09-09-2019
مقالات مختارة
الان سركيس
الان سركيس
يوم السبت لم يكن يوماً عادياً، إذ انّ الجبل كان ينتظر وصول جعجع في زيارة تاريخية هي الأولى من نوعها بعد خروجه من السجن العام 2005. ومعلوم حجم العلاقة التي تربط الحكيم بالجبل، إذ لا ينسى أحد معارك الجبل وحصار دير القمر العام 1983 التي كانت من المحطات الأساسيّة والهامة في سطوع نجمه ومساعدته على صعود سلّم القيادة وصولاً إلى استلام الهيئة التنفيذيّة في “القوات” العام 1986.
وبعيداً من الأسباب التي كشفها جعجع عن عدم زيارته الجبل، فقد استفاق الشعب اللبناني صباح السبت على صورة تجمع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل في دارة الأخير في اللقلوق، فكان التعليق الأهم من معظم الشعب “ضيعان الشباب يلي راحوا بأحداث قبرشمون”، وبعد مرور بعض الوقت خرج خبر تأجيل زيارة جعجع، من ثم تبع ذلك لقاء بين الحزب “التقدمي الإشتراكي” و”حزب الله” في عين التينة برعاية رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
ويعتبر البعض أن جنبلاط الأب يحاول تسوية أوضاعه مع العهد و”حزب الله”، خصوصاً أن ملف قبرشمون ما زال “فزّاعة” يحاول البعض التلويح به، كما انّ هناك عدداً كبيراً من الإستحقاقات المقبلة والتي لا يستطيع جنبلاط خوضها منفرداً أو على خلاف مع العهد، لذلك فضّل التحالف مع “الوطني الحرّ” على حساب “القوات”.
وفي السياق، لا بدّ من إجراء مقارنة بين علاقة “القوات اللبنانية” والحزب “التقدّمي الإشتراكي” وبين علاقة “الإشتراكي” و”التيار الوطني الحرّ”.
في نظرة إلى العلاقة بين “القوات” و”الإشتراكي”، يكتشف البعض أنها علاقات قوية وثابتة واستراتيجيّة على رغم كل تقلّبات جنبلاط السياسيّة.
وبدأت علاقة “القوات” و”الإشتراكي” منذ بيان المطارنة الموارنة العام 2000، واستكملت أثناء مصالحة الجبل التي كرّسها البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير وجنبلاط وشاركت “القوات” فيها، من ثمّ أتى لقاء “البريستول” وتموضع جنبلاط ضدّ الإحتلال السوري، وكانت المحطة المفصلية العام 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل محطات “14 آذار” اللاحقة
وبقي تحالف “القوات” و”الإشتراكي” ثابتاً في إنتخابات 2005 و2009 و2018، وسط تأكيد الطرفين على صون مصالحة الجبل وحمايتها، وعدم العودة إلى لغة الحرب، والتأسيس لمرحلة جديدة.
أما الناظر إلى علاقات “التيار الوطني الحرّ” و”الإشتراكي” فيرى أن “النزلات” فيها أكثر من “الطلعات”، فقد بدأت منذ أن زار جنبلاط العماد ميشال عون في باريس قبل إنتخابات 2005 طالباً منه تأجيل عودته إلى لبنان، من ثم وصفه بـ”التسونامي”، ولم يخوضا أي إنتخابات جنباً إلى جنب، كما ان “التيار الوطني” كان يطالب جنبلاط دائماً بإعادة أجراس الكنائس، ويفتح ملف الحرب عند أول تصادم سياسي.
والملفت أيضاً أن الطرفين قاما بقداس المصالحة والغفران في دير القمر هذا العام من ثمّ أتت حادثة قبرشمون لتطيح كل شيء ويُعاد استعمال لغة الحرب، حيث تمّ إتهام “الإشتراكي” بمحاولة إغتيال الوزير باسيل، والمطالبة بإحالة القضية إلى المجلس العدلي، لكن بعد مصالحة بعبدا، إستقبل عون جنبلاط بحفاوة في بيت الدين وحصل لقاء اللقلوق السبت.
وبعد كثرة الكلام عن جلوس “الإشتراكي” في حضن عون وباسيل، وتخليه عن “القوات”، يؤكّد مصدر في “الإشتراكي” لـ”نداء الوطن” أن “التفسيرات والتحليلات للقاء اللقلوق مبالغ فيها، واللقاء ليس إستثنائياً كما وصفه البعض”.
ويشدّد المصدر على أن “اللقاء حصل بناءً على دعوة وجّهها باسيل إلى جنبلاط، والنقاش كان صريحاً، خصوصاً أن العلاقة الإيجابية بدأت منذ لقاء المصالحة في بعبدا، من ثمّ زيارة جنبلاط للرئيس في بيت الدين والغداء الذي أقامه على شرفه بحضور باسيل”.
ويلفت المصدر إلى أنّ “النقاش بين تيمور جنبلاط وباسيل لم يقتصر على قضية قبرشمون، بل تناول موضوع الشراكة الحقيقية والوضع في الجبل، والهمّ الإنمائي، إضافة إلى مستقبل البلد ووضع الشباب فيه”.
من جهة ثانية، يجزم المصدر الإشتراكي بأن “لا شيء يؤثّر على علاقتنا بـ”القوات اللبنانية”، فهي ثابتة وأساسية، والتجارب السابقة دلّت على هذا الامر”.
ويوضح “الإشتراكي” أنه “لا يضحي بعلاقته مع “القوات” إذا جلس مع طرف آخر، فلكل علاقة خصوصيتها وإيجابياتها، وبالتالي فكل التحليلات التي تقول إنّ علاقتنا مع “القوات” بعد لقاء اللقلوق ستهتزّ لا أساس لها من الصحّة لأنها علاقة استراتيجية وثابتة”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار