14-01-2021
عالميات
وقال الخبير الإسرائيلي، رون بن يشاي، والذي يعدّ وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، وغطى معظم الحروب العربية الإسرائيلية، إنّه "بعد سنوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المضطربة، بدأت السياسة الأميركية في العودة إلى نهج الرئيس السابق باراك أوباما، ويبقى الشاغل الرئيسي أمام إسرائيل يتمثل بقبول الرئيس المنتخب جو بايدن لمطالب إيران، وتدهور العلاقات مع السعودية والإمارات، وزرع الآمال لدى الفلسطينيين، مما يتطلب من المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية البدء بمحادثات تنسيقية مع نظيرتها الأميركية".
وأضاف بن يشاي أنّه "بات واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية ستواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع إدارة جو بايدن الجديدة، أولها لأنّ سياسة الخارجية تختلف كلياً عن إدارة ترامب؛ وثانيها لأنه يُنظر للحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة بأنّها من "معسكر ترامب"، ولأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه تاريخ من المواجهات المتضاربة مع إدارة أوباما الديمقراطية، التي كان خلالها بايدن نائباً له".
وأشار بن يشاي، إلى أنّه "تمت ترقية بعض مسؤولي إدارة أوباما للمناصب الأكثر نفوذاً بإدارة بايدن، وأصبح معروفاً لدى إسرائيل أنه سيتعين عليهم إجراء تغييرات بسياساتهم الداخلية والخارجية، مما دفع بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لإصدار تعليماته للمقيمين في مكتبه والجيش بتحديد القضايا الأمنية والاستراتيجية المثيرة للجدل مع الإدارة الجديدة في المقام الأول".
وكشف أنّ "وزارة الدفاع الإسرائيلية تسعى لصياغة توصيات للطلبات والمقترحات والمطالب ضمن التنسيق والتعاون الأمني مع واشنطن، وهي توصيات متعلقة بالسلوك الإسرائيلي تجاه الإدارة الجديدة، وهذه الأيام تتم مناقشة القضايا الحاسمة بمجلس الوزراء السياسي والأمني برئاسة نتنياهو، وتقوم مؤسسة الدفاع ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ومجتمع المخابرات بإعداد المواد الأساسية وتقديم توصياتهم، وتحديثها بالحقائق النهائية".
وأكد أنّ "كبار مسئولي وزارة الدفاع يطالبون بإجراء الحوار مع إدارة بايدن في البداية، خاصة بين المؤسستين العسكريتين في تل أبيب وواشنطن، لأنّ لديهما عدة هيئات ولجان دائمة يجري فيها الحوار الأمني والعسكري والاستخباراتي: التكتيكي والاستراتيجي، وتجتمع هذه اللجان على فترات منتظمة كل بضعة أشهر، وتناقش القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وأوضح بن يشاي أنّ "اللجنة المشتركة للقيادتين الأوروبية والأميركية للجيش الإسرائيلي، التي تشمل الشرق الأوسط، استمرت في الاجتماعات التي يجلس فيها مسؤولون كباراً من البنتاغون ووزارة الخارجية مع نظرائهم الإسرائيليين، وحان الوقت لتفاهم متبادل عميق بينهما، والاتفاق على الخطوط العريضة للعمل التي لا تعتمد بالضرورة على هوية من يجلسون في البيت الأبيض، أو مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي".
وأضاف أنّ "العلاقة بين الشخصيات في المؤسسة الأمنية الأميركية الجديدة، ونظيراتها في إسرائيل عامل قد يجسر خلافاتهما، حيث يتمتع رئيس الأركان أفيف كوخافي بعلاقات وثيقة وساعات طويلة من الحوار والتنسيق العملياتي مع رئيس الأركان المشتركة للقوات الأميركية مايك ميلي، أما وزير الدفاع المعيّن لويد أوستن، فهو القائد السابق للقوات الأميركية في العراق، وأحد المعارف المخضرمين لغانتس، وكذلك نائب أوستن، الذي عمل معه غانتس ملحقاً عسكرياً في واشنطن".
وأوضح أنّ "القناعة السائدة في تل أبيب تفيد بأن مواجهة وجها لوجه مع إدارة بايدن منذ البداية لن تكون مفيدة، بل قد تضر بمصلحتها، كما حدث في أيام أوباما، ومن أجل عدم الوصول لهذه المواجهة، تم إعداد سلسلة مفصلة من المقترحات والنصائح الإسرائيلية سيتم تقديمها للأميركيين لمساعدتهم على فتح مفاوضات مع طهران، والتأثير على نتائجها إن أمكن، ومن ذلك مطالبة إيران بعدم تطوير وإنتاج صواريخ باليستية".
وأكد أنّ "ثاني أهم قضية من وجهة نظر المؤسسة الإسرائيلية هي إقناع بايدن بالاستمرار بتقوية وترسيخ المعسكر المناهض لإيران في الشرق الأوسط، ويضم الدول العربية المعتدلة وإسرائيل، فبايدن وإدارته لا يخفون نفورهم من انتهاكات حقوق الإنسان في الخليج، وحرب اليمن التي باتت واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في الآونة الأخيرة، وتتحمل السعودية والإمارات مسؤولية استمرارها بدون جدوى، ودون القدرة على الانتصار فيها".
وأشار إلى أنّ "الإدارة الجديدة في واشنطن قد تعارض تنفيذ صفقات السلاح الضخمة المبرمة بين ترامب والسعودية والإمارات، كما أن التطبيع مع إسرائيل سيضر بعلاقات واشنطن مع هذه الدول، مما قد يذهب به للتركيز على ساحة شرق آسيا في المواجهة مع الصين، وتستمر بالتخفيف من انتهاء الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وفي سوريا والعراق بشكل خاص، وهو اتجاه بدأه أوباما، وروج له ترامب".
وذكر أن "هذا الموضوع مصدر قلق كبير للمؤسسة الحربية في إسرائيل، لأن انسحاب الولايات المتحدة من العراق وسوريا سيسمح لإيران بتحويلهما إلى ممر برّي للمحور الراديكالي من طهران إلى عواصم المنطقة".
وأشار إلى أن "القضية الفلسطينية تشكل ملفاً جديدا من الخلافات الإسرائيلية الأميركية، فليس متوقعاً أن يلغي بايدن قرار نقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بالسيادة على الجولان، وهناك قلق أنه مع إنشاء دولتين على أساس الخطوط العريضة لخطة بيل كلينتون، مما سيمنح الفلسطينيين أملاً متجدداً للضغط على إسرائيل بمساعدة واشنطن".
وأضاف أنّه "من المتوقع حدوث مواجهات في الحكومة الإسرائيلية مع الإدارة الأميركية القادمة حول مزيد من القضايا الخلافية، ومنها الوضع في الضفة الغربية، واحتمال تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة، مع أن الجدل حول القضايا المذكورة لن ينشأ على الفور، حيث ستنتظر الإدارة الجديدة في واشنطن بضعة أشهر قبل الشروع بجدية في محاولة حل الصراع مع إيران، أو الخوض في القضية الفلسطينية".
وختم بالقول إن "بايدن وإدارته سينتظرون نتائج الانتخابات الإسرائيلية في آذار، ثم انتخابات "حماس" الداخلية، وربما الانتخابات العامة في السلطة الفلسطينية، وفي حزيران ستكون انتخابات رئاسية في إيران، وحين تنتهي كل هذه العمليات الانتخابية فلن تكون الإدارة الجديدة أكثر تماسكًا مع قضايا الشرق الأوسط الخلافية".
أخبار ذات صلة