18-05-2021
لكل مقام مقال
ريتا رعد
<p>اجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية</p>
الجميع عادوا الى الصفوف. صفوف غادروها على حين غرّة. ولكن هذه المرّة عادوا والرّعب يسكن كيانهم وفؤادهم على السّواء خائفين من أماكن اعتادوها وترعرعوا فيها ووجوه ألفوها. خائفين على طفولتهم من كل ما يحيط بهم خائفين على أهل تركوهم في المنازل مدججين بالهموم والأثقال. عادوا والخوف بادٍ على وجوههم الصّغيرة المختبئة خلف أقنعة تحجب عنهم الأوكسيجين والحياة. أقنعة لا يجرؤون حتّى على خلعها خوفًا على حياتهم ونحن من أمضينا عمرًا نعلّمهم ألا يختبؤا وراء الأقنعة بتنا نخاف إن تجرّأ أحدهم وخلع قناعه خلسةً لتنشّق جرعة أوكسيجين. عدنا والرّعب سيّد الموقف وبات الصّف صفين. تلامذة يتابعونك عبر شاشة صمّاء وتلامذة حاضرون معك في القاعة. تغيرت كل أسس التّعليم وفُرِضَ علينا أمرٌ واقع مجبرين لا مخيرين على التّعامل معه والتّأقلُم على السّواء.ولكن تبقى الأهم نفسيّة هذا الطّالب الذي عليه أن يكمل سنته الدّراسيّة وكأنّ شيئًا لم يكن. عليه أن ينهي المنهج ويخضع لامتحان حضوريّ كشرط لترفيعه صفّ. إنها المأساة بعينها وكأن هموم الحياة اليومية والمعيشيّة لا تكفيه فعليه أن يقفز فوق الحواجز ويشارك في سباق الماراتون ليتمكّن من تعويض ما فاته من شرح وتطبيق كونه قد تغيّب عن حصص كثيرة بسبب سوء الانترنت أو انقطاع في التّيار الكهربائي أو عدم توفر الحاسوب أو الهاتف . واللائحة تطول والحجج تكثر ولكن الألم مشترك طلاب في مهبّ الرّيح مناهج لا تراعي الظّروف الاستثنائية .ضغط على التّلامذة للتأقلم مع طريقة التّعلم المُستجدّة وكسب السّباق للنجاح وعدم إضاعة عامهم الدراسيّ. معلمون حائرون ضائعون أي معايير عليهم اعتمادها لتقييم طلاب لم يعرفوهم إلا من خلف الشّاشات طلاب لم يتأكّدوا من مدى استيعابهم للمعلومات وجهوزيّتهم لخوض الامتحانات. الكلّ في ضياع ويبقى الطّلاب هم الحلقة الأضعف عليهم نفض الألم والضّياع والنّهوض من جديد كطائر الفينيق.النّهوض بأنفسهم وبوطنٍ محدودبٍ مُثقلٍ بالهموم. النّهوض بأقل ضررٍ ممكن وندوبٍ ظاهرة. فقط النّهوض وبأيّ ثمنٍ كان.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار