08-11-2020
محليات
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداسا في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، عاونه المطرانان جورج بو جوده، ويوسف سويف، النائب العام على الابرشية الخوراسقف أنطوان مخايل، المونسنيور نبيه معوض، والخوري جوزاف فرح، بمشاركة المطران ميشال عون، راعي أبرشية طرابلس وتوابعها للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، وعدد من الكهنة.
حضر القداس النواب: جان عبيد، نقولا نحاس، علي درويش، رئيس حركة الاستقلال النائب المستقيل ميشال معوض، قائد اللواء الثاني عشر العميد الركن المغوار فادي بو حيدر، رئيس اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي الإسلامي المطران شارل مراد ممثلا بمنسق اللجنة الأسقفية للحوار في الشمال جوزاف محفوض، الى فاعليات بلدية، اقتصادية، اجتماعية، أمنية، وأبناء الرعية.
في بداية القداس، تحدث الخوري جوزاف غبش، فقال: "صاحب الغبطة، يا من أعطي له مجد لبنان، أنتم الراعي الصالح والأب الجامع، والمدبر الحكيم. كل عيوننا شاخصة إليكم، أنتم الربان الحكيم، لسفينة الكنيسة والوطن، في خضم الازمات والرياح التي تعصف بنا من كل حدب وصوب. فنحن نعول على حكمتكم لتقودوا الوطن إلى ميناء السلام والأمان والازدهار".
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها: "حان عيد التجديد في أورشليم" (يو10: 22)، قال فيها: "1. تحتفل الكنيسة اليوم بعيدين ليتورجيين هما: تجديد البيعة، وعيد الملاك ميخائيل شفيع هذه الكاتدرائية. ونقيم احتفالا كنسيا ومدنيا بتدشين شوارع مطارنة لهم آثارهم في خدمة الأبرشية ومدينة طرابلس العزيزة وهم أنطون عبد وأنطون جبير وجبرايل طوبيا ويوحنا-فؤاد الحاج. إنها مبادرة حميدة من سيادة المطران جورج بو جوده ورؤساء بلدية طرابلس المتعاقبين، وصولا الى رئيسها الحالي الدكتور رياض يمق. لأنها تذكر بالتاريخ الطويل الذي عاشه الموارنة مع المسلمين فيها، وبنوا معا عيشا مشتركا على أساس من التعاون والتضامن في إنمائها الإجتماعي والإقتصادي والتربوي، وفي شد أواصر الوحدة الوطنية فيها. وقد ردد الطرابلسيون الأحباء: "الحارة من دون نصارى خسارة". فتحية محبة لعائلات طرابلس العزيزة، ولشخصياتها المدنية والسياسية والدينية، ولتراثها العريق. فمن هنا نتوجه إلى الدولة اللبنانية، وبين مسؤوليها كبار من هذه المدينة، أن تخصها وشعبها بعناية إنمائية فائقة كي تستعيد دورها "كمدينة الفقير"، بدلا من أن تكون، كما أصبحت اليوم مدينة الفقراء.
يسرني أن أحيي معكم هذه المناسبات، وأن أقدم لكم التهاني بعيد الملاك ميخائيل، المكرم في هذه الكاتدرائية والمدينة. إنه رئيس الملائكة وخصم الشيطان، كما جاء على لسان النبي دانيال (10: 13)، وفي رسالة يهوذا الرسول (آية 9). ومعروف أنه "المحامي عن شعب الله". يروي يوحنا الرسول في رؤياه أنْ"حدثت حرب في السماء، ميكائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته، فلم يقو عليهم، ولا بقي لهم مكان في السماء، فألقي التنين الكبير، الحية القديمة ذاك الذي يقال له إبليس والشيطان" (رؤيا 12: 7-9). إن إسم ميكائيل يعني "من مثل الله؟" فإليه كمحامٍ عن شعب الله المؤمن والناصر لله نصلي اليوم كي يحرس الملاك ميخائيل الأبرشية وطرابلس العزيزتين، وينصر لبنان.
2.في هذه المناسبة الجميلة تشكر الأبرشية راعيها سيادة أخينا المطران جورج الذي خدمها بتفانٍ مدة خمس عشرة سنة، وترحب براعيها الجديد سيادة أخينا المطران يوسف سويف الذي هو إبنها، يحبها وتحبه. نصلي على نية هذين الحبرين ملتمسين من الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، والقديس مخائيل، رئيس الملائكة، أن يحقق أمنياتهما في رسالتيهما الجديدتين.
3.كل هذه الإحتفالات تندرج في إطار التجدد الذي تنطبق عليه كلمة الإنجيل: "حان عيد التجديد في أورشليم" (يو 10: 22). إنه اليوم عيد الدعوة للتجديد في حياتنا الشخصية، وفي مؤسساتنا. وكم نتوق أن يتحقق في دولتنا بوجوه مسؤولين جددٍ فيها، وبنهجها وبمؤسساتها الدستورية كافة. فالمسيح الرب أتى "ليجعل كل شيء جديدا" (رؤيا 21: 5). أجل، لقد "حان عيد التجديد" (يو 10: 22). ويسعدني ان أقدم معكم ومع جالياتنا في مختلف الولايات المتحدة التهاني مع اطيب الدعاء للرئيس المنتخب السيد جو Biden، راجين له النجاح في خدمة اميركا والسلام في العالم وحقوق الشعوب.
في كلام الرب يسوع في سياق جدال اليهود معه، كما سمعنا في الإنجيل، يكشف لنا ربنا حقيقتين أساسيتين يرتكز عليهما إيماننا وكل تجدد. الأولى إعلانه أنه المسيح، المرسل من الآب، ويعمل أعمال الآب. يسمي المؤمنين به خرافه، وهو راعيها الصالح. هم يسمعون صوته ويتبعونه، وهو يعرفهم ويحميهم من الذئاب الخاطفة. الثانية إعلانه أنه إبن الله، المساوي للآب، وهو معه واحد. إلى وحدة الشركة بين الآب والإبن يدعونا ربنا لندخل بالإيمان والصلاة، ونعيشها فيما بيننا وفي المجتمع، ونعمل على شد أواصرها، واضعين حدا للنزاعات والخلافات والعداوات.
4. عندما يتجدد الأشخاص تتجدد المؤسسات والمجتمعات. فالتجدد هو إصلاح العيوب التي شوهت وجه الإنسان والكنيسة والمجتمع والوطن مع مرور الزمن. فلا بد من العودة إلى الهوية الأساسية، إلى نقطة الإنطلاق، ومقابلتها مع الحاضر. وهذا أمر ضروري، لأننا كلنا بشر وعرضة للسقوط. التجدد يوجب عدم ترك الأمور كما كانت. في الكنيسة، هذا التجدد يجب أن يطال الأشخاص والمؤسسات التربوية مدارس وجامعات، والهيكليات الراعوية كالأبرشية والرعية، والحركات والمنظمات الرسولية. فيصبح الجميع أكثر إشعاعا وانفتاحا.
5. لكن التجدد لا يقتصر على الكنيسة فقط، بل يشمل الدولة أيضا، بمواطنيها ومسؤوليها وهيكلياتها ومؤسساتها، لكي يتأمن فيها الخير العام، والسلام الإجتماعي، وبناء شعب تسوده الوحدة والوفاق والتضامن. لا نعني بالسلام الإجتماعي غياب العنف، بل بناءه يوما بعد يوم على أساسٍ من العدالة الأكمل بين المواطنين، كما نعني الإنماء الشامل والمتوازن بين مختلف مناطق البلاد (راجع فرح الإنجيل 218-219).
6. ما يؤسف له حقا، عندنا في لبنان، أن الجماعة السياسية تحارب التجدد في أدائها وممارساتها، وتحارب الإصلاح المطالب به دوليا في الهيكليات والقطاعات. كنا ننتظر، مع الشعب الجائع والمنكوب والمتروك جريحا على قارعة الطريق، حكومة إختصاص على قياس التحديات المصيرية. فنسمع بتشكيل حكومة محاصصة، بدلا من حكومة تعتمد المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية من دون استثناءات، وعلى أساس من الإختصاص والكفاية (راجع المادة 95/ب من الدستور). فمن غير المقبول على الإطلاق أن يسيطر على الحكومة فريق، ويقرر شكلها فريق، ويختار حقائبها فريق، ويعين أسماء وزرائها فريق، فيما الآخرون مهمشون كأنهم أعداد إضافية. كفوا أيها السياسيون النافذون عن انتهاك الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني. ما بالكم ترفعون لواء المبادرة الفرنسية، وتعملون بعكسها؟ أسسوا لسلام جديد، لا لثورة جديدة! أسسوا لوطن الدولة الواحدة، لا لوطن الدويلات!
7. كنا ننتظر من الوزارات المعنية وبلدية بيروت أن تهب لمساعدة منكوبي إنفجار المرفأ وأهالي الضحايا وأصحاب المنازل المتهدمة، فإذا بها في غياب شامل وإهمال كأنهما مقصودان، فيكونا جريمة ثانية إلى جانب جريمة الإنفجار. إننا ننتظر تحقيقا عدليا يشمل الوزراء المعنيين المتعاقبين والمسؤولين الإداريين والموظفين، منذ إدخال كمية ال 2755 طنا من نترات الأمونيوم المحظورة مثل الأسلحة إلى المرفأ وإيداعها في العنبر رقم 12 مع كميات كبيرة من المواد السريعة الإحتراق، من دون أن يجهز هذا العنبر بأي آلية إطفاء، فيا لجرم الإهمال وعدم الإكتراث! إليك أيها الرئيس فادي صوان، المحقق العدلي تتجه جميع الأنظار، وبخاصة أنظار أهالي الضحايا والمنكوبين والمعوقين، وأنظار الكنيسة والمجتمع بعد أكثر من ثلاثة أشهر سادها صمت مطبق يثير القلق. إنها ساعة القضاء النزيه والشجاع:فإما يستعيد الثقة به، وإما يفقدها بالكلية. لا أحد فوق القضاء سوى الله. قال أحد قضاتنا اللبنانيين: يخسر القاضي نصف قوته، عندما يخاف من الأقوياء؛ ويخسر النصف الثاني عندما يظلم الضعفاء!.
إن أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت العشرة، ينتظرون إنصافهم وعزاءهم بإعلان أبنائهم شهداء الواجب، ومعاملتهم والتعويض عنهم مثل شهداء الجيش وعائلاتهم. وهي الآن ساعة إنصاف رجال الإطفاء المعرضين حياتهم دائما للخطر.
وفي المناسبة، لا بد من توجيه تحية شكر وتقدير لنقابة محامي بيروت ولفريق المحامين الذين يتولون مجانا متابعة ملفات المتضررين وقد بلغت 1333 ملف إدعاء. إنها صورة جميلة عن القضاء والمحاماة.
8. نحن والشعب نريد حقا عدالة تكشف الفساد والمفسدين، ولكن نريدها عدالة شاملة لا انتقائية؛ عادلة لا ظالمة؛ حقيقية لا كيدية؛ قانونية لا سياسية. لذا نطالب أن يشمل التحقيق في آن كل المؤسسات المعنية بأموال الدولة والمواطنين: من مصرف لبنان إلى وزارات المالية والطاقة والأشغال العامة والداخلية والإتصالات والبيئة وسواها، ومن مجلس الإنماء والإعمار إلى مجالس المناطق ومجالس إدارات المصالح المستقلة، وصولا إلى جمعيات مختلفة الهويات التي تلقت أموالا وبددتها.
وفي كل ذلك، يجب تجنب العبث بمصير المؤسسات الوطنية،أكانت عسكرية أم أمنية أم قضائية أم مالية، التي هي في أساس منعة لبنان. فإن محاكمة المسؤولين فيها لا تعني إدانتها كمؤسسة عامة بحد ذاتها.
9. إلى الله العادل والرحوم نرفع صلاتنا، بشفاعة أمنا مريم العذراء ومار ميخائيل رئيس الملائكة، كي ينتصر الحق على الباطل، والعدل على الظلم، والرحمة على تحجر القلوب. ونرفع نشيد المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار