29-09-2020
محليات
رغم اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تمديد مهلة مبادرته لستة أسابيع، فإن المبادرة انتهت فعليا. كل القوى السياسية بانتظار ما ستؤول اليه نتائج الانتخابات الأميركية، على أن يحدد الأمين العام لحزب الله، مساء اليوم، موقف الحزب من كلام ماكرون و«عبارات التهديد والوعيد» التي تضمّنها. موقفٌ مهّد له الحزب أمس برسالة إلى ماكرون مفادها: «إلزَم حدودَك»
هو اليوم الأول من عمر الرتابة السياسية التي يبدو أنها ستدوم طويلا. لا اتصالات بين السياسيين وزحمة مشاورات واجتماعات. مدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مبادرته لستة أسابيع، لكن الكل يدرك مسبقا أن لا حكومة في الأفق. ليس قبيل صدور نتائج الانتخابات الأميركية وتبيان طريقة عمل واشنطن الجديدة حيال ملفات المنطقة. خلال الشهر الماضي، دأب السياسيون على انتظار الرئيس الفرنسي وحاشيته حتى يمليا عليهم التوجيهات، فينفذون من دون اعتراض. هؤلاء أنفسهم، باتوا ينتظرون قرارا أميركيا في تشرين الثاني المقبل، ويترقبون في الوقت عينه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم. رغم أنه من غير الواضح بعد اذا ما كان نصرالله سيوجه كلاما قاسيا الى ماكرون نتيجة «الاتهامات» التي كالها الى حزب الله في مؤتمر يوم أول من أمس، أم أن الخطاب سيأتي حازما في المضمون وهادئاً في الشكل. الحزب يبدو شديد الاستياء من تعابير الرئيس الفرنسي الذي لا يملك الحق في استخدامها خصوصا أن الحزب تحلى بصراحة تامة معه خلال اجتماع 1 أيلول الماضي في قصر الصنوبر. اذ جرى ابلاغه يومها بوضوح بما يقبله الحزب وبما يعارضه؛ وطوال الفترة اللاحقة سواء عند الاستشارات أو عند التأليف، أو في لقاءات مع مسؤولين فرنسيين في بيروت، بقي الحزب على موقفه من دون أي تعديل. استياء الحزب عبّرت عنه محطة «المنار» التلفزيونية خلال مقدمة نشرة الأخبار مساء أمس، فتوجهت الى ماكرون بالقول: «أخطأت الاسلوب وضللت العنوان، واشتبهت على ما يبدو بين دور الرعاية وفعل الوصاية». واعتبرت القناة أن كلام الرئيس الفرنسي «ينمّ عن حراجة موقفه بعد تعثر مهمته بفعل حلفائه الاميركيين وادواتهم في المنطقة ولبنان»، رافضة «رسالة التهديد والوعيد، والوعظ وتوزيع الاتهامات، في مكان كلبنان». وسأل الحزب، عبر «المنار»، عن الدور الذي سيبقى لماكرون في البلد إن هو «نسخ الموقف الاميركي وتماهى مع الموقف الاسرائيلي وبعض العربي، فمال طرفا». وطالب حزب الله، عبر قناته التلفزيونية، بنشر نص المبادرة وما حوته ليعرف اللبنانيون من عطل ومن سهل، «الا اذا كان المطلوب من حزب الله حركة امل والاكثرية النيابية ان يسلموا الحكومة باكملها وبهذا الظرف الحساس من عمر الوطن لمفخخي المبادرة؟». وأوصت ماكرون بالاطلاع على الواقع اللبناني «الذي لا يشبه ما ينقله بعض مستشاريه ولا وسائل الاعلام المنتقاة في مؤتمره الصحافي العاملين ضمن جوقة العشرة مليارات دولار الاميركية المصروفة في لبنان».
عون لن يدعو لاستشارات نيابية سريعة لكي لا تتكرر تجربة أديب
من جهته، رفض النائب علي حسن خليل التعليق على ما ورد في خطاب ماكرون، مشيرا في حديث تلفزيوني الى أن «المبادرة التي اتفق على تفاصيلها مكتوبة وموزعة ومعروف ما ورد فيها». وأكد أن «لا اتصالات أو مشاورات حاليًا على المستوى الداخلي في الشأن الحكومي»، لافتًا إلى أنّ «لا شيء يمنع التشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري». في غضون ذلك، تؤكد مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار أن مفاوضات تأليف الحكومة ستركّز في الأسابيع المقبلة على «الاتفاق على قواعد تأليف الحكومة قبل الاتفاق على تكليف رئيس لها». وفي هذا الإطار، لا يزال عون متريثا ولن يدعو سريعاً الى استشارات نيابية لتكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة، «كي لا تتكرر تجربة مصطفى أديب»، على ما تقول مصادر بعبدا. لكن رئيس الجمهورية، وخلال استقباله سفير فرنسا برونو فوشيه بمناسبة انتهاء عمله الدبلوماسي في لبنان، أبدى تمسكه بالمبادرة الفرنسية منوهاً «بالاهتمام الذي يبديه الرئيس الفرنسي حيال لبنان واللبنانيين». وأسف عون لـ«عدم تمكن أديب من تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة لجهة الاصلاحات التي يفترض ان تتحقق سواء تلك التي تحتاج الى قوانين يقرها مجلس النواب أو تلك التي ستصدر عن الحكومة بعيد تشكيلها ونيلها الثقة». وتشير أوساط التيار الوطني الحر إلى أنه «كان ولا زال مسهلا لما تم الاتفاق عليه في قصر الصنوبر». وأضافت أن «التيار لم يعرقل ولم يفرض مطلبا أو شروطا غير احترام الدستور ووحدة المعايير واحترام موقع ودور رئاسة الجمهورية».
الحريري مُحرَج
على مقلب آخر، وبعد أن انشغلت الأوساط السياسية وعمت الاحتفالات بين قواعد تيار المستقبل نتيجة ما سربه موقع «روسيا اليوم» قبيل خطاب ماكرون أول من أمس، عن اتصال بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تم الاتفاق خلاله على ترؤس سعد الحريري الحكومة المقبلة، تراجعت القناة الروسية عن الخبر امس، بعدما تبيّن أنه غير دقيق. وسرعان ما عدّلت «روسيا اليوم» عنوان الخبر، واكتفت بنشر بيان مكتب الحريري الاعلامي الذي يؤكد فيه عدم ترشحه لرئاسة الحكومة مع تشديده على «موقفه الداعم لمبادرة الرئيس الفرنسي والمسهل لكل ما من شأنه إنجاحها بصفتها الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف انهيار لبنان». وعلمت «الأخبار» بأن «روسيا اليوم» وجّهت تأنيباً لمراسلتها التي نقلت الخبر من دون التحقق من مصادر أخرى، وكانت ضحية المصدر الذي دسّ لها هذا الخبر، والذي رجّحت مصادر روسية مطلعة انه «مصدر باريسي قريب من الحريري». وفي السياق عينه، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الأخبار» إن الأخير اطفأ محركاته بعد اعتذار أديب عن عدم تأليف الحكومة السبت الفائت. وبحسب المصادر، فإن الحريري يرى نفسه في موقف حرّج، فهو غير قادر على مواجهة حزب الله، ولا هو قادر في الوقت عينه على مواجهة واشنطن والرياض اللتين تريدانه رأس حربة في مواجهة الحزب.
أخبار ذات صلة