12-06-2019
محليات
منال شعيا
منال شعيا
اذا كان الجميع لم يبخلوا في الكلام على مشروع الحكومة الالكترونية، فان الوزيرة مي شدياق قررت منذ اللحظة الاولى لتسلمها مهمات وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية، ان تكثف العمل على هذا المشروع تحديدا، حتى يخرج اخيرا الى دائرة الضوء.
شدياق التي تجيد جيداً العمل وان كانت لا تبخل في الكلام والشرح تفصل لـ”النهار” المحاور الرئيسية لمشروعها، وهي التي تعتبر بلا منازع انه سيكون مشروعها الاول في الوزارة.
تشرح: “وضعنا خطة قصيرة الاجل تمتد لثلاثة اشهر واخرى لستة اشهر. في الخطة القصيرة، راجعنا كل الملفات القديمة، لا سيما ان بعضها كان عالقا، فعلى سبيل المثال تابعنا مشروع ترميم وحفظ الكتروني لنحو ١١ قلما كبيرا من سجلات النفوس في لبنان بعدما كان وضعها سيئا جدا، وبالتالي امكان التلاعب فيها كبيرة، كما اطلقنا مشروع مكننة وارشفة وسير المعاملات في المديرية العامة للاقتصاد والتجارة ومصلحة الملكية الفكرية حيث ملفاتها تفوق الاربعة ملايين مستند، على ان نفتتح قريبا مشروع مكننة محاكم التمييز مع مركزين لداتا المعلومات، الاول رئيسي في مبنى وزارة العدل والثاني احتياطي في محكمة العدل في الجديدة. هذا المشروع هو بالشركة مع وزارة العدل ومجلس القضاء الاعلى وبتمويل من الاتحاد الاوروبي”.
اذاً، هو مشروع متكامل ومترابط، ويكاد يشمل كل الوزارات والادارات، ولا يستثني جهازا، من الداخلية الى العدل والى الضمان ايضا، حيث تكشف شدياق “اننا عملنا على اعادة تفعيل مشروع تعزيز مؤسسة الضمان الاجتماعي، بالتعاون مع وزير العمل وبتمويل من الاتحاد الاوروبي ايضا من خلال تبسيط اجراءات المعاملات وانشاء ثلاثة مراكز نموذجية للضمان”.
الا ان المشروع الاهم الذي يعمل عليه حاليا هو “مشروع انشاء المنصة الوطنية للتبادل البيني للدولة اللبنانية من خلال مكننة السجل التجاري اولا، على ان يتم البدء لاحقا بكل المشاريع الاخرى تمهيدا للتحول الرقمي”.
خطة طويلة
اذا كان كل هذا العمل يتطلب جهدا ووقتا، فانه بالنسبة الى شدياق لا يغدو كونه عملا لمرحلة قصيرة، فيما ثمة مشاريع اخرى ستكون لفترة زمنية اطول تمتد للستة الاشهر المقبلة، ومنها “تشكيل فريق عمل داخلي لمراجعة استراتيجية التحول الرقمي التي سبق ووضعت، مع اعداد خطة تنفيذية لها، كما باشرنا ايضا مسحا شاملا لتقويم واقع كل الوزارات والادارات العامة من حيث المكننة والخدمات الالكترونية، بهدف وضع اولويات المشاريع ومنع قيام مبادرات ومشاريع مشابهة قد تكون غير مطابقة للتكنولوجيا المعتمدة في الخطة التنفيذية الوطنية، وبالتالي لئلا نهدر وقتا ومالا”.
هكذا، فان مشروع الحكومة الالكترونية يتطلب الانتقال من اساليب قديمة الى اساليب جد حديثة ومتطورة، يمكن اختصارها بالتحول الرقمي. تعلّق شدياق: “التحول الرقمي يحتاج الى منصة لادارة كل المشاريع والتأكد من نجاحها، وهذا هو دور وزارتنا حيث من المتوقع ان نخرج في ايلول المقبل باستراتيجية وطنية للتحول الرقمي مع خطة تنفيذية، وذلك طبعا بالتنسيق مع رئيس الحكومة الداعم لهذا المشروع”.
وسط كل هذا العمل، هل من عرقلة؟
لا تخفي شدياق ان “التعاون الرسمي موجود على اعلى المستويات، والعرقلة في حال وجودها لن تمنعنا من المضي قدمًا في تحقيق هذا المشروع الضروري والحيوي. ان الإنتقال قد يكون عملية بطيئة، ويتطلب وقتًا، بسبب البيروقراطية والخوف الموجود لدى بعض الموظفين من استعمال التقنيات الحديثة وضعف القدرات البشرية التقنية المطلوبة والكلفة العالية وضعف البنى التحتية وشح الموارد المالية وغياب التبادل البيني بين الإدارات، لكننا سنواصل العمل لنبرهن ان بناء قطاع عام عصري ليس مستحيلا”.
جيّد، ولكن اي علاقة وثيقة لهذا المشروع مع مكافحة الفساد؟ تعلّق: “نعمل على اعادة طرح استراتيجية مكافحة الفساد وخطة تنفيذية لها بعد اخذ ملاحظات الوزارات المعنية، ووضع مخطط لتطبيق قانون حق الوصول للمعلومات. كل هذا بالتوازي مع عملنا على التحول الرقمي، مما سيساهم في اقامة شركة حقيقية مع المواطن وردم الهوة الكبيرة في انعدام الثقة بين المواطن والدولة. اعلم ان وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية يعوّل عليها كثيرا لتكون قاطرة الاصلاح الفعلي”.
انما ليس خافياً على احد ان القطاع العام يعاني الامرّين وتحديدا لجهة التحول الرقمي، فكيف يتم التصدي لهذه المسألة؟ تقول شدياق: “ثمة مشروع كبير وهو التحوّل الاستراتيجي في عمل القطاع العام ليصبح قطاعا عاما عصريا ونشيطا وفعالا ومستداما من خلال عدد من المشاريع التي ستؤدي بالتوازي مع التحول الرقمي الى قيام قطاع عام نموذجي، ومن هذه المشاريع: تبسيط الاجراءات والمعاملات، تقويم الاداء القطاعي، التوصيف الوظيفي، اعادة الهيكلة والابنية الحكومية النموذجية والتدريب الالكتروني ورفع مهارات موظفي القطاع العام.
هذه الورشة نطمح ان ننهيها مع العام 2019، فنقدّم للرأي العام ثلاث وزارات نموذجية وهي التنمية الادارية، وزارة الاقتصاد والتجارة، وزارة الصناعة”.
تدرك شدياق جيداً ان مهمتها شاقة، لكنها “غير مستحيلة”. تختم: “من يعرف مي شدياق يعرف ان لا شيء مستحيلاً عندها”.