ولئن كان الجميع ما زال يترقب رد حزب الله الموعود، بيد ان مختلف المعطيات المتوافرة تؤشر الى طبيعته "المحدودة" التي ستجنّب البلاد اي انزلاق نحو مواجهة مفتوحة عشية حوار اقتصادي يتطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري الى جعله محطة انطلاق العجلة الاقتصادية وتهيئة لارضية "سيدر" الذي سيحط في بيروت لاجله الموفد الفرنسي الخاص بيار دوكان الاثنين المقبل. 


الحركة السياسية على خط تطويق ذيول الاعتداءات الاسرائيلية هدأت امس، أقلّه في العلن، مفسحة في المجال امام جلسة لمجلس الوزراء عقدت في بيت الدين. أما على الارض، فسيطر على الحدود الجنوبية هدوء حذر وغابت الحركة العسكرية راجلة ومؤللة للقوات الاسرائيلية. في المقابل، كثف الجيش اللبناني و"اليونيفيل" دورياتهما المؤللة على طول الخط الحدودي. ولوحظ توقف آلية عسكرية اسرائيلية منذ ثلاثة ايام، يرجح انها معطلة، أسفل موقع المطلة، مقابل بلدة كفركلا، تبين أن القوات الاسرائيلية استقدمت دمية على شكل انسان ووضعتها داخل الالية العسكرية للتضليل. وحلقت طائرتا استطلاع معاديتان من نوع "Mk" بكثافة فوق اجواء عدد من قرى وبلدات قضاء مرجعيون على علو متوسط. 


ميدانيا ذكرت معلومات صحافية ان حزب الله نفذ مداهمات في الضاحية الجنوبية على خلفية اعتداء الطائرتين المسيرتين .في المقابل، كشفت مصادر عسكرية لـ"المركزية" ان الجهات العسكرية القضائية المعنية تسلمت اجزاء مهمة من الطائرتين لا سيما الشق التقني الذي يخدم التحقيقات التي تجريها. 


وليس بعيدا، وفيما يلتئم مجلس الامن الدولي في جلسة يعقدها الثالثة بعد الظهر بتوقيت نيويورك، العاشرة قبيل منتصف الليل بتوقيت بيروت للتصويت على المشروع الفرنسي للتجديد لولاية اخرى من دون تعديل للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل"، اكد المسؤول الاعلامي في القوات الدولية أندريا تيننتي ان "اليونيفيل" تتابع عن كثب التطورات في البلاد والمنطقة ككل. وقال: من المهم للغاية ضمان الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق ، وتعمل "اليونيفل" بنشاط مع الأطراف وعلى الأرض لتحقيق هذه الغاية، ويحافظ جنود حفظ السلام في "اليونيفيل" مع الجيش اللبناني على وجود عمليات مستمرة على طول الخط الأزرق ليلاً ونهاراً. وكشف تيننتي ان قائد القوات الدولية الجنرال ستيفانو دل كول ، يجري مشاورات مع جميع الأطراف لمنع وقوع اي سوء فهم أو حوادث قد تعرض وقف الأعمال القتالية للخطر. كما يواصل حث الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس من حيث الإجراءات والخطاب السياسي والاستفادة من آلية الاتصال والتنسيق لدى "اليونيفل" لإثارة أي مسألة تثير القلق في البيئة المتوترة الراهنة. وتعليقا على نشر قناة "سكاي نيوز" شريطا مصورا للاعتداء على قوة من "اليونيفل" من قبل حزب الله اكد تيننتي عدم التعامل مع اي تقرير إعلامي، موضحا ان الحادث وقع في مجدل زون في اب 2018 اي قبل عام . وهذه الحادثة لم تبق طي الكتمان بل وردت في تقرير الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي رفعه إلى مجلس الأمن في 15 تشرين الثاني الماضي حول تنفيذ القرار 1701 واورد فيه توصيفا دقيقا لما حصل. 


على صعيد آخر، التأم مجلس الوزراء في جلسة عادية امس في بيت الدين برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبحث في جدول اعمال من أربعين بندا بالاضافة الى بنود طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. وبعد الجلسة، قال وزير الاعلام جمال الجراح "حصل شرح مفصل لخطة الأمن السيبراني ونعلن انطلاق هذه الخطة الأساسية والضرورية لحماية الوزارات والحكومات"، واضاف "وضعت الخطة بعد عرضها على فخامة الرئيس وستبدأ اللجنة المكلفة باتخاذ الاجراءات اللازمة بوضعها قيد التحقيق". وتابع "لم تطرح التعيينات اليوم، والبلد متضامن حول شجب العداون الاسرائيلي والرسالة الأهم هي رسالة الوحدة الوطنية في وجه ما حصل". 


وليس بعيدا، وبحسب المعلومات فقد تم ترحيل التعيينات نتيجة عدم الاتفاق داخل البيت الواحد. فالتعيينات كانت ستشمل مدعي عام التمييز ورئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس مجلس شورى الدولة ومدير عام وزارة العدل (2 سنة، و2 موارنة)، وقد حصلت اتصالات ليلا بهدف الاتفاق على الإسم الماروني لرئاسة مجلس القضاء الاعلى والاختيار تحديدا بين القاضيين سهيل عبود وروكز رزق، وهو أمر لم يتحقق. وبحسب معلومات فإن المرشحين لتولي رئاسة مجلس شورى الدولة هما القاضية ريتا كرم والقاضي يوسف نصر، علما أن هناك اختلافا بين الوزيرين جبران باسيل وسليم جريصاتي من جهة اللذين يريدان كرم، وبين وزير العدل ألبيرت سرحان الذي يؤيد نصر. 


طبخة التعيينات القضائية احترقت ليلاً
"داخل البيت البرتقالي".. فأرجأتها الحكومة
علم من مصادر وزارية ان مجلس الوزراء الذي كان مقدراً له ان يصدر تعيينات الشواغر في وزارة العدل والتي تشمل (مجلس القضاء الأعلى ورئاسته مجلس شورى الدولة ومدير عام وزارة العدل ورئيس هيئة التشريع والاستشارات) لم يطرحها لا من قريب ولا من بعيد بعدما تعذر توافق بين أهل البيت الواحد على الأسماء المطروحة والمقصود بذلك بين الوزيرين سليم جريصاتي وجبران باسيل من جهة ووزير العدل ألبير سرحان من جهة ثانية. 


وفي التفاصيل ان طبخة التعيينات كانت شهدت اخذاً ورداً منتصف ليل أول من امس وصولاً الى فجر امس واستكملت بوضع اللمسات الاخيرة قبيل انعقاد مجلس الوزراء في قصر بيت الدين بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمستشار السياسي للرئيس الحريري غطاس خوري الملم بملف التعيينات، وبين عون والوزيرين جريصاتي وباسيل قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء في مكتب المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير. 


وأشارت مصادر سياسية مواكبة الى ان سلة التعيينات اصطدمت بتمسّكل كل جهة بموقفها من خلال الاصرار على اسماء محددة من قبلها، وبشروط التصنيف او الاقدمية الخاصة بالقضاة. 


وفي المعلومات المتوافرة ان الذين طرحت اسماؤهم على رئاسة مجلس شورى الدولة هم ريتا كرم (المدعومة من باسيل وجريصاتي)، جمال الخوري، يوسف نصر (المدعوم من سرحان)… وهؤلاء لم يحظوا بالتوافق المنشود، خصوصاً ان كرم هي ليست مستشارة من الدرجة الاولى وليست رئيسة غرفة خصوصاً انه يفترض للتعيين ان يكون من سيعين رئيساً من الدرجة 12 او 14، لا تحسب الدرجات الاستثنائية الممنوحة للقضاة في التعيين وفق اعادة من نظام مجلس شورى الدولة، في حين ان الرئيس نصر حاصل على الدرجة 14 اضافة الى 3 درجات استثنائية، في حين ان القاضية جمال الخوري هي من المجلس العدلي وما زالت مرشحة، وقد علم انه عندما تم الاعتراض على اسم نصر اقترح الوزير سرحان اسم القاضي فادي الياس. 


اما في ما خص هيئة التشريع والاستشارات، فإن القاضية الرئيسة جويل فواز الخوري ما زالت مرشحة، لكن المشكلة ان هذا المنصب هو لطائفة الكاثوليك، وأن جويل على الرغم من انها متزوجة من القاضي هنري خوري (ماروني)، إلاّ انها مسجلة كاثوليك. 


اما مركز المدير العام لوزارة العدل، فإن التوافق على هذا المركز هو من حصة الرئيس الحريري والمرشحة هي القاضية رولا جدايل. 


يبقى مركز رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي يأخذ ايضاً جدلاً في البيت الواحد خصوصا وأن اسماء طرحت وتم رفضها اما لأسباب سياسية وإما لأسباب تتصل شخصية القاضي الفزة، ومن الاسماء التي ما تزال مطروحة القضاة سهيل عبود، روكز رزق وطاني لطوف. 


أما مركز مدعي عام التمييز، فيبدو ان الكل موافق على تسمية القاضي غسان عويدات، إلا ان تعيينه يتطلب صدور التعيينات الباقية سلة واحدة. 


وفي حال الاستغناء عن موفق الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس فإن المرشح لهذا المنصب قد يكون القاضي كلود غانم. 


وفي هذا السياق، علم من مصادر سياسية ان "القوات اللبنانية" التي لم يكن لديها اي إسم لطرحه، كان تتمنى لو ان هذه التعيينات تأخذ منحاً آخر وفق آلية التعيينات. 


وكانت الوزيرة مي شدياق قد كلفت بنقل موقف "القوات اللبنانية" من هذه المسألة، إلا ان الرئيس الحريري لم يرغب في طرح اي امر قبل الانتهاء من البحث في جدول أعمال الجلسة. 


وعلم ان موقف "القوات" يندرج وفق الآتي:
1- أهمية طرح الاسماء المرشحة للتعيينات في جدول اعمال مجلس الوزراء.
2- ملف متكامل عن الاسماء والسير الذاتية لكل شخص مرشح.
3- ألا تنشر الاسماء مسبقاً وكان هناك صفقة تحت الطاولة، الامر الذي يلحق ضرراً بالاسماء المرشحة، كما بهية مؤسسات الدولة. 


وعلم انه لم يتمكن وزراء "القوات" من تسجيل موقفهم من الموضوع بحيث تم رفع الجلسة.