28-08-2020
محليات
لكنّ كثيرين من أهالي التلامذة لم يستطيعوا إبقاء أولادهم في مدارسهم ولجأوا إلى طلب المساعدات من المدرسة أو إلى نقلهم إلى المدرسة الرسمية، بسبب شدّة الأعباء المعيشية جراء ارتفاع سعر صرف الدولار، إذ إنّ منهم من يقبض نصف راتب، ومنهم من توقّف عن عمله. لكن مشكلة الأقساط العالقة من العام الدراسي الماضي لم تنته بعد، فبعد أزمة تسديد أقساط الفصل الثالث الذي قضاه التلامذة في المنزل بسبب انتشار الوباء، ما زال البحث قائماً في التسويات بين الأهالي والمدارس، بموازاة تردٍّ إضافي في الوضع المعيشي والاقتصادي، لا سيّما بعد الصرف الذي طال آلاف الأساتذة. فهل تتمنّع المدارس عن تسجيل التلميذ الذي لم يسدّد قسط العام الماضي؟ وهل ترتفع الأقساط مع ارتفاع الدولار، خصوصاً في ظل التعليم الهجين أي الذي سيتضّمن التعليم من بعد بسبب انتشار الوباء والتعليم في المدرسة، والذي يكلّف الأساتذة أكثر، من تكاليف إنترنت وغيره؟
المفاوضات ما زالت سارية حتى الآن رغم المساعدات المالية التي توفّرها المدارس. ولم تتلقَّ أيّ من المدارس أية مساعدة مالية من الحكومة رغم إقرارها مبالغ مالية لدعم التعليم.
مدرسة "أمجاد" قررت حسم 25% من الأقساط بعد قرار إغلاق المدارس، إضافة إلى تقديم مساعدات إضافية للأهالي الذين يعانون من ضائقة مالية، كلّ حسب وضعه المادّي. ويبلغ قسط الصف المتوسط 5675000 ليرة، وقسط الصف الثانوي 6575000 ليرة، ولن يتغيّرا هذه السنة. وتسجّل المدرسة التلامذة رغم أنّ هناك بعضاً من أهاليهم لم يسدّدوا أقساط العام الماضي كلّه، إلّا أنّها تعقد معهم تسويات بالاتفاق على آلية لدفع الأقساط المتبقّية، لكن لا يمكنها تسجيل من تفاقمت عليه مبالغَ ضخمة، فهناك مبلغ هائل من الأقساط المدرسية للعام الماضي لم يُسدّد بعد، وفق المدير المالي في المدرسة.
من جهته، أكّد أحمد علامة، رئيس مجلس إدارة مدرسة "Saint Georges"، أنّ الأقساط بقيت على حالها بالليرة اللبنانية، فهي تراوح بين أربعة إلى خمسة ملايين من صفوف الروضة حتى الثانوية. وقامت الإدارة ببعض التسويات مع بعض أهالي الطلاب لمَن يريد أن يبقى ولمَن أراد الانتقال إلى مدارس أخرى، لتسديد الأقساط المتبقّية وتسجيلهم من جديد، فرواتب المعلّمين للعام الماضي لم تُسدّد أيضاً بعد. وقرّرت المدرسة هذه العام، تقديم حسومات على الأقساط لبعض الأهالي، كلٌّ وفق وضعه من 25 إلى 45% بسبب الوضع الاقتصادي الذي فُرِضَ عليهم، فمنهم من يقبض نصف راتب، ومنهم من توقّف عن عمله.
أمّا مدرسة "Rawdah high school"، فاستبدلت الكتب الأجنبية الباهظة التي كان يدرس فيها التلامذة بالكتب المحلية، وتساهلت من حيث القبول بكتبٍ مستعملة، والسماح باستخدام دفاترَ من السنةِ الماضية، وقدّمت خدمات الدروس الخصوصية مجاناً للطلاب نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وفق مدير المدرسة محمد شلهوب.
أقساط المدرسة تراوح بين 8475000 إلى 10850000 ليرة، من الروضة حتى الثانوية، وتزيد هذه الأقساط في برنامج التعليم الأميركي. ويصل الحسم على الأقساط وفق وضع الأهالي المستجّد حالياً نتيجة الأوضاع الاقتصادية من 20 إلى 40 %.
أزمة العام الدراسي تلوح في الأفق
"ما زلنا حتّى الآن لا نعرف ما إذا سيكون هناك زيادة على الأقساط في المدارس الكاثوليكية، لأنّ هناك قانوناً ينظّم الموازنة ولا تُنَظَّم الأمور عشوائياً، كما يجب أن تدرسها أيضاً اللجان في المدرسة ولجان الأهل، وهم جميعهم لم يجتمعوا بعد"، وفق الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار. وأيضاً لم يُعرَف حتّى الآن عدد الأساتذة الذين بقوا في المدارس وعدد التلامذة الباقون أيضاً، فهناك أمور كثيرة تتحكّم بوضع الميزانية، بحسب عازار. المدارس متعثّرة، كما يقول عازار، إذ إن 38% فقط من الأهالي سدّدوا أقساط أولادهم في السنة الدراسية الفائتة، و71 % من المعلّمين تقاضوا رواتبهم كاملة في السنة نفسها، وهذا ينعكس سلباً على إدارات المدارس، وذلك سيكشف التراكمات التي لم تدفعها وزارة التربية للمدارس المجانية.
إذا لم تتدخّل الدولة والمجتمع الدولي والدول المانحة وأصحاب الخير -ولو أنهم قليلون جداً- لإنقاذ العام الدراسي والمدارس الخاصة والرسمية، فسنكون أمام أزمة كبيرة خلال هذا العام.
"فلتتفضّل وزارة التربية والدولة، إذا كان لديهم حرص على لبنان، وليدفعوا أقساط التلاميذ الذين يريدون أن يتسرّبوا من المدارس الخاصة إلى الرسمية، وبذلك، توفّر الدولة 3 ملايين ليرة عن كلّ طالب، وأيضاً فليتفضّلوا بنقل تلاميذ المدرسة الرسمية إلى الخاصة لتقليل العجز الذي تعاني منه الدولة اليوم"، برأي الأب عازار.
ووفق الأب عازار، "إذا سقط القطاع التربوي سقط البلد كله"، فالطلاب هم جيل المستقبل وهم بناة الوطن، وهناك حوالى 72 ألفاً ما بين معلّمين وموظّفين في المدارس الخاصة وحوالى 20 ألف متعاملٍ معها، أي ما مجموعه حوالى 100 ألف عائلة تعتاش من هذه المدارس، سيكونون مجهولي المصير بحال سقوط القطاع التربوي.
على خطٍّ موازٍ، "لن يجرؤ أحد على زيادة أقساط مدرسته، ولا يجب أن ترتفع هذه الأقساط، فمن يرفعها حتماً سيخسر تلاميذه، لكن على عكس ذلك، المطلوب هو المساعدات لإبقاء التلامذة"، وفق نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، رودولف عبّود.
المشاكل تفاقمت على المعلمين والمدارس والأهالي، وستزيد الأمور سوءًا. فهناك 1600 معلّم أُجبِروا على تقديم استقالاتهم في 400 مدرسة.
وبحسب النقيب، فقد تم إحصاء 400 مدرسة السنة الماضية، 300 منها دفعت ما دون 50% إلى 0 من الرواتب للمعلمين، والآن سيكون الوضع سيئاً على هذه المدارس، لكن طبعاً هناك مدارسَ أخرى سدّدت كلّ رواتب المعلّمين. وهناك مشروع قانونٍ نوقش في اللجنة التربوية في مجلس النواب، لكنّه لم يُقرّ بسبب استقالة الحكومة.
وينصّ مشروع القانون على تقديم 350 مليار ليرة للمدارس الخاصة و150 مليار ليرة للمدارس الرسمية لمساعدة أهالي الطلاب في تسديد الأقساط، وتكون الأولويّة بذلك لدفع رواتب المعلّمين والموظفين في المدارس. وعلى مجلس النواب أن يقرّه، فالملف التربوي هو من الضرورات، خاصة قبل بدء العام الدراسي لأنّ الوضع صعب جداً وسيزداد صعوبةً وتعقيداً في الأيام المقبلة، وفق عبّود.
"نحن بانتظار إقرار القانون المذكور لتسديد رواتب المعلمين، سواء المكسورة من السنة الماضية أم المتراكمة منذ سنوات، وجميع المعلّمين مستعدّون للتعليم من بُعد، لكن إذا ما تمّ التفاهم بين المدارس والمعلّمين على تسديد الرواتب، سوف تتفاقم المشكلة أكثر وقد يتوقّفون عن التعليم رغم خطورة هذه الخطوة على استمرارية المدرسة"، بحسب عبّود.
وظروف التعليم الهجين تقلّ بسبب أعداد إصابات كورونا المتزايدة، لذا يجب أن تُتَّخذ تدابير وإجراءات صحية قاسية جداً، فالطلاب سيأتون إلى المدرسة لكن بأعدادٍ قليلة وسيتناوبون على الصفوف. وعلى المدرسة أن تقدّم تسهيلاتٍ للمعلمين في ما يتعلق بالتعليم من بُعد، فهذا مكلفٌ للمعلّمين أيضاً، فهم ينفقون فواتير إضافية على الإنترنت لإقامة الصفوف، ومصاريف على وسائل مثل الكمبيوتر وغيرها، فمثلاً إذا ما أعطى المعلّم صفه من المدرسة من بُعد، هذا سيسهّل ويوفّر عليه كثيراً، برأي عبّود.
من ناحية أهالي الطلاب، لن يقبلوا زيادةَ قرشٍ واحدِ على الأقساط، وفق ما أفادت الأستاذة مايا جعارة، مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في لجنة اتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة. وكان من المفترض أن تعقد اللجنة اجتماعاً منذ فترة، إلا أنّ انفجار المرفأ أخّره حتى الأسبوع المقبل، للبحث في موضوع التعليم من بُعد وكلّ ما يتعلّق به من ساعات التعليم والتقنيات.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار