مباشر

عاجل

راديو اينوما

حول ايا صوفيا من أجل الإسلام.. وليس من أجل بعض المسلمين

12-07-2020

تقارير

عبد السلام خلف

اعلامي لبناني

ما سوف أورده أدناه قد لا يعجب البعض.. وقد اتعرض لحملة شعواء، بمثل ما تعرض حسابي على تويتر من بعض من ينساقون وراء العاطفة وليس العقل او المنطق.. كل هذا لا يهمني، لأنني اكتب من أجل الإسلام وليس من أجل بعض المسلمين:

القواعد الدينية والممارسات في الإسلام واضحة: بأن لا اكراه في الدين، وبأن الوازرة لا تزر وزر أخرى، وبأن الفتنة أشد من القتل، وبأن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم أرسل المهاجرين المسلمين الأوائل الى الحبشة حيث فيها ملك نصراني لا يُظلم عنده أحد، وعندما هاجر إلى المدينة المنورة لم يحولها الى دولة إسلامية، بل وضع "الصحيفة" أول دستور مدني في التاريخ ولم يستولِ على أملاك الغير ودور عباداتهم حتى الوثنيين منهم، وبأنه دعا عليه الصلاة والسلام مسيحيي نجران للصلاة في مسجده.. وبأن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفض دعوة البطريرك صفرينوس للصلاة في كنيسة القدس الشريف خوفاً من أن يأتي جاهل بعده يحول الكنيسة إلى مسجد بحجة أن عمراً صلى فيها.... ألخ

المدافعون عن تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد يوردون حجتين: الأولى ان السلطان التركي محمد الفاتح اشترى الكنيسة من حرّ ماله وحولها إلى وقف للمسلمين، مرفقين موقفهم بصورة عن صك البيع.. والثانية أن الاوروبيين حولوا مساجد الاندلس الى كنائس، وأن الصهاينة حولوا مساجد في فلسطين إلى كنس( جمع كنيس)!

في نقض الحجة الأولى: لو صحت هذه الرواية، فإن من غير الثابت ان يكون عقد البيع قد تم بالرضى أو بالاكراه، بسبب عدم انتفاء قاعدتي المساواة والحرية بين منتصر ومهزوم، والفارق في الإسلام كبير بين الرضى وبين الاكراه.. والأهم من ذلك لماذا يشتري السلطان كنيسة وهو بامكانه بناء الآف المساجد في أملاك السلطنة.. والأهم الأهم ان هذا التبرير  يخدم نظرية الكيان الصهيوني في شراء أملاك الفلسطينيين في فلسطين المحتلة.

في نقض الحجة الثانية: المسلم الحق يتصرف من وحي قواعده الإسلامية وليس انطلاقا من سلوك الآخرين.. الاوروبيون الذين حولوا المساجد إلى كنائس هم عنصريون متطرفون ولا يمتّون بصلة إلى السيد المسيح عليه السلام، وكذلك الصهاينة لا يمتّون بصلة إلى النبي موسى عليه السلام.. والأكثر فظاظة في هذا التبرير، أنه يخدم بقصد او بغير قصد مشروع تهويد القدس والمسجد الاقصى، فبحجة أن مسلمين حولوا كنيسة إلى مسجد، لمَ الاعتراض على تحويل مسجد إلى كنيس؟

على حسابي على تويتر، كتبت الآتي:

"‏أنا المسلم اللبناني العربي أرفض بشدة قرار المحكمة التركية تحويل كنيسة ‎آيا صوفيا إلى جامع، وأرى أنه لا يمت إلى قواعد الإسلام بصلة، ولا إلى نهج نبينا الأكرم محمد الذي أرسل المهاجرين الأوائل الى ملك الحبشة النصراني الذي لا يظلم عنده أحد. إنه قرار يخدم بلا شك مخطط تهويد المسجد الاقصى".

بعض الردود سألتني ما علاقتك بشأن داخلي تركي، جوابي كان: هذه قضية تتعلق بالاسلام على مستوى العالم كله، الإسلام الرسالة والقيم والقواعد، وليست شأنا داخليا بأي بلد...وبدل ان تطلبون مني عدم التدخل في قضية إسلامية، اطلبوا من تركيا عدم التدخل في قضايا داخلية في ليبيا ومصر وسوريا والعراق.. ولبنان ايضا.

بعد ثلاثة أيام من قرار المحكمة التركية، ازددت تمسكاً بموقفي، فقد كتبت ما كتبت من أجل الإسلام ولن التزم الصمت مراعاة لبعض المسلمين.

قد أكون على خطأ أو على صواب، كلياً أو جزيئاً.. الحقيقة الكاملة ليست عند العباد بل عند رب العباد. لكن ما أعلمه علم اليقين أن ‏كل الحروب والافكار  والممارسات الطائفية والمذهبية والإثنية منذ مئات السنين، لم تنجح في تحويل الكرة الأرضية إلى أمة واحدة، ألم يقل الله سبحانه (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين) صدق الله العظيم.

عالمنا العربي والإسلامي يحتاج إلى مبادرات تجمع، وليس الى قرارات او ممارسات تؤجج الفتنة وتصب الزيت على النار المشتعلة في أكثر من مكان.

 

وعذراً على الاطالة.

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.