19-09-2020
محليات
كتبت وكالة "المركزية":
الاهم من انقاذ المبادرة الفرنسية، إنقاذ لبنان واقتصاده وماليته المحتضرة. فماذا ينفع الناس الجائعة والفقيرة والمريضة، لو تمكنت باريس من جر القوى السياسية الى الاتفاق في ما بينها على تشكيل حكومة، تكون على شاكلة الحكومات السابقة التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم؟
القراءة هذه تجريها مصادر سياسية مراقبة عبر المركزية، معتبرة ان الهدف الاول والاكثر الحاحا اليوم هو طبعا تأليف حكومة، لكن ليس اي حكومة! باريس مصرة على الدفع نحو هذه الولادة، لان رصيد رئيسها ايمانويل ماكرون السياسي فرنسيا واقليميا ودوليا بات على المحك، وصورته ستتأثر بقوة امام القوى الكبرى اذا اخفقت مبادرته الانقاذية. وعليه، بات يرى ان تأليف الحكومة هو الهدف بحد ذاته، بغض النظر عن شكلها وتفاصيلها بعد ان لمس ورأى بأم العين، على المدى الاسبوعين الماضيين، حجم التعقيدات السياسية المحلية، وأذهلته قدرة بعض الاطراف على النكث بتعهداتها والانقلاب عليها بين ليلة وضحاها!
غير ان اللبنانيين كشعب منتفض، وكقيادات "سيادية"، يفترض الا يضيعوا البوصلة والا يرضخوا لاي ضغوط قد يمارسها عليهم الفرنسي او سواه، فيرفضون التنازل، من باب المونة او للمجاملة، عن المسلمات التي بات الجميع يعرفها، لتتمكن الحكومة العتيدة من قيادة البلاد الى بر الامان من جديد.
بشكل اوضح، تتابع المصادر، لا يمكن استنساخ حكومة حسان دياب، فيكون الوزراء اختصاصيين نعم، لكن مختارين من قوى سياسية تتحكم بقراراتهم. وحتى ولو وافق الفرنسي على ذلك - كما أشيع - من الضروري الا يتم تكريس حقائب لطوائف معينة، ما يخلق أعرافا جديدة ستتحول الى ثوابت في المرحلة المقبلة. أي لا يمكن البصم اليوم على ان وزارة المال باتت حقا للطائفة الشيعية، فذلك غير وارد في الدستور ويمهد لمثالثة مبطنة.
على اي حال، فإن المداورة يجب ان تحصل هذه المرة، ولو لم تلحظها المبادرة الفرنسية. فالوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد يحتاج خطوات استثنائية. وبعد ان اثبتت القوى السياسية التي تسلمت على مدى سنوات الطاقة والمالية والاتصالات (...) فشلا ذريعا، من البديهي ان يصار الى تسليمها لشخصيات جديدة، قادرة على تحقيق فرق في الاداء.
من هنا، تقول المصادر ان جهود ماكرون، بدل ان يضيعها في اتصالات يجريها يوميا مع القوى المحلية لتليين مواقفها والطلب منها ان تضع الماء في نبيذها، من المفيد أكثر ان يحوّلها نحو ايران. فلا خلاص الا اذا تدخلت الاخيرة لدى الثنائي الشيعي، طالبة منه تسهيل تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وان يتراجع عن اصراره على المالية وعلى الجلوس بوضوح داخل مجلس الوزراء العتيد.
فاذا كان نجاح مبادرة ماكرون ثمنه خضوع الجميع في الداخل لشروط الثنائي ومطالبه، فإن الحكومة المرتقبة لن تكون قادرة على التواصل لا مع الغرب ولا مع العرب، وستكون ثبّتت اكثر لبنان كورقة في يد حزب الله وايران... وعندها، سيكون بلد الارز، بدولته وشعبه واقتصاده، اكبر ضحايا هذه المبادرة!
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار