17-07-2019
محليات
ثانياً، استكمال التحقيقات في الحادثة من قبل فرع المعلومات.
ثالثاً، الاستعداد لأي لقاء مع كبار المسؤولين بناء على اتضاح نتيجة التحقيقات، فإذا جاءت هذه النتائج تحتم إحالة الحادثة على المجلس العدلي كما يطالب حلفاء أرسلان ولا سيما “حزب الله”، فإنه مستعد أيضا للصعود إلى القصر الرئاسي ولقاء الرئيس ميشال عون ليعلن من عنده قبوله بإحالة الحادثة على المجلس العدلي بدلا من القضاء العادي، إذا أوصى التحقيق الأمني والقضائي بذلك ووجد في الوقائع ما يستأهل هكذا إحالة”.
وبدا جنبلاط في هذا الموقف واثقاً من أن التحقيقات ستكشف سياقاً للأحداث مختلفاً عن ذلك الذي يقدمه خصومه.
وعلمت “الحياة” أن “موقف جنبلاط هذا جاء بعد سلسلة أفكار وجهود، تناولتها الجولات المكوكية للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في الأسبوعين الماضيين، بين الرؤساء والفريقين الدرزيين، مع اتصالات بعيدة من الأضواء أجراها مع قيادة حزب الله الذي يدعم أرسلان ويتشدد مثله ومثل التيار الوطني الحر في مطلبه إحالة الحادثة على المجلس العدلي كما أكد ذلك أمينه العام السيد حسن نصر الله في حديثه التلفزيوني ليل الجمعة الماضي، والذي هاجم فيه جنبلاط”.
والوساطات التي كان يعول عليها منذ مطلع هذا الشهر لمعالجة حادثة الجبل، تجمدت عند رفض أرسلان تسليم المطلوبين لديه بعد تسليم الاشتراكي 8 مطلوبين أخلي سبيل أحدهم أو اثنان منهم.
لكن الأزمة أخذت بعداً سياسياً أكثر تعقيداً وتصعيداً، مع موقف نصر الله من الحادثة بالانحياز لحليفه أرسلان وبموقفه السلبي من جنبلاط، ورد الأخير عليه في اليوم التالي إثر لقائه الرئيس الحريري. فنصر الله اتهم جنبلاط بالسعي للشراكة مع الحزب في معمل الإسمنت الذي ينشئه آل فتوش في تلال بلدة عين دارة، وذكّر بموقف رئيس “الاشتراكي” من سلاح الحزب الذي كان وصفه قبل 13 سنة بـ “سلاح الغدر” وحمل عليه لأنه “يشتم حلفاءنا”… أما رد جنبلاط فجاء رافضاً اتهاماته، داعياً إياه إلى خصومة “الرجال” بدل إحاطة نفسه بمجموعات تقدم إليه معلومات مغلوطة، مع التأكيد على استمرار الخلاف في التوجهات السياسية ما عدا القضية الفلسطينية.
وتقول مصادر قيادية في “الاشتراكي” لـ”الحياة” إنها تعاملت منذ البداية مع تفاعلات الحادثة على أن خلفياتها السياسية تتجاوز الصدام بين فريقين درزيين، لمناسبة زيارة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل إلى المنطقة والاعتراضات على الخطابات التي اعتبرها المناصرون تحريضية واستفزازية. وتشدد منذ البداية على أن “حزب الله يقف وراء خصوم جنبلاط في الجبل بدليل محطات عدة منذ ما قبل الانتخابات النيابية العام الماضي، وصولاً إلى جملة حوادث أمنية مفتعلة حصلت على امتداد الأشهر الماضية”. وتعتبر المصادر عينها أن “تشدد أرسلان في مواقفه، وتضامن الوطني الحر معه، مصدره موقف الحزب ليس إلا، وأن ظنها في هذا الصدد صدق بكلام السيد نصر الله نفسه ليل الجمعة الماضي”.
وتضيف المصادر: “كنا نعتب على باسيل لأنه ينبش القبور في تصريحاته عن الجبل وعن المصالحة وعن أحداث عام 1840 وعن عودة المسيحيين إلى الجبل، فإذا بالسيد نصر الله ينبش تصريحاً لجنبلاط عن سلاح الغدر أدلى به في 14 كانون الثاني عام 2006، الذي أعقبه انطلاق هيئة الحوار الوطني برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، التي أخذت قرارات عديدة مهمة، وعودة التواصل معه، وكذلك عودة الحوار بعد أحداث 7 أيار 2008، ثم الاتفاق على تنظيم الخلاف بيننا وبين الحزب، إلى أن اعتبر السيد نصر الله إلغاء ترخيص معمل الإسمنت إهانة للحزب وقطع الاتصال معنا كلياً”.
وتقول المصادر القيادية في “الاشتراكي” لـ”الحياة” إن “موقف نصر الله الأخير أسقط سياسة تنظيم الخلاف التي كنا اتفقنا عليها منذ أكثر من 5 سنوات على قاعدة فصل التباعد في الموقف من الحرب في سوريا وفي شأن سلاح الحزب، والموقف من إيران ودورها الإقليمي، عن إدارة الشأن الداخلي في البلاد، والحاجة الملحة لإنهاء الفراغ الرئاسي منعاً لمزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي واهتراء مؤسسات الدولة
وأضاف، “مع مضي أكثر من أسبوعين توقفت مساعي تنفيس الاحتقان الذي نجم عن حادثة قبرشمون التي انعكست آثارها على الوضع السياسي اللبناني برمته، في وقت أظهر تسلسل الأحداث أن معالجتها تخضع لتحالفات ومواقف تتعدى المشكلة بين أنصار أرسلان وأنصار جنبلاط، لأن نصر الله أقفل البحث الدائر عن مخارج للأزمة الناجمة عن الحادثة”، حسب اعتقاد مصادر “الاشتراكي”.
وكشفت المصادر في الاشتراكي لـ”الحياة” أن “عدم الاطمئنان إلى موقف الحزب يعود إلى تشبث أرسلان بعدم تسليم المطلوبين لديه إلى الأجهزة الأمنية لاستكمال التحقيق. وهناك من نقل رسالة إلى جنبلاط من السيد نصر الله بالتزامن مع المساعي لدى أرسلان كي يسلم هؤلاء المطلوبين. ففي بداية المساعي ألح كلا من عون وبري على اللواء ابراهيم أن يصر على هذا التسليم. وأوفد رئيس البرلمان معاونه وزير المال علي حسن خليل لهذا الغرض إلى دارة أرسلان لتشجيعه على التسليم، من دون أن يفلح”.
وتضمنت رسالة نصر الله، والتي جاءت بعد تأكيدات بعدم التوقف عند تصريح وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي محمود قماطي يوم الحادثة (في 30 حزيران) من منزل أرسلان عن أن عهد الميليشيات انتهى، تأكيدا من قيادة الحزب بأنها تبذل قصارى جهدها من أجل تبريد الأجواء، وأنها تؤيد مبادرة اللواء ابراهيم لمعالجة ذيول الحادثة تحت سقف القانون والدولة. ثم عاد جنبلاط وتلقى رسالة أخرى من قيادة حزب الله بأنها حريصة على دور المختارة وعلى استمرارية هذا الدور، وأن لا علاقة لها بحصار جنبلاط. وهو ما اعتبرته مصادر “الاشتراكي” استخفافاً بجنبلاط، إذ هي ترى أن “لا أحد يمكنه تحديد دور المختارة لأن الأخيرة لا تحصل على هذا الدور من أحد، ولأن المختارة ومواقفها هي التي تبني لها دورها على مر التاريخ، وهذه القاعدة ستستمر في المستقبل”.
كما أن هذه الرسائل لم تكن مطابقة لسلوك أرسلان، بحسب المصادر القيادية في “الاشتراكي” التي سألت: “كيف يتلاءم الحديث عن دعم المعالجة على أساس القانون ومرجعية الدولة مع رفض أرسلان تسليم المطلوبين، واشتراطه اعتبارهم شهودا وإصراره على أن يحصل على ضمانات من الرئيس عون حول الإفراج عنهم سريعا في حال حضروا للتحقيق معهم؟ هل يعقل أن يطرح حليف الحزب شروطا كهذه، كأن التحقيق في شأن حادثة أدت لنتائج دموية، هو أشبه بزيارة أو رحلة يقوم بها المطلوبون. وهل أن الحزب غير قادر على المونة على أرسلان”؟
وكشفت المصادر القيادية في “الاشتراكي” لـ”الحياة” عن أن مبادرة جديدة أطلقها اللواء ابراهيم منتصف الأسبوع الماضي تم صوغها بعد لقاء جمعه بالرئيس عون، الذي كان التقى في اليوم نفسه أرسلان ووزير شؤون النازحين صالح الغريب، (يمثله في الحكومة)، تقوم على الآتي: “أن النائب أرسلان يرفض تسليم المطلوبين إلى شعبة المعلومات المولجة من النيابة العامة التحقيق في الحادثة، لأنه لا يثق بالشعبة ويفضل إيكال التحقيق لغيرها، تشكيل لجنة أمنية عسكرية مشتركة من مديرية المخابرات في الجيش ومن قوى الأمن الداخلي أي شعبة المعلومات، ومن المديرية العامة للأمن العام تعطى مهلة أسبوع لإنجاز التحقيقات فيمثل أمامها المطلوبون كافة بمن فيهم المطلوبون من أنصاره، يعقد اجتماع في القصر الرئاسي برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيسين بري والحريري وجنبلاط وأرسلان ينتهي بالمصالحة بين الأخيرين برعاية رئاسية، ويصدر بيان عن الاجتماع يعلن إحالة الحادثة على المجلس العدلي ويؤكد على مرجعية الدولة وسلطة القانون والتزام الفريقين سقفه”.
وأوضحت المصادر لـ”الحياة” أن الجواب الجنبلاطي على هذه المبادرة كان التحذير من عواقب المطبات التي فيها، لأن التسليم بالتشكيك بـ”المعلومات” سيقابله رفض الحريري ذلك، لا سيما بعد الحملة التي طالت هذه الشعبة من قبل بعض وزراء “الوطني الحر” في الحكومة، قبل أسابيع، ما يعني احتمال حصول مشكلة بين عون والحريري. كما أن فريق جنبلاط نبه إلى خطورة حصول تضارب في التوجهات لأسباب سياسية بين الأجهزة الأمنية الثلاثة، في شأن تقييم التحقيقات، فإذا حصل ذلك تتحول المشكلة القائمة بين فريقين سياسيين، إلى مشكلة بين جهازين أمنيين.
كما أن الموقف الجنبلاطي نبه إلى أن نص أي بيان على سلطة القانون ومرجعية الدولة، يتنافى مع امتناع فريق عن الامتثال لهذين المبدأين، طالما يرفض تسليم المطلوبين لديه.
أدت الملاحظات الجنبلاطية إلى صرف النظر عن المبادرة، فجاء كلام السيد نصر الله يوم الجمعة ضد جنبلاط على الشكل الذي صدر.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار