09-02-2021
محليات
ألقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي عظة في عيد القدّيس مارون، في بكركي، بعنوان "حبّة الحنطة إذا وقعت في الأرض وماتت أعطت ثمرًا كثيرًا" ( يو 12/ 24)، تحدّث فيها عن فضائل القديس ودوره.
وقال: "نحتفل بعيد أبينا القدّيس مارون، وفي القلب غصّة على ضحايا وباء كورونا، كلهم اعزاء على قلوبنا وعلى عائلاتهم المحزونة. فنصلّي من أجلهم في هذه الذبيحة المقدّسة، ومن أجل شفاء المصابين وإبادة هذا الوباء".
وتابع: "كون عيد القدّيس مارون عيدًا وطنيًّا، يطيب لي أن أهنّئ بالعيد شركاءنا في الوطن، وأقول لهم: إن وجودنا معًا ليس صُدفةً ولا عُنوة. هو خِيارٌ إنسانيٌّ ووطنيٌّ ثابت. هو فرحٌ عظيم أزهرَ في المشرِق. هو فعلُ إيمانٍ بالله ومحبةٍ للآخَر واعترافٍ به. ولبنان الكبيرُ هو التجسيدُ الدستوريُّ الحديثُ والحضاريُّ لقرونٍ من الحياةِ في ظلِّ ظروفٍ مختلِفة. من خلالِ لبنانَ الكبير حوّلنا الوجودَ معيّةً، والمعيّةَ شراكةً، والشراكةَ وِحدةً. ومنذ تأسيس هذه الدولة اللبنانية، ونحن ندافع عن الشراكةِ والوحدة. ونشدّدُ دائمًا على ضرورة الولاء للبنان فقط والتصرّف على هذا الأساس. لقد وظّف الموارنة كلّ مرّة ثمرةَ نضالِهم في دولةِ لبنان ووِحدتها لأنهم حريصون على التعايشِ الإسلامي - المسيحي. فلبنان قبل أن يكون مساحةَ أرضٍ هو مساحةُ محبّة. ومن دون المحبةِ تَفقِدُ المجتمعاتُ قوَّتَها ومناعتَها".
وتأسّف اليوم، "أن نحيي عيد ما مارون، واللبنانيّون يعانون العذاباتِ ويقدِّمون التضحيات بينما دولتُهم منشغلةٌ بأمورٍ صغيرةٍ كثيرة. يتنافس المسؤولون على تعطيلِ الحلول الداخلية ما يدفعنا إلى التطلّعِ نحو الأمم المتحدة للمساعدة على إنقاذ لبنان. فمن واجبها أن تَعكُفَ على دراسةِ أفضلِ السبلِ لتأمينِ انعقادِ مؤتمرِ دولي خاصٍ بلبنان، يعيد تثبيتَ وجودِه ويمنع سقوطه. إلى الأممِ المتّحدةِ توجَّهت جميعُ الشعوب التي مرّت في ما نّمر فيه اليوم. فمنظمة الأممِ المتّحدة ليست فريقًا دوليًّا أو إقليميًّا أو طائفيًّا أو حزبيًّا ليكون اللجوءُ إليها لمصلحةِ فريقٍ دون آخر. إنّها منظّمةٌ مسؤولةٌ عن مصير كل دولةٍ عضوٍ فيها، وعليها تقع مسؤوليةَ مساعدتِها في الأزمات المصيرية. لبنان يحتاج اليوم إلى دورٍ دوليٍّ حازمٍ وصارمٍ يُطبِّق القراراتِ السابقةَ من دونِ استثناء واجتزاءٍ، حتى لو استدعى الأمرُ إصدارَ قراراتٍ جديدة"، مشيراً إلى أنّ "جميع اللبنانيّين بحاجة إلى إنقاذ، فكلنا في محنةٍ أمام الواقعِ المأزوم. وكلّما أسْرعنا في هذا المسار كلما جاء الحل في إطار وحدة لبنان وشراكتِه السامية، وكلما تأخّرنا تاهَ الحلُّ في غياهبِ العنف والانقسام ِمن دون رادعٍ وكابِح، وما من منتصر".
ودعا "جميعَ القوى المؤمنةِ بوحدةِ لبنان وسيادتِه وخصوصيّتِه في هذا الشرق إلى التعاون في ما بينها من أجلِ أن نبلوِرَ حالةً وطنيّة تستعيد لبنان وتضعه في مسار نهضويّ. إنّ الكلمة التّي خصّ بها لبنان قداسة البابا فرنسيس في خطابه بالأمس إلى السلك الديبلوماسيّ المعتمد لدى الكرسيّ الرسوليّ تشجّعنا في هذا المسعى، إذ قال: "أتمنّى تجديد الالتزام السياسي الوطني والدولي من أجل تعزيز استقرار لبنان، الذي يمرّ بأزمة داخليّة، والمُعرَّض لفقدان هويّته ولمزيد من التورّط في التوتّرات الإقليمية"، مشيراً إلى أنّه "من الضروري للغاية أن يحافظ على هويّته الفريدة، من أجل ضمان شرق أوسط متعدّد ومتسامح ومتنوّع، حيث يستطيع الوجود المسيحيّ أن يقدّم مساهمته وألّا يقتصر على أقلّية يجب حمايتها. إن المسيحيّين يشكّلون النسيج الرابط التاريخي والاجتماعيّ للبنان، ومن خلال الأعمال التربويّة والصحّية والخيريّة العديدة، يجب أن تُضمَنَ لهم إمكانيّة الاستمرار في العمل من أجل خير البلاد الذي كانوا من مؤسّسيه. فقد يتسبّب إضعافُ الوجود المسيحي بفقدان التوازن الداخليّ والواقع اللبناني نفسه. ومن هذا المنظور، يجب أيضًا معالجة وجود اللاجئين السوريّين والفلسطينيّين. فالبلاد إضافة لذلك، من دون عمليّة عاجلة لإنعاش الاقتصاد وإعادة الإعمار، معرّض لخطر الإفلاس، مع ما قد ينتج عنه من إنحرافات أصوليّة خطيرة. لذلك فمن الضروريّ أن يتعهّد جميع القادة السياسيّين والدينيّين، واضعين جانبًا مصالحهم الخاصّة، بالسعي لتحقيق العدالة وتنفيذ إصلاحات حقيقيّة لصالح المواطنين، فيتصرّفوا بشفافيّة ويتحمّلوا مسؤوليّة أفعالهم".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار