01-09-2019
محليات
وشدد على ان “التزام لبنان الصراع العربي الاسرائيلي هو امر مسلم به انطلاقا من إيماننا بعدالة القضية الفلسطينية من جهة، ومن مبدأ التضامن العربي ووجود لبنان ضمن جامعة الدول العربية من جهة ثانية، ولكننا لا نفهم وفق اية أسس ومعايير يريد أحد الأطراف اللبنانيين اليوم الزج بلبنان وشعبه في أتون المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران؟ من غير المسموح أن يفرض على اللبنانيين أمر واقع بهذه الخطورة ليسوا معنيين به بالأساس. وإذا كان رئيس البلاد قد وجه رسالة الى مجلس النواب من اجل مجموعة من الموظفين، فكيف بالحري إن تعلق الأمر بأرقاب وأرزاق ملايين اللبنانيين؟ إن مسألة بهذه الخطورة تستوجب المعالجة بهذه السرعة وهذا الحسم وعلى هذا المستوى، قبل خراب البصرة وحريق روما، لا سمح الله”.
كلام جعجع، جاء في كلمة ألقاها عقب القداس الذي أقامه حزب “القوات اللبنانية” في مقره العام لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية تحت شعار “ما راحوا”، براعية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب البطريركي العام على أبرشية جونية المطران أنطوان نبيل العنداري وحشد من الفعاليات السياسية والدينية والحزبية
واستهل جعجع كلمته بالقول، “ما راحوا… استشهدوا بس ما راحوا. اللي راحوا ومن بعدون في قوات، يعني بعدون… وما راحوا. همدت انفاسهم وأسلموا الروح بسلام لكن روح الثورة التي أشعلوها لن تعرف الراحة والاستسلام. أغمضوا عيونهم للموت دفعة واحدة من دون النظر الى الوراء، ولكن لم ينعسوا ولو مرة واحدة أمام الأعداء”.
وتابع، “راحوا، نعم راحوا، من لبنان المزرعة راحوا، ومن لبنان اللادولة راحوا، ومن لبنان السمسرة راحوا، من لبنان الأقزام راحوا، ومن لبنان الوصولية والانتهازية والاستئثار والفساد راحوا. لكنهم من لبنان الحلم والوعد والأمل ما راحوا، طيفهم حاضر دائما ابدا في لبنان الكبار والعظماء، ولبنان المثل والنزاهة والقضية، في لبنان كميل شمعون وفؤاد شهاب وبشير الجميل. صحيح أنهم راحوا من كل ما هو سيء وضعيف وفاسد اليوم، لكنهم ما راحوا من الوجدان والذكرى، وكلهم أمل وايمان ورجاء بأنهم باقون ليشهدوا معنا على انبلاج فجر الجمهورية القوية، وأفول زمن البائسين الفاسدين الدجالين إلى غياهب التاريخ”.
واستطرد، “ما راحوا، إنهم حاضرون دائما أبدا معنا في محطاتنا المفصلية؛ إلى ساحات الحرية مع رفاقهم في 14 آذار راحوا واندحر جيش الأسد، وإلى الوزارات دخلوا حيث أحدثوا فرقا وحققوا التجديد والإصلاح الحقيقي والتطوير. ما راحوا، الى القوات اللبنانية انتسبوا مع رفيقات ورفاق لهم وتحولوا إلى عصب المقاومة اللبنانية وروحها، أياديهم دائما ممدودة لمساعدة رفاقهم على انتشال لبنان من الواقع المرير، والارتقاء به إلى ما يتوقون إليه وما استشهدوا من أجله من كمال وأخلاق وتغيير”.
ووجه جعجع من “معراب الوفاء” تحية إلى شهدائنا، شهداء لبنان، شهداء المقاومة اللبنانية، شهداء القوات اللبنانية، ألذين لولاهم لما كنا الآن هنا، ولا كانت معراب، ولا كانت بعبدا ولا كانت دولة، ولا كان حكم ولا حكومة، ولا كان جميع الذين يتشدقون الآن ويفاخرون ويشيخون ويسيدون ويميدون، ولا من يحزنون”.
وشدد على أننا “هنا، بالعرق والدم والنضال والاندفاع والعزم والحزم والمثابرة والثبات والاستقامة والتضحية حتى بذل الذات. غيرنا يأتي من حيث لا ندري، ومن حيث الصدف والظروف ومن ثم يرحل، أما نحن فدائما ابدا هنا، في السراء والضراء هنا، صمام أمان شعبنا، وشعلة الأمل لديه وقلبه النابض في كل المواسم والأحوال والظروف. حضورنا السياسي على الأرض أو في أي موقع مسؤولية نتولاه، ليس منة إلا من دماء شهدائنا وعرق مناضلينا”.
وتوجه إلى الشهداء بالقول: “شهداءنا الأعزاء، كما أنتم، كذلك نحن: نستشهد ولا نركع!”.
ولفت جعجع إلى أننا “أقدمنا على خطوة انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، على الرغم من الخصام التاريخي الذي كان قائما بيننا، لأسباب وجيهة وحيوية: وضع حد للفراغ الرئاسي المتمادي الذي كاد يفكك الدولة،تأمين التوازن الفعلي في المؤسسات الدستورية بوجود رئيس يتمتع بصفة تمثيلية، وتحقيق مصالحة تاريخية بين القوات والتيار، من خلال تفاهم معراب الذي هو كناية عن اتفاق شراكة حقيقية بين اكبر حزبين مسيحيين، مثلما يجري بين أعرق الأحزاب الديموقراطية في العالم كله، وليس اتفاقا لتقاسم الحصص كما يحلو للبعض وصفه. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه: تم الانقضاض على اتفاق معراب والتنكر له والتنصل من موجباته، وكأن الطرف الآخر اراده لمجرد الوصول إلى الرئاسة، ومن بعدها فليكن الطوفان”.
وأشار إلى أنه “لو أن الطرف الآخر تنصل فقط من اتفاق الشراكة السياسية بينه وبين القوات لكان الأمر مفهوما في إطار الجشع السياسي وحب التفرد بالسلطة والاحتكار، ولكنه تنصل أيضا من ورقة النقاط العشر التي تليت أمام الرأي العام والإعلام في معراب، وبحضور الفريقين، والتي تعنى مباشرة وبشكل واضح وصريح بقيام الدولة السيدة القوية القادرة المسؤولة وحدها عن مصير شعبها”.
وأوضح أن “المؤسف اشد الأسف أن العهد الذي أردناه وما زلنا عهد استعادة الدولة من الدويلة، عهد بحبوحة وازدهار، لم يكن حتى اليوم على قدر كل هذه الآمال، إن لم نقل أكثر. والشيء بالشيء يذكر، يكفينا فخرا أن رئيسا من صفوفنا أمضى عشرين يوما ويوما فقط كرئيس منتخب فقط، ومنذ سبعة وثلاثين عاما، وما زال اللبنانيون حتى اليوم يترحمون على عهده. بشير حي فينا”.
وقال: “إن الدولة القوية التي أردنا قيامها من خلال هذا العهد، باتت اليوم تخسر أكثر فأكثر من رصيدها ومقومات وجودها في شتى المجالات والميادين، فأنياب الدويلة بارزة أكثر من اي وقت مضى، وأركان الدولة بالذات يمالئون الدويلة ويغسلون أيديهم من الدولة، وكأني والحال هكذا بالدولة اللبنانية تصرخ عاليا: من بيت أبي ضربت، إذا كان رب البيت لا يريد ان يبني فعبثا يحاول البناؤون. سقط مفهوم الدولة، فقدت هيبتها، تراجعت دولة القانون، اهتزت صورة القضاء، غابت وحدة المعايير وحضرت الزبائنية والمحسوبية والاستئثار بأبهى حللها. إستشرى الفساد وتسييبت المعابر الشرعية وغير الشرعية. ومن أين يرجى للبنان تقدم و سبيل حكامه غير سبيله”.
ورأى جعجع أن “سوء إدارة مؤسسات الدولة مقرونا بغياب الكفاءة وارتفاع نسبة الفساد والهدر والمحسوبيات أدت الى تردي الأوضاع المالية للدولة، مما أدى بدوره إلى خفض تصنيف لبنان الائتماني، وضرب صورة لبنان المال والاقتصاد في العالم، مما تسبب بإقفال شركات وصرف موظفيها، وتناقص فرص العمل، وهجرة الشباب، وتزعزع الوضع الاجتماعي. صحيح أن واقع لبنان المتأزم لا ينفصل عن واقع المنطقة، من حروب وتجاذبات إقليمية ودولية ، ولكن لا يمكن للبعض أن يضع الحق دائما على الطليان، لتبرير عدم قيام دولة فعلية في لبنان، أو لتبرير انخراطه في عمليات الهدر والفساد. فلنقم بواجبنا البديهي تجاه الوطن والمواطن، نصل الى بر الأمان على الرغم من ظروف المنطقة. ليست الظروف وحدها من يحدد مستقبلنا ومصيرنا بل أيضا قراراتنا، ولكن وللاسف حيث لم يجرؤ الآخرون”.
وشدد على أن “لن نبتلي بالمعاصي حتى لا نستتر، ونستر معنا المبتلين بها، وستبقى ضمائرنا متحررة من كل قيد أو شرط، وستبقى لغتنا واحدة في السر وفي العلن. ستبقى حناجرنا تصدح بالحق وتشهد للحقيقة مهما كانت صعبة. هكذا نشأت القوات اللبنانية، وهكذا ترعرعت وكبرت، وهكذا ستبقى. إذا رأيتم أحزابا أخرى تغدق على محازبيها الوظائف والخدمات على حساب بقية اللبنانيين وعلى حساب مصلحة الدولة العليا، فلا تتوقعوا أن تجاريهم القوات في سلوكهم”.
وتابع: “من السهل أن تنتمي إلى حزب، ولكن من الصعب والصعب جدا أن تكون قوات. مش هينة تكون قوات. أنتم قررتم أن تكونوا قواتا بكل إرادة حرة، حتى تعطوا لا حتى تأخذوا، وحتى تكونوا حراس هيكل الجمهورية لا أن تكونوا تجار هيكلها، وحتى تكونوا القدوة والنخبة ، لا أن تكونوا الذل والعار. إن القوات لا تجلب لكل واحد منكم سمكة، ولكنها تسعى لتوفير صنارة لكل لبناني على الإطلاق. القوات لا تريد توظيف شخص لأسباب انتخابية لتحرم بقية اللبنانيين من إدارات منتجة. وبالمقابل فإنها تريد خلق استقرار نقدي واقتصادي طويل الأمد يؤمن فرص عمل لكل فرد من أفراد المجتمع. القوات لا تطعمكم دسما خدماتيا ممزوجا بسم إفلاس الدولة، لكنها تريد أن يحصل الجميع على المن والسلوى ضمن أسس اقتصادية ونقدية متينة ومستقرة ومستدامة”.
واستطرد: “أما لمن يعيرون القوات اللبنانية بأنها دخلت جنة السلطة ولم تستطع تغيير الكثير، نقول: صحيح أن السلطة جنة لغيرنا، لكنها حمل ومسؤولية لنا. لم ندخلها إلا لتحقيق أحلامكم ، لكن قدرتنا على تحقيق الاحلام هي بقدر الثقة التي منحتمونا إياها. ولو منحتمونا ثقة أكبر لكنا فعلنا أكثر ووصلنا إلى ما تأملون. إن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، وإذا كنتم مؤمنين بالقوات واستقامتها وفعاليتها، فلا تسمحوا لمن لدغكم مرة أولى، أن يكررها ثانية، بل ضعوا أصواتكم حيث ضميركم، وازرعوا حبة الحنطة في الأرض الخصبة الطيبة. امنحوا الثقة لأهل الثقة واحصدوا ما تريدون من حبات حنطة… لا تستطيعون الزرع في أرض، وطلب المواسم من أرض أخرى”.
وتطرق جعجع إلى محاولات عزل “القوات”، وقال: “إن محاولات عزل ومحاصرة القوات من الأقربين والأبعدين، ليست جديدة علينا بل هي ملازمة لمسيرتنا التاريخية. إن أغلى ما تملكه القوات في رصيدها الوطني، بالإضافة إلى إرث الشهداء والمصابين والمخفيين قسرا في سجون الأسد، هو كرامتها وكلمتها وواجبها واستقامتها ومصداقيتها تجاه شعبها ونفسها، ولن تفرط بهذا الرصيد أمام اي شيء او اي كان. لن ينالوا منا، حاول قبلهم كثيرون، وفشلوا. والذين يحاولون اليوم فاشلون أصلا. كلما حاولوا إضعافنا ومحاصرتنا في السلطة، تعلق الشعب بنا أضعافا مضاعفة، وكلما أرادوا حرماننا من موقع سياسي نستحقه أصبح جمهورنا أقل تمسكا بكل المواقع والخدمات واكثر عطاء لقضيته. وكلما تعرضنا للإجحاف والتضييق كلما ازداد إنصاف الشعب اللبناني لنا من كل الطوائف والفئات، وشرعت امامنا ابواب وساحات جديدة. من جرب محاصرة القوات وإقصاءها من جديد كان جاهلا بالتاريخ… وهو كذلك”.
واستطرد، “صحيح أن بعض أرانب السياسة اليوم تتوهم بأنها تسابق القوات بمجرد انها تقفز يمينا ويسارا وتصدر الأصوات والضوضاء وتركض سريعا امامنا وتخلف على دربنا الحصى وتثير الغبار، ولكنها مهما ركضت وقفزت وافتعلت بهلوانيات، تبقى مجرد ارانب، وتبقى القوات هي الأساس”.
أما في موضوع الشراكة المسيحية فقد أكد جعجع أن “ادعاء البعض بأنه يعمل لتحقيق الشراكة المسيحية الكاملة في الدولة، هو ادعاء حق يراد به باطل. إن الضنين بتحقيق الشراكة المسيحية في السلطة لا يسعى لتهميش جميع المسيحيين الذين لا يدينون له بالولاء، ويحرمهم حتى فرصة المنافسة الشريفة. ان تحقيق الشراكة لا يكون بتزكية مبيضي الوجوه والانتهازيين الصغار في الدولة، لأننا بالنهاية سنعود وندفع كمسيحيين وكلبنانيين ثمن ادارة فاشلة فاسدة، كما ثمن التفرد والاستنسابية في الاختيار. ان الحريص على الحضور المسيحي في الدولة يجب أن يكون حريصا على الدولة بالدرجة الأولى. فماذا ينفع الشراكة المسيحية إذا ربح المسيحيون وظائف في الدولة، والدولة بحد ذاتها مغتصبة الصلاحيات، وعلى شفير الإفلاس. إن تأمين التوازن في الدولة لا يكون بدعم سلاح خارج الدولة والاستقواء به على باقي المسيحيين واللبنانيين. تأمين التوازن في الدولة يبدأ بتأمين الدولة، حرة سيدة مستقلة، وبالتعاون والتفاهم مع باقي المسيحيين واللبنانيين. إن القوات اللبنانية تعلنها من هنا، أن المسيحيين براء من هكذا دعوات مزيفة ، فالمسيحيون يعرفون صالحهم جيدا ويعرفون من دافع بالفعل عنهم وعن حقوقهم بالعرق والدم والدموع وليس بالطنطنة وافتعال المعارك الوهمية والحرب بطواحين الهواء، لنصل إلى شبه دولة يعشعش فيها الأزلام والفاسدون”.
وتابع: “لنا لبناننا، ولهم لبنانهم، لنا جمهورية الأرز واكاليل الغار، ولهم جمهورية الموز وعروش العار. لنا حزب الآف الشهداء، ولهم حزب مليارات الصفقات وصفقات المليارات. لنا القوة بجيشنا اللبناني، ولهم استقواؤهم بعضلات خارجية. حافظنا على الشرعية عندما دق الخطر على ابواب الدولة، وهم وبكل بؤس ووقاحة يسخرون الشرعية لخدمة الدويلة في زمن قيام الدولة. لنا شرف التضحية للبنان حتى الاستشهاد، ولهم ترف التضحية بلبنان واللبنانيين حتى الهجرة والموت البطيء والافلاس. نحن لبطنا الكراسي بأقدامنا مرات ومرات حتى لا نساوم على مبدأ وقضية، وهم بروا أقدامهم وعفروا جباههم من أجل الكراسي”.
وسأل جعجع: “لماذا وصلنا إلى ما وصلنا اليه؟ مجموعة من الأسباب أهمها أن المواطن اللبناني محروم وممنوع من الوصول الى دولة فعلية تحقق له تطلعاته بحكم وجود دويلة داخل الدولة، دويلة تصادر القرار الاستراتيجي، وتقيم اقتصادا موازيا، ولا تتورع عن استخدام وسائل عنفية مدانة لمحاولة تطويع معارضيها وكم أفواههم. وهذا ما تسبب طيلة العقود الأخيرة وحتى اليوم بتشويه الحياة السياسية في لبنان، والوصول الى دولة معتورة وغير سليمة”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار