19-01-2021
مقالات مختارة
كلير شكر
صحافية لبنانية
حتى اللحظة، لا تزال خطوط التواصل المباشر بين قصر بعبدا وبيت الوسط، مقطوعة، وقد زاد من سماكة الحواجز الفاصلة، الفيديو المسرّب عن لسان رئيس الجمهورية ميشال عون بحق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، والذي أطاح بالجانب الشخصي في العلاقة، وهو كان حتى لحظة خروج تلك الثواني المعدودة إلى العلن، موضع حرص، أقله علني، من جانب الرجلين.
عاد رئيس الحكومة المكلف إلى بيروت بعد زيارة ثانية له إلى الإمارات، فيما يُنتظر أن يشهد الملف الحكومي تحريكاً من مكان ما في محاولة، ولو خجولة أو يائسة، لتحقيق اختراق ما في الجدار الحديدي الذي رفعته الخلافات والتباينات العميقة الحاصلة بين المكونات الحكومية، على خلفية المهمات الاستثنائية الملقاة على عاتق الحكومة العتيدة، ومدّة صلاحيتها، خصوصاً وأنّها قد تكون آخر حكومات العهد. ما يرفع من منسوب الايجابية المتوقعة، هو تبدّل العامل الخارجي، وتحديداً الأميركي مع استعداد الرئيس المنتخب جو بايدن لدخول البيت الأبيض، وبالتالي انتفاء امكانية تعرّض الرئيس المكلّف لأي عقوبات من جانب إدارة دونالد ترامب، وفق ما يعتقد بعض خصوم الحريري الذين يقولون إنّ الرجل كان يخشى الاقدام على أي خطوة جدية في ملف التأليف، بسبب التهديدات بإدراجه على لائحة العقوبات الأميركية اذا ما ضمّت حكومته ممثلين عن "حزب الله" سواء كانوا من طبيعة حزبية أو غير حزبية.
ولهذا ثمة من يعتقد، أنّ المشهد الحكومي قد لا يبقى مكتوماً خلال الأيام القليلة المقبلة، اذا ما قرر قصر بعبدا المبادرة تجاه رئيس الحكومة، وهي خطوة يفترض أنّها بديهية ومنتظرة من جانب رئيس الحكومة المكلف لسببين:
الأول، هو أنّ الرئيس الحريري قام بواجبه الدستوري ورفع مسودته الحكومية إلى رئيس الجمهورية الذي بادره إلى القول إنّه سيدرسها ويردّ خبراً بشأنها. وبالتالي، من المنطقي أن تأتي الخطوة التالية من جانب رئاسة الجمهورية لتحديد موعد لرئيس الحكومة المكلف لمناقشته في المسودة أو تقديم الملاحظات، اذا ما كان هناك من ملاحظات.
الثاني، لا بدّ لرئيس الجمهورية أن يبادر باتجاه الحريري بعد الفيديو المسرب، ولو أنّه تواصل مع رئيس "تيار المستقبل" خلال الأيام الأخيرة لسمع منه كلاماً مفاده بأنّه لا يبحث عن تبريرات أو تفسيرات، ولا هو بصدد مفاتحة رئيس الجمهورية بما صدر عنه، خصوصاً وأنّه حريص على عدم التفريط بورقة التكليف أو خسارتها. ولكن احتراماً لموقع رئاسة الحكومة، يُنتظر أن يحمل الرئيس هاتفه ليطلب الرئيس المكلف ويدعوه للقائه لاستكمال النقاش في المسودة الحكومية.
ومن تواصل مع الحريري في الأيام الأخيرة لمس منه ارتياحه للتطورات الأخيرة، سواء لجهة الدعم ولو المعنوي الذي ناله من دولة الإمارات، أو لجهة الدعم الداخلي الذي لقيه من رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الذي يتردد أنّه عاد وتواصل معه للمرة الثانية على التوالي للتداول في آخر التطورات. وكلها عوامل لربما شدّت من عزيمة الحريري وموقفه في مواجهة الضغوطات التي يتعرّض لها من جانب الفريق العوني لدفعه إلى الاستقالة. وفق المطلعين على خط المشاورات بين بيت الوسط وكليمنصو، فإنّ جنبلاط كان واضحاً في تأكيد دعمه للحريري رغم كل الملاحظات التي سبق وساقها في ما خصّ تطورات التأليف خصوصاً وأنّ رئيس الحكومة المكلف لم يأخذ بمطالب جنبلاط رغم أنّه وعده بتحقيقها. لكن الزعيم الدرزي عاد وكرر أمام الحريري بأنّه اذا كان مصرّاً على تأليف الحكومة وعدم التراجع عن هذه الخطوة، فهو لن يقف حاجزاً معطلاً أمام مشروع الحريري رغم قناعة جنبلاط أنّ الفريق العوني لن يقدّم أي تسهيلات، ولن يكون متعاوناً مع رئيس الحكومة في مشوار المبادرة الفرنسية ومندرجاتها التنفيذية، ولذا بلع جنبلاط موسى اسناده حقيبتين "مكروهتين" بالنسبة اليه، فقط لأنّها الفرصة الأخيرة المتاحة قبيل الارتطام الكبير!
هكذا، يسود الاعتقاد أنّ الأيام المقبلة قد تشهد آخر محاولات قيام حكومة جديدة ربطاً بالعوامل المتغيرة، على أمل أن تخفف هذه الاخيرة، من العقبات والعقد الداخلية.
أخبار ذات صلة
محليات
جنبلاط يرفض لقاء لاريجاني