26-09-2019
محليات
كيف تكشّفت خيوط هذه القضية؟ مصادر متابعة عن قرب لمسار التحقيقات الأمنية والقضائية أوضحت لـ”المدن”، أن “عناصر من الجيش اللبناني اشتبهوا بسلوك وتصرفات أربعة شبان قاصرين، أثناء مرورهم بسيارة يقودها أحدهم على حاجز المدفون (شمال لبنان)، ولدى تفتيشهم ضبطت بحوزتهم سجائر من حشيشة الكيف، فأحيلوا على مكتب مكافحة المخدرات في الشمال، وقد اعترف هؤلاء بأنهم حصلوا على هذه السجائر من زميل لهم في المدرسة من التابعية التونسية.
السجن بدل المدرسة
لدى اقتفاء أثر الطالب التونسي، تبيّن أنه موجود خارج لبنان في إجازة صيفية، فادعت النيابة العامة في الشمال على الفتيان الأربعة، وسطّرت بلاغ تحرٍ بحق زميلهم التونسي، وأحالت الملفّ على قاضي التحقيق في الشمال داني الزعنّي، ولم تمض أيام قليلة حتى عاد الطالب التونسي إلى بيروت للالتحاق بمدرسته، فجرى توقيفه في مطار رفيق الحريري الدولي ليلتحق برفاقه بالسجن بدل المدرسة.
قاضي التحقيق ركّز استجواباته على كيفية حصول التلامذة على المخدرات، ومن يروّج هذه المادة وكيفية توزيعها عليهم وعلى زملاء لهم في مدارس أخرى، وأي مدارس تنتشر فيها هذه الآفة، فجاءت النتيجة صادمة، وأفادت المصادر المواكبة للتحقيقات، أن “عدداً كبيراً من المدارس توزّع فيها المخدرات، بأنواع مختلفة. لكن أكثرها رواجاً حشيشة الكيف، وحبوب الـ(أكس. تي. سي)، لكنّ ثمة خمس مدارس رئيسية في العاصمة بيروت وضواحيها، تنتشر فيها هذه الآفة، ويركز تجار ومروجو المخدرات عليها للكسب المالي السريع والسهل، لكون أغلب تلامذتها من أبناء العائلات الميسورة، ولديهم “خرجيّة وافرة” من المال، وبالتالي يستسهلون استمالتهم والايقاع بهم”.
ديليفري المخدرات
ما هي الطريقة التي تستخدم لإدخال “السموم البيضاء” إلى هذه المدارس؟
تؤكد المصادر المتابعة للتحقيقات أن هناك ثلاث طرق رئيسية:
الأولى: يحضر التاجر أو مروّج المخدرات، ويكون شاباً في العشرين من عمره تقريباً، يقف قرب مدخل المدرسة في وقت الفرصة كي لا يثير الشبهات، وبناء لاتفاق مسبق يخرج تلميذ من المدرسة يتسلّم منه المخدرات ويسدد له ثمنها، ويسارع التلميذ إلى توزيع المادة على الرفاق، كلّ بحسب الكمية والنوعية التي وصلته عبر خدمة الـ “ديليفري” المطلوب مسبقاً.
الثانية: يخرج طالب أو أكثر إلى مرآب للسيارات مجاور لإحدى المدارس الكبرى، ويضع النقود في فجوة صغيرة داخل أحد جدران المرآب، ويعود إلى صفّه، وبعد وقت قصير يحضر تاجر المخدرات فيأخذ النقود ويضع مكانها المخدرات، التي يتلقفها أصحابها خلال الفرصة الثانية ويوزعونها داخل المدرسة.
الطريقة الثالثة: وهي الأهم وربما الأخطر، تكون خلال السهرات والحفلات المشتركة بين طلاب عدد من المدارس في المطاعم، وعند “اكتمال النصاب” وبدء الحفل وارتفاع صوت الموسيقى والرقص والضجيج، يدخل تاجر المخدرات، ويتوجه مباشرة إلى التلامذة الذين يحددون له مكان تواجدهم مسبقاً عبر تطبيق الـ “واتساب”، وتجري عملية “التسلّم والتسليم”.
أمام هذه المعطيات الخطير، توسّعت دائرة التحقيق لتحديد هوية التجار والمروجين. وحسب المصادر المشار إليها، تمكنت القوى الأمنية خلال اليومين الماضيين، من توقيف ثلاثة تجار مخدرات أساسيين، أحدهم ضبط بحوزته 900 كيس موزّعة فيها حصص متفاوتة من مادة الكوكايين. لكن المأساة تكمن في إفادات هؤلاء التجار، الذين اعترفوا أن كلّ منهم لديه ما بين 500 و600 ولد (أي تلميذ قاصر) يشترون المخدرات بشكل دائم ومستمرّ.
التحركات الأمنية والقضائية، أدرجتها المراجع المعنية بمكافحة هذه الآفة، تحت عنوان “الحرب الكاسحة ضدّ كارتيل المخدرات”، و”محاولة كسر حلقة هؤلاء التجار، وإبعاد خطرهم عن الشباب الصغار في المدارس، باعتبار أن محاولة أي تاجر منهم بناء حلقة مماثلة في حال عادوا إلى مثلها يحتاج لأكثر من سنة”، مشيرة الى أن “قاضي التحقيق داني الزعني سيعقد جلستين قريباً قبل أن يختم التحقيقات الاستنطاقية ويصدر قراره الظني ويحيل المتهمين على محكمة الجنايات في شمال لبنان”.
ونصحت المصادر أهالي التلامذة بأن يعتمدوا أقصى درجات الحيطة والحذر تجاه أبنائهم، خصوصاً خلال حفلات الـ prom والحفلات المشتركة، التي يستسهل فيها التجار والمروجون عمليات الإيقاع بهؤلاء الفتيان وتوريطهم.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار