مباشر

عاجل

راديو اينوما

اتفاقية الشراكة والخيار المفترض ايران في الحضن الصيني!

19-10-2020

تقارير

ريمون زيتوني

<p>صحافي لبناني</p>

كثرت في الآونة الأخيرة التخمينات والتوقعات حول مستقبل العلاقة بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية ايران الاسلامية

 مسودة اتفاقية الشراكة التي تم تسريبها مؤخرا تلقي بعض الضوء على مستقبل العلاقة بين بكين وطهران بحيث تشير الى توسع الوجود الصيني بشكل كبير في قطاعات المصارف والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية وقطاعات أخرى مختلفة. في المقابل تحصل الصين على امدادات منتظمة ومخفّضة للغاية من النفط الايراني على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة. كما تتضمن المسودة تعاونا عسكريا واسعا ما يمنح الصين موطئ قدم في منطقة كانت تمثل الشغل الشاغل للولايات المتحدة منذ عقود.

هذه الشراكة التي اقترحها الزعيم الصيني شي جين بينغ ابان زيارته ايران عام 2016، حازت على موافقة حكومة الرئيس روحاني. في هذا السياق أكد مسؤولون ايرانيون أن هناك اتفاقا معلقا مع الصين لم يتم تحويله بعد الى البرلمان الايراني لاقراره أو الاعلان عنه، مما أثار الشكوك في ايران حول مدى استعداد الحكومة للتنازل عن الاقتراح الصيني. وعلى المقلب الثاني بقيت مسودة الشراكة طي الكتمان بحيث لم يخرج عن بكين أي تصريح بهذا الخصوص.

يشير المراقبون الى أنه اذا نفذت اتفاقية الشراكة فان اسفينا جديدا سيدق في حجر العلاقات المتدهورة بين بكين وواشنطن بحيث أنها توجه ضربة موجعة لسياسة ادارة الرئيس الاميركي ترامب العدائية تجاه ايران منذ انسحابه من الاتفاق النووي الذي ابرم عام 2015 مع الرئيس اوباما وقادة ست دول أخرى.

ضاق الخناق على طهران بسبب العقوبات الاميركية المتجددة ما اضطرها الى الارتماء في أحضان بكين التي تمتلك التكنولوجيا والنفط وهذا ما احتاجته ايران بشدة بعد أن كانت واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، بحيث تراجع انتاجها بعد العقوبات التي فرضتها ادارة ترامب عام 2018 (تحصل الصين على حوالي 75% من نفطها من الخارج وتعد أكبر مستورد في العالم، بأكثر من 10 ملايين برميل يوميا العام الماضي).

في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من الركود ومواجهة الـ Covid_19 استشعرت بكين الضعف الأميركي، وتظهر مسودة اتفاقية الشراكة مع ايران أن الصين في وضع قوي يسمح لها بتحدي الولايات المتحدة ومواجهة عقوبات ادارة ترامب كما فعلت أثناء الحرب التجارية عليها.

يصل مجموع الاستثمارات الصينية في ايران، حسب مسودة اتفاقية الشراكة، الى 400 مليار دولار على مدى 25 عاما، وهذا ما يحفز المزيد من الاجراءات العقابية ضد الشركات الصينية التي استهدفتها ادارة ترامب في الاشهر الماضية.

وردّا على اتفاقية الشراكة المفترض توقيعها بين بكين وطهران، اعتبرت واشنطن أن السماح للشركات الصينية بالقيام بانشطة تجارية خاضعة للعقوبات مع النظام الايراني، يقوّض هدف الصين المعلن والمتمثل في تعزيز الاستقرار والسلام.

من جهة ثانية، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان ردا على سؤال يتعلق بالمسودة " أن الباب مفتوح أمام احتمال وجود صفقة قيد الاعداد وأن الصين وايران تتمتعان بصداقة تقليدية" وأكد على "استعداد الصين للعمل مع ايران من أجل تعزيز التعاون العملي بشكل واسع".

كل المشاريع التي ذكرتها المسودة تتيح للجمهورية الصينية تعزيز نفوذها الاقتصادي والاستراتيجي عبر أوراسيا من خلال مبادرة "الطريق والحزام" من جهة، وتؤثر ايجابا على حياة الملايين من الايرانيين من جهة أخرى. فحسب اتفاقية الشراكة ستطور الصين مناطق تجارة حرة في ماكو شمال غرب ايران، في عبادان حيث يتدفق نهر شط العرب في الخليج العربي وعلى جزيرة قشم الخليجية.كما تتضمن الاتفاقية مقترحات صينية لانجاز البنية التحتية لشبكة اتصالات 5G، ولتقديم نظام تحديد المواقع العالمي الصيني الجديد BeiDou وأيضا لمساعدة السلطات الايرانية على تأكيد سيطرة أكبر على ما يتم تداوله في الفضاء الالكتروني كما يفترض أن يفعل جدار الحماية الصيني العظيم China s Great Firewall 

ان اصرار الصين على تنفيذ برنامجها الاستثماري في ايران ان دل فعلى رفض بكين للسياسات العدائية التي تتّبعها ادارة ترامب بعد انسحابها من الاتفاق النووي. فكانت دعوات متتالية من قبل الصين الى عدم الانسحاب من الصفقة وتنديد باستخدام الولايات المتحدة لعقوبات أحادية الجانب.

تتجه ايران تقليديا غربا باتجاه اوروبا من أجل شركاء التجارة والاستثمار. ولكن، على الرغم من ذلك، ازداد احباطها من الدول الاوروبية التي تخلت عن وعودها عند ابرام الاتفاق النووي، رغم معارضتها لسياسة ترامب.

وقد أشار علي غول زاده الباحث في مجال الطاقة بجامعة العلوم والتكنولوجيا في منطقة هيفاي الصينية، الى أن "كل من ايران والصين تنظران الى هذه الصفقة على أنها شراكة استراتيجية ليس فقط في توسيع مصالحهما المشتركة ولكن في مواجهة الولايات المتحدة أيضا".

أثارت مسودة اتفاقية الشراكة جدلا واسعا داخل ايران بحيث واجه وزير خارجيتها ظريف استجوابا عدائيا بشأنها في البرلمان الايراني.

من جهة ثانية أكد المؤيدون الايرانيون لاتفاقية الشراكة أنه بالنظر الى الخيارات الاقتصادية المحدودة للبلاد، والآفاق غير المنظورة لرفع العقوبات الاميركية، يمكن لهذ الشراكة أن توفر شريانا حيويا للجمهورية الايرانية.

في المقابل، أثار النقاد السياسيون في ايران مخاوفا من أن الحكومة ترتمي كليا بأحضان الصين في لحظة ضعف اقتصادي وعزلة دولية، فوصفوها بالـ"مشبوهة" مستشهدين بمشاريع الاستثمار الصينية السابقة التي تركت دولا في أفريقيا وآسيا مثقلة بالديون. كما أعربوا عن قلقهم من صفقة الموانئ المقترحة في ايران بما فيها اثنين على طول ساحل بحر عمان سيمنحان الصينيين موقعا استراتيجيا في المياه التي يمر عبرها معظم نفط العالم. ويمثل هذا الممر أهمية استراتيجية حاسمة للولايات المتحدة الاميركية حيث يقع مقر اسطولها الخامس، في البحرين، في الخليج.

وبالفعل قامت الصين ببناء سلسلة من الموانئ على طول المحيط الهندي مما أدى الى انشاء عقد من محطات التزويد بالوقود واعادة الامداد من بحر الصين الجنوبي الى قناة السويس. قد يبدو أن الموانئ تجارية بطبيعتها ولكن من المحتمل أن يكون لها قيمة عسكرية مما يساهم في توسيع النفوذ الصيني في المنطقة. وتشمل هذه الموانئ ميناء هامبانتوتا في سريلانكا وجوادار في باكستان والتي يتم انتقادها على نطاق واسع باعتبارها موطئ قدم لوجود عسكري محتمل على الرغم من عدم نشر قوات صينية رسميا عليها.

كما عززت الصين تعاونها العسكري مع ايران بحيث زارت بحرية جيش التحرير الشعبي المناورات العسكرية وشاركت فيها ثلاث مرات على الأقل بداية عام 2014، وكان آخرها العام الماضي عندما انضمت مدمرة الصواريخ الصينية شيننغ الى مناورة مع البحرية الروسية والايرانية في خليج عمان. يومها أعلن قائد البحرية الايرانية الأدميرال حسين خان زاده أن " عصر الغزو الأميركي للمنطقة قد انتهى"

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.