف المواقف النيابية على أن التدابير التي قد ينص عليها هذا الإقتراح، تبقى عاجزة عن وضع حلول دائمة ما لم تقترن بإستقرار سياسي من أولى متطلّباته تأليف حكومة تتصدّى للمشكلة بكفاءة وجدارة، وإجراء إصلاحات بنيوية من ضمن خطة واضحة ومتكاملة تضع الإقتصاد الوطني على سكة إستعادة مقوّمات حيويته وإنطلاقته، وتخرج البلد من أزمته.
وأشار كنعان إلى أنه سيرفع التقريرالنهائي في الأيام المقبلة الى رئاسة المجلس النيابي، كما أن الإقتراح سيخضع للدراسة في لجنة الإدارة والعدل التي كانت تنتظر إنتهاء لجنة المال من درسه لتباشرعملها، وربما يحال إلى اللجان النيابية المشتركة إذا حصل خلاف في الرأي بين اللجنتين، ومن ثم إلى الهيئة العامة لمجلس النواب التي تبقى صاحبة القرار النهائي.
وكان كنعان عقد مؤتمراً صحافياً بعد الجلسة شدّد فيه على أن "القانون عندما يصدر سيكون أعلى من أي تعميم إستنسابي يصدراليوم ويلغى غداً" (في إشارة إلى ما قد يصدر عن مصرف لبنان حول السحوبات)، مؤكداً أن "عدم السير بالإصلاحات أدّى إلى إستشراء الفساد، وأتاح للمصارف أن تفرض قيوداً على العمليات المصرفية من سحوبات وتحاويل، خلافاً لمبادئ النظام الإقتصادي الحرّ المكرّس دستورياً والقائم على المبادرة الفردية وحق التصرّف بالملكية وحرية تداول الأموال وتحويلها".
واستعرض مراحل إعداد الإقتراح منذ شهر أيار 2020، مذكّراً بالتدابير التي اتخذت عام 1967، على أثر أزمة بنك "إنترا"، حيث نظّمت الحكومة بناء على صلاحياتها التشريعية علاقة المصارف بزبائنها من سحوبات وتحاويل وسواها.
وإذ ذكّر "بالفوضى والإستنساب السائدين حالياً في تطبيق قانون الدولار الطالبي وفي السحوبات المصرفية التي تختلف بين مصرف وآخر"، لخّص أبرز ما تضمّنه الإقتراح بما يلي: "يمنع التحاويل إلى الخارج مهما كانت طبيعة الحساب ونوعه، ويحدّد إستثناءات منها: ما له صفة الديمومة: كحسابات المؤسسسات المالية الدولية، والمنظمات الدولية والإقليمية والسفارات الأجنبية من جهة، والأموال الجديدة التي أدخلت إلى المصارف ولم تكن قد حوّلت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019 من جهة ثانية، وما له الصفة الطارئة والمشروطة: كنفقات التعليم، والضرائب والرسوم والإلتزامات المالية المتوجّبة لسلطات رسمية أجنبية، ونفقات الإشتراكات والتطبيقات على الإنترنت، وقد حدّد السقف الأعلى لمجمل هذه النفقات بـ 50 ألف دولار أميركي".
ويجيز الإقتراح، حسب كنعان، "السحوبات في الداخل بمبلغ ما بين 15 و20 مليون ليرة لبنانية (لا تشمل السحب من حساب الرواتب والأجور) والبت متروك للهيئة العامة، وبالعملة الأجنبية ما بين 400 و800 دولار، والحسم في الهيئة العامة في ضوء المعطيات المطالب مصرف لبنان بتقديمها قبل الجلسة العامة للمجلس النيابي، لبتّ الأمور بحسب الأرقام الرسمية".
ويمنع "تحويل الحسابات من الليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية إلا إذا كانت التغطية النقدية الكافية متوفرة لدى المصرف المعني، شرط تأكّد لجنة الرقابة على المصارف من توفر هذه التغطية، كما حدّد ستة تدابير تضمن إلزامية وحسن تنفيذه وهي: إنشاء وحدة لمركزية التحاويل، وضع آلية لبتّ الطلبات، تحديد مرجعية إدارية للتظلّم، تحديد العقوبات التي تفرض بحق المصرف المخالف وسندها القانوني، تحديد مرجعية فرض العقوبات مع تحديد مهلة للبتّ، حق المراجعة القضائية".
وفي التفاصيل: "وحدة مركزية التحاويل تنشأ لدى مصرف لبنان لدرس الطلبات المحالة عليها من المصارف المعنية للحيلولة دون إستنساب المصرف، وقرارها ملزم للمصرف إذا كان في صالح طالب التحويل، أما إذا كان قرار وحدة مركزية التحاويل برفض طلب التحويل، فيمكن لطالب التحويل التظلم أمام المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي يعتبر قراره ملزماً إذا كان في صالح طالب التحويل، أما إذا كان قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان في غير صالح طالب التحويل، فبإمكان هذا الأخير مراجعة القضاء".
أما العقوبات التي تفرض على المصرف المخالف لأحكام القانون لجهة السحوبات أو التحويل، فهي المنصوص عليها بموجب المادة 208 من قانون النقد والتسليف، والتي تصل إلى حدّ شطب المصرف المخالف من لائحة المصارف، والمرجع الصالح هو الهيئة المصرفية العليا التي حدّدت لها مهلة أسبوعين لبتّ المخالفة، كما أعطي حق المراجعة القضائية بشأن قرارات وحدة مركزية التحاويل وقرارات المجلس المركزي لمصرف لبنان على السواء".
ولفت كنعان إلى أن "أي تشريع لـ"الكابيتال كونترول" يجب أن يعالج موضوع المراجعات العالقة أمام القضاء والمتعلقة بالتحاويل والسحوبات المالية، كما يجب أن يكون موقّتاً وإستثنائياً لأنه يمسّ بمرتكزات محمية بموجب الدستور، لذلك نصّ الإقتراح على أن مدة العمل به هي سنة قابلة للتخفيض بتدبير حكومي إذا زالت الظروف التي إستدعت إصداره".
وعدّد كنعان العقبات التي واجهت اللجنة خلال دراسة الإقتراح وهي: "إنفجار المرفأ وتأثيره على مبنى مكاتب النواب، وباء "كورونا" وإصابة بعض النواب، غياب المعلومات والإحصاءات اللازمة لدرس إنعكاس القانون في حال إقراره على الأوضاع الإقتصادية والمالية والنقدية والإجتماعية، وتضارب المعلومات التي وفرتها المصارف، حيث أفادت جمعية المصارف بتاريخ 21 نيسان 2021 بأن سقف التحاويل إلى الخارج يجب أن يكون 20 ألف دولار بدلاً من 50 ألفاً الذي حددته اللجنة، ثم بعد أقل من أسبوع أفادت بأن هذا السقف يجب أن يكون 10 آلاف دولار أميركي، أما مصرف لبنان فقد إمتنع عن تقديم أي معلومات دقيقة وواضحة، بإستثناء ما وفرته لجنة الرقابة على المصارف من معلومات عن التحاويل إلى الخارج لتغطية النفقات التعليمية خلال العامين 2019 و 2020".
خليل
من جهته، أكد المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل على "تأييد الوصول إلى قانون ينظم عملية التحويل إلى الخارج ويحدّدها وفق القانون ويسمح بتغطية السحوبات للمودعين"، مشيراً إلى أن "الجدل الذي حصل سببه عدم حصولنا في لجنة المال على أرقام حقيقية من قبل البنك المركزي وجمعية المصارف"، لافتاً إلى أن "ما تم إنجازه سيحال إلى الهيئة العامة، وإن كان لا يرتقي إلى مستوى أن يكون قانون "كابيتال كونترول"، كان يجب أن يحصل منذ الأيام الأولى للأزمة المصرفية والمالية التي نقع فيها".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار