مباشر

عاجل

راديو اينوما

الجمهورية: غضب الطبيعة يُفاقم غضب الناس.. برّي: الوضع المالي أخطر من إسرائيل

16-10-2019

صحف

 لولا نعمة السماء، لكانت رقعة النار أكبر من قدرة الدولة وأجهزتها على احتوائها وحصر لهيبها الذي أكل مساحات واسعة من الأحراج في مختلف المناطق اللبنانية. فيما بَدت البلاد أمس في قبضة نارَين: النار التي تلتهم ثروتها الحرجية وغاباتها، ونار الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي تهدد عيش اللبنانيين جميعاً. 



وقائع اليوم الناري، الذي لفّ لبنان أمس من أدناه الى أقصاه، فرضت استنفاراً لدى الدولة وأجهزتها، وبالإمكانات المتواضعة التي ثبت ضعفها، أمام هذا الغضب، إلّا انّها في المقابل تحمل على طرح اكثر من علامة استفهام حول هذا الاشتعال الشامل، والذي أضرم ما يزيد عن 450 حريقاً في يوم واحد. فهل كل هذه الحرائق ناجمة عن المناخ الحار؟ وهل أنّ بعضها أُشعِل بفِعل فاعل؟... وهو أمر بالتأكيد برسم الاجهزة المعنية، التي يقع على عاتقها تحديد أسباب الاشتعال أكانت طبيعية أو على يد مخرّبين؟ 


ولكن في المحصلة، وقعت الكارثة باندلاع أكثر من 140 حالة حريق، وفق مدير وحدة إدارة الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء زاهي شاهين، الذي نفى ما يتم تداوله من أنّ الدفاع المدني استجابَ لـ450 حريقاً. 


وإذ سأل البعض هل كانت هذه الحرائق مُفتعلة؟ لم يظهر أنّ أيّاً من المتابعين يملك إجابة عن هذا السؤال، ولو أنّ البعض منهم يرجّح هذه النظريّة من دون تَبنّيها.
وقال رئيس فرع مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري الدولي وسام أبو خشفة لـ"الجمهوريّة" إنّ "الظروف المؤاتية لاندلاع الحرائق كثيرة، وأهمّها: الأشجار اليابسة خلال الخريف، الهواء الجاف، قلّة الرطوبة، الحرارة المرتفعة وسرعة الرياح الشرقيّة الحارّة. كلّ ذلك ساهم في امتدادها، ولكن ليس في إشعالها". 


وبدوره، أشار الخبير البيئي ناجي قديح إلى أنّه لا يمكن إغفال نظريّة افتعال الحرائق، ومع ذلك فإنّ الهواء القوي والنّاشط يؤديان إلى إشعالها لأيّ سبب صغير، خصوصاً أن لا إجراءات مُتّبعة للتخفيف من حجم الأضرار. 


وتخوّف بعض الذين تضرّرت منازلهم واحترقت سيّاراتهم من تَهرّب الدولة من دفع تعويضات ماديّة، خصوصاً أنّها لم تدفع حتى اليوم للمتضررين من العاصفة "نورما" رغم مضي أكثر من 10 أشهر على حصولها، ورفع تقرير يفيد أنّ تكاليف الأضرار تبلغ 40 مليار ليرة. 


وأكد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير لـ"الجمهورية" أنّ البلديات المعنيّة رفعت له تقريراً بحجم الأضرار الماديّة، ليحيلها إلى الجيش، حيث يقوم المعنيون بالكشف الميداني، ثم يتم إحالتها إلى مجلس الوزراء لتزويد "الهيئة" المبلغ اللازم. وحينها، يمكن للمتضررين استلام الشيكات مباشرة. 


ولفت خير إلى أنّ التقارير في الشوف تشير إلى تضرّر 10 منازل و13 سيّارة (11 في الدامور و2 في النّاعمة).
في حين أنّ هذه الأرقام تتناقض مع المعاينة الميدانية لفرَق الدفاع المدني وفوج الإطفاء، إذ أكد بعض من ساهموا في إطفاء الحرائق أنّهم عايَنوا أكثر من 10 فيلّات تضرّر معظمها من الخارج في المشرف، و3 منازل في حارة النّاعمة و2 في النّاعمة. 


الحرائق السياسية
وتوازياً، فإنّ الحرائق السياسية لا تقل سخونة عن الحرائق الطبيعية، والتي ألقت بالعلاقات السياسية في مدار التوتر والسجالات. وهذا الأمر حذّرت مستويات سياسية ورسمية في الدولة من تَفاقمه، مُعربة عن خشيتها من حصول مضاعفات على أكثر من صعيد، وقد لا تنجو منها الحكومة، التي تعاني أصلاً كثيراً من التصدعات، التي بَدت واضحة مع تفاقم الازمة الاقتصادية وضعف خطوات المعالجة. 


بري والحريري
وفي هذه الاجواء التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة رئيس الحكومة سعد الحريري، في حضور وزير المال علي حسن خليل. وعلمت "الجمهورية" انّ الحريري بَدا مستاءً ممّا آلت اليه الاوضاع، معبّراً عن امتعاضه ممّا حصل في جلسة مجلس الوزراء امس الاول، والتي كان مقرراً أن تُصادِق على ما اتفق عليه في ما يتعلق بسلة الاجراءات الاصلاحية والموازنة. 


وفي المعلومات أيضاً انّ الحريري عَبّر، خلال اللقاء، عن تساؤلات حول الغاية من التراجع المفاجئ عن التفاهمات التي أمكَن الوصول اليها خلال الايام الماضية، وقال: "إن ّهذا أمر مستغرب ولا جواب عليه". 


وتشير المعلومات الى انّ بري أكد خلال اللقاء، وجوب بَت كل الامور في الجلسات اللاحقة لمجلس الوزراء، مشدداً على حَسم الامور كلها ولو بالتصويت، لأنّ الوضع الاقتصادي والمالي بلغَ حداً حرجاً جداً. 


وفي هذا المجال، تم التوافق على عقد جلستين لمجلس الوزراء اليوم وغداً، على ان تعقد الجلسة النهائية بعد غد، ليُحال فيها مشروع الموازنة مع الاصلاحات الى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي منتصف ليل الاثنين المقبل. 


وسُئل بري: وإذا لم تُحِل الحكومة مشروع الموازنة ضمن المهلة الدستورية؟ فقال: "ساعتئذ... تِخبزو بالعافية". 


ورداً على سؤال، قال بري: "وضع لبنان على مفترق طرق، والوضع المالي هو أشد إيلاماً وخطورة من اسرائيل وعدوانها". 


وإذ عبّر بري عن امتعاضه من "الوضع السياسي المتفجّر"، لفتَ "الى استغلال اسرائيل هذا التلهّي الداخلي بالسجال السياسي، عبر قَضمها لمساحة 15 متراً داخل الاراضي اللبنانية في منطقة الوزاني، وهي مساحة شديدة الاهمية والدلالة، والتي لها ارتباط وثيق بما نسعى اليه من خلال تثبيت حدود لبنان البرية والبحرية". 


وعُلم انّ موضوع الحرائق كان محور بحث بين بري والحريري، وشدد رئيس المجلس على معالجتها، والأهمّ هو منع اندلاع الحرائق السياسية. 


وفي هذه الأجواء، قالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" انّ مجلس الوزراء، الذي سيجتمع عند الرابعة بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي، سيستكمل البحث في مشروع قانون موازنة 2020 من حيث انتهى النقاش في جلسة الاثنين الماضي التي رفعها الحريري مُستاءً من مواقف وزراء "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" الرافضة زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 11 الى 12 او 13 في المئة. وكشفت مصادر وزارية انّ استياء الحريري كان سببه خروج الوزير جبران باسيل على توافق حصل بينهما حول هذا البند، في اعتباره من الموارد المضمونة للخزينة. ورجّحت هذه المصادر ان يكون باسيل قد غَيّر موقفه في هذا الصدد، بعد لقائه يوم الجمعة الفائت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. 


وقالت المصادر نفسها انّ جلسة اليوم يُبنى عليها الكثير، فاذا نجحت الوساطة التي طلبها الحريري من بري أمس للتدخّل لدى "حزب الله" بغية الإفراج عن هذا التعديل في بند الضريبة على القيمة المضافة وانعكس ذلك على موقف باسيل، فإنه يمكن الانتقال بجلسة الخميس من السراي الحكومي الى القصر الجمهوري. 


تجدر الإشارة الى أنّ الرهان في اللقاء الأخير بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب كان قائماً على ضرورة البَت بالموازنة مطلع الأسبوع الجاري وإحالتها الى مجلس النواب قبل 22 منه، ولكن ما حصل في جلسة أمس الاول عَدّل في كل الخطط المرسومة لهذه النهاية. 


ولكن المصادر الوزارية لا تستبعد ان ينجز مجلس الوزراء درس الموازنة اليوم، لينتقل بجلساته من السراي الحكومي الى القصر الجمهوري للبَتّ بها وإحالتها الى مجلس النواب. ولكن في حال حصول العكس، ستعقد جلسة الخميس في السراي الحكومي ايضاً، على أن يُحدّد لاحقاً الموعد لجلسة في بعبدا تكون نهائية، ويعلن بعدها إحالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب. 


على انّ ما جرى أمس حسمَ الجدل حول مكان الجلسة، فتسلّم الوزراء جدول أعمال مُرفقاً بالدعوة الى جلسة غد الخميس، متضمناً 36 بنداً، على أن تعقد الأولى بعد الظهر في السراي الحكومي. 


نصرالله وفرنجية
في غضون ذلك التقى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، في حضور وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل. 


وأفادت "العلاقات الاعلامية" في "حزب الله" في بيان أنه "جرى في اللقاء بحث معمّق وشامل في مختلف التطورات الاقليميّة، ولاسيما آخر المستجدات على الساحتين العراقية والسورية". وأضاف البيان: "فيما يؤكد الطرفان موقفها المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسوريا الى وضعها الطبيعي، يجددان التأكيد على ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية، خصوصاً في مجالين هامّين هما: الإستفادة من الفرصة الكبيرة التي تتيحها إعادة افتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سوريا إلى العراق، والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على لبنان". 


وذكر البيان أنه "جرى في اللقاء عرض الأوضاع الإقتصادية بنحو مفصّل، حيث تم التأكيد على ضرورة العمل على زيادة الإيرادات وخفض النفقات، آخذين في الإعتبار المطالب المشروعة لذوي الدخل المحدود، ورفض زيادة الضرائب المباشرة، وعدم المس بالرواتب والأجور والحسومات التقاعدية، والعمل على دعوة الحكومة الى إيلاء الإيرادات الناجمة عن الأملاك البحرية اهتماماً جادّاً، والتشديد على مكافحة الهدر والفساد. وقد أكد المجتمعون على الحاجة إلى تضافر كل الجهود، وخصوصاً بين الرؤساء الثلاثة والقوى السياسيّة المختلفة، للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، باعتباره أحد ركائز الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد. 


الحريري وريتشارد
وكان الحريري قد التقى أمس السفيرة الأميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد، وقالت مصادر مطّلعة انّ هذه الزيارة كانت بناء على موعد مسبق للتداول في التطورات السياسية والأمنية، ولاسيما منها الحديث عن التطورات الإقتصادية والوضع النقدي وسُبل معالجته. 


وفي معلومات "الجمهورية" انّ ريتشارد عرضت مع الحريري ما يمكن القيام به لتسهيل خروج لبنان من الأزمة النقدية، والدور الذي يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تؤديه في هذا المجال. 


جابر
إقتصادياً ومالياً، لم يطرأ أمس أي جديد على مستوى المعالجات المطلوبة للأزمة، ولكن الانشغال بإطفاء الحرائق صَرف الاهتمامات قسرياً عنها. 


واعتبر النائب ياسين جابر انّ "ما حصل خلال جلسة مجلس الوزراء يؤكد انه لم يتم الاتفاق بين مكوّنات الحكومة على أي شيء بعد، مما يبعث برسالة سيئة جداً الى المجتمع الدولي، مَفادها انّ الدولة عصيّة مرة جديدة عن الالتزام بالدستور والقوانين". 


وقال جابر لـ"الجمهورية": "يجب الاستعاضة عن زيادة الضرائب هذا العام تحديداً، والتركيز على سَد عجز الكهرباء مثلما نَصح البنك الدولي". وطالبَ الحكومة بأن تُحيل موازنة بسيطة الى مجلس النواب، وليتم الاتفاق هناك على المواد التي يجب إضافتها. كذلك على الحكومة المباشرة في إحالة الاصلاحات أيضاً الى مجلس النواب في الوقت المناسب. 

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.