16-02-2021
مقالات مختارة
غادة حلاوي
غادة حلاوي
ليست المرة الأولى التي يشهد تاريخ لبنان مثل هذا الخلاف بين الرئاستين الاولى والثالثة. لطالما لم تكن العلاقة سوية بينهما وكانا على خلاف مستمر، لكن ان يكون اصل الخلاف كما هو اليوم معرقلاً لتشكيل حكومة فيما الناس تئن من العوز والفقر فهذه سابقة. يتمحور خلاف اليوم بين فريق لم يعد يريد الرئيس المكلف سعد الحريري رئيساً للحكومة، فيما الاخير يصر على الاحتفاظ بتكليفه. قد تكون الكلمة الفصل في ما سيأتي على ذكره الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته المنتظرة اليوم، والتي سيتطرق خلالها حكماً الى الوضع الحكومي والعلاقة بين الرئاستين ووساطة "حزب الله".
لليوم الثاني استمرت المسودة الحكومية التي رفعها الرئيس المكلف الحريري مدار تحليل وتأويلات. على الرغم من ان الفريق الخصم له لا يزال يرى أنّ "الورقة التي كشفها للرأي العام لم تكن هي الورقة الحقيقية، وقد تضمنت خلطاً في الاسماء والتوزيع الطائفي والسياسي". لولا ان الحريري لم يكشفها لخلا خطابه من اي مضمون جديد، وفي وقت يتفاقم فيه انهيار البلد يوماً بعد يوم يخرج الرئيس المكلف بخطاب القال والقيل حول حكومة لم يتمكن من تشكيلها، رغم مرور ما يزيد على الخمسة اشهر على تكليفه، وليس أقل بؤساً ما خرجت به ردود الوزير السابق سليم جريصاتي.
دخلت بعبدا في تحدّ مع بيت الوسط ومعركة كسر عظم لن يهادن فيها الطرفان. احدهما يخوض معركة رئاسة الجمهورية والثاني يريد تعكير صفو المناخ الرئاسي لصهر العهد جبران باسيل. والطرفان ايضاً ليسا على عجلة من امرهما. اذا تحدثنا عن مصلحة العهد فعن اي عهد نقصد ورئيسه بذاته يعترف ان العهد مضى عليه الزمن ولم يعد لديه ما يخسره، اما الحريري فرغم كل توتره فلم يأت في سياق خطابه على ذكر "حزب الله" باستثناء المطالبة بتسليم سليم عياش.
توسّع الخلاف بين الرئاستين الاولى والثالثة حتى صار التقريب بينهما غير ممكن اقله في الفترة القريبة لاسباب متداخلة داخلية وخارجية، ولكن تبدو الاسباب الداخلية واقعية وملموسة، في المقابل ليست الاسباب الخارجية مؤكدة ولم تخرج عن ابعد من كونها تحليلات بحسب المقربين من الطرفين. وهذا ما يؤكده "حزب الله" الذي لم يعد يتردد في القول ان الامور لم تعد واضحة لديه، بحيث لم يعد قادراً على فرملة الخلاف بين الرئاستين. عملياً يؤيد الكثيرون سعد الحريري نكاية بالعهد ورئيسه بينما لم يبق للاخير الا "حزب الله" يواصل مؤازرته ويرفض كسره او القبول بما لا يريده. من رئيس مجلس النواب نبيه بري و"حركة امل" الى "القوات" و"الاشتراكي" والبطريرك الراعي و"المردة"، جميعاً يلتقون اليوم على معارضة رئيس الجمهورية وجبران باسيل، يقابلهم "حزب الله" الذي لا يريد خسارة عون ولا يجد بديلاً عن الحريري. سبق وحاول "حزب الله" مراراً التقريب بين بعبدا وبيت الوسط وقصد المعاون السياسي الحاج حسين الخليل الرئيس المكلف "مرات عدة، كان آخرها قبل نحو اسبوع تقريباً لكن لم تخرج وساطته بنتائج ايجابية بعد". بالنسبة لـ"حزب الله" الطرفان يكملان بعضهما في التعنت ويسعيان كل من ناحيته الى تعزيز موقعه، أزمة ثقة على أزمة رئاسة يتم تخريجها بشروط معقدة. لب المشكلة اننا امام فريقين يتخوف كل طرف من نصب مكيدة للآخر. يخاف الحريري من العهد. كأنه بات اسير المحاسبة والتي على ما يبدو يصر عليها رئيس الجمهورية ميشال عون ولو بقي يوم من عهده.
عندما تستوضح "حزب الله" هل سيبقى مكتوف الايدي فيما الشرخ يزيد وحظوظ تشكيل الحكومة شبه معدوم يكون الجواب: "سعينا جهدنا وحاولنا تقريب وجهات النظر ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها"، من دون ان تقطع مصادر مطلعة على موقفه الطريق على امكانية المحاولة مجدداً، ليعاود التشديد على ضرورة تشكيل الحكومة. ولا شك ان موضوع الحكومة سيحتل حيزاً هاماً من كلمة الامين العام لـ"حزب الله" مع قضايا داخلية اخرى، ابرزها العلاقة بين عون والحريري وذكرى 16 شباط ووضع المقاومة وأسباب عدم الرد على معادلة الردع، فضلاً عن العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".
أخبار ذات صلة