22-09-2020
محليات
سابين عويس
سابين عويس
حسناً فعل رئيس الجمهورية باستدراكه ولو متأخراً أن البلاد تتجه نحو الجحيم، ولو هو أغفل أنها أساساً واقعة فيه منذ فترة في ظل الانهيار الاقتصادي والإفلاس المالي والتدهور الصحي والاستشفائي والتعليمي، والانفجار الاجتماعي.
قبل أشهر، وفي حديث تلفزيوني، دعا الرئيس اللبنانيين الذين ضاقت سبل العيش بهم الى الهجرة، وما انفك يكرر هذه الدعوة لدى سؤاله عن أفق المستقبل، لكنه لم يبلغ مرة وعلناً الصراحة التي بلغها اليوم بوضع الجحيم خياراً أخيراً أمام الشعب.
بقطع النظر عن الرسائل السياسية التي وجهها عون في كلمته وحواره مع الصحافيين في قصر بعبدا، فهو اعترف بأمرين خطيرين جداً، تكمن خطورتهما بأنهما إخراج السلطة من حال الإنكار التي تعيش فيها من دون تقديم أي مخارج.
فرئيس الجمهورية، لدى سؤاله عن الوضع المالي والدعم الذي يوفره المصرف المركزي، قال بوضوح إن المال ينفد. ما يعني أن السلطة تدرك تماماً ما ينتظر اللبنانيين بعد نفاد الاحتياطي، ولا تحرّك ساكناً لإخراج البلاد من الحلقة السياسية المفرغة التي تدور فيها على خلفية تناتش مواقع ومحاصصات تحت شعارات الدستور والميثاق.
أما الخطورة الثانية فتكمن في الأفق المظلم الذي رسمه رئيس الجمهورية لمستقبل البلاد بعدما بات واضحاً أن التصلب في المواقف السياسية لدى مختلف الأفرقاء الناجم عن عقدة وزارة المال، مستمر ولا مؤشرات حلحلة، ما يهدد بسقوط المبادرة الفرنسية، مع كل ما يعنيه سقوط كهذا من وقوع لبنان في محظور العزل والنسيان. إذ لن يبقى البلد على الرادار الدولي كما حصل بعد انفجار الرابع من آب (أغسطس) الماضي، ولن يبقى الانفتاح عليه قائماً لفتح ثغرة في جدار الأزمة. أما الرهان على التغيير الآتي الى الإدارة الأميركية، الذي يعوّل عليه الفريق الحاكم ويدفعه الى التشدد ورفع السقف وعدم تقديم أي تنازل، في انتظار خروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، فسيكون حكماً راهناً خاسراً، ليس لأنه محفوف باحتمالات بقاء الرجل في موقعه فحسب، بل لأن احتمالات تغيير السياسة الأميركية تجاه المنطقة وإيران ومن ورائها لبنان ضعيفة جداً، في ظل إجماع الجمهوريين والديموقراطيين على الاستمرار في سياسة الضغط الاقتصادي والمالي. علماً أنه لا بد من التذكير بأن الأوضاع في لبنان لم تعد تحتمل اللعب على حافة الهاوية كسباً لوقت يُهدر من دون أن يترافق مع إجراءات داخلية تفرمل المسار الانحداري الحاصل.
الثابت حتى الآن أن المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية الرامية الى إلغاء التوزيع الطائفي على الحقائب السيادية، لن تلقى الصدى لدى الثنائي الشيعي الذي يرى فيها استعصاءً ومزيداً من التعطيل، كما تقول الأوساط القريبة منه. فالحل في رأيها لم يعد يتوقف على تشكيل حكومة، بل يذهب أبعد، ويفترض وضعه على الطاولة قبل الحكومة، ويقضي ببدء الحوار على إصلاح النظام السياسي.
وفي ظل هذا التصلب، يستمر الانحدار بوتيرة متسارعة ومن دون أي فرامل تحد من وطأته أو ارتداداته. ولعله لن يترك أمام المتناتشين سلطة فارغة ما يتنافسون عليه. فجهنم فُتحت على مصراعيها قبل أن تكون خياراً بديلاً لعدم قيام حكومة!
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار