25-09-2020
مقالات مختارة
نون
نون
يتمتع السياسيون في لبنان بأعصاب حديدية صمّاء، لا نبض لها، ولا إحساس، ولا حتى حد أدنى من التفاعل مع الناس، ومشاركتهم هواجسهم ومخاوفهم من دوامة الأزمات، وقلقهم على الغد وعلى مصير ومستقبل أولادهم.
لا همّ لهم سوى البحث عن مغانم السلطة والنفوذ، والتنافس في المحاصصات، والتسابق على الدسم من الوزارات، واللهث وراء الكراسي والمناصب والصفقات، ولسان حال كل واحد منهم يقول: من بعدي الطوفان!
الواقع أن الطوفان يجتاح لبنان من جنوبه إلى شماله، وفي مختلف مناطقه، والإنهيار يكبر يوماً بعد يوم، ويطال مختلف القطاعات المعيشية، ويشمل مقومات وجود الدولة، حيث إجتاحت الإنهيارات النظام المصرفي، والنظام التربوي، والنظام الصحي والإستشفائي، والنظام السياحي، والنظام الإجتماعي، بعدما سقطت الطبقة الوسطى، وإرتفعت معدلات الفقر إلى مستوى وصول نصف الشعب اللبناني إلى خط الفقر!
كل هذا الواقع المأساوي، وما يفرزه من مصائب يومية، تُصيب اللبنانيين بأفدح الخسائر، لم تُحرّك ضمائر المعنيين للإسراع في تأليف الحكومة، وإطلاق ورشة الإنقاذ والإصلاح، والتجاوب مع كل المحاولات والجهود المضنية التي يبذلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لإخراج البلد من الهاوية التي سقط فيها، وجاء زلزال المرفأ ليُكمّل صورة المأساة الإغريقية التي تلف الوطن وشعبه المعذب.
قرابة الشهرين ونيف مضت على إستقالة الحكومة، والبحث السفسطائي مازال أسير لعبة الكراسي والحقائب، بعيداً عن أبسط قواعد الإصلاح، التي تبدأ بإبعاد الوباء السياسي عن تركيبة الحكومة العتيدة، وإعتماد مبدأ المداورة وتغليب معايير الكفاءة والخبرة والإختصاص، على علاقات الأزلام والمحاسيب.
عندما وافق رؤساء الكتل النيابية مع الرئيس الفرنسي في إجتماع قصر الصنوبر الأخير، على تشكيل حكومة جديدة، لم يخض سيد الأليزيه بتفاصيل مواصفات الحكومة، ولكنه شدد على الحاضرين على ضرورة إعتماد الكفاءة كمقياس أساسي في إختيار الوزراء الجدد.
والمحاصصات مازالت ناشطة في عرقلة ولادة الحكومة الإنقاذية العتيدة!
أما التعهد بتنفيذ وصية الرئيس الفرنسي فمازال مجرد كلام بكلام !!
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار