مباشر

عاجل

راديو اينوما

الديار: أزمة سياسيّة في الأفق.. الموازنة تأخذ طريقها الى المجلس وتُبرز مُشكلة قطع الحساب 16 مليار دولار أميركي الفارق في عجز الموازنات منذ العام 1997 حتى العام 2017

30-05-2019

صحف

 تمّ تحويل مشروع موازنة العام 2019 إلى المجلس النيابي على أن تبدأ بعد فرصة العيد جلسات مُكثّفة للجنة المال والموازنة بهدف الإنتهاء من دراستها في مدة ثلاثة أسابيع. وبعدها يتمّ تحويلها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب ليتم مناقشتها في الأسبوع الأخير من شهر حزيران. لكن المُشكلة التي ستظهر هي مُشكلة قطع الحساب للأعوام السابقة حيث تُظهر مشاريع قوانين قطع الحساب التي أرسلتها وزارة المال إلى ديوان المحاسبة فارقًا تراكميًا في العجز بقيمة 16.3 مليار دولار أميركي. فهل نحن أمام أزمة سياسية جديدة؟ 



أخر أرقام العجز 
مشروع الموازنة وبصيغته الأخيرة يقترح فتح إعتمادات بقيمة 17.08 مليار دولار أميركي منها 15.48 للموازنة العامّة و1.6 مليار دولار أميركي للموازنات المُلحقة التي تضمّ مديرية اليانصيب الوطني، المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري، والإتصالات. هذه الإعتمادات، يقابلها توقعات بإيرادات بنفس القيمة منها 12.6 مليار د.أ واردات عادية، و2.87 واردات إستثنائية، 61 مليون د.أ واردات يانصيب، 28 مليون د.أ واردات المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري ومليار ونصف واردات الاتصالات. 


العجز الذي سينتج عن الموازنة يأتي من الواردات الفعلية التي لن تتخطّى الـ 13 مليار دولار أميركي في أحسن الأحوال. وبالتالي يُصبح العجز المُقدّر 4.08 مليار دولار أميركي أي ما يوازي 7.59% من الناتج المحلّي وهي نسبة أقلّ بكثير مما تفرضه شروط مؤتمر سيدر أي 1% سنويًا على مدى خمسة أعوام. 


إذًا يُمكن القول إن الحكومة اللبنانية قامت بإنجاز على هذا الصعيد عبر لجم العجز الذي يُعتبر أساس كل العلل الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان. لكن هذا الإنجاز يأخذ أكثر صفة الإنجاز السياسي وليس المالي أو الاقتصادي على الرغم من أن الترجمة مالية. وبالتالي قد يكون هذا الأمر هو ما دفع وكالة "ستاندرد اند بورز" للتصنيفات الائتمانية إلى القول إن الخطّة التي وضعتها الحكومة لخفض هذا العجز قد لا تكون كافية لإستعادة ثقة المُستثمرين بلبنان مُلمّحة بذلك من "شباك" موازنة العام 2018 التي كانت على الورق تحوي عجزًا بقيمة 4.8 مليار د.أ لكن المُحقّق على الأرض تجاوز الـ 6.5 مليار د.أ. 


على هذا الصعيد، الأرقام التي أعطتها الوكالة في تصريح مُحللة لبنان الرئيسية لدى ستاندرد اند بورز "ذهبية سليم جوبتا" هي أرقام لا تعكس الواقع وقد يكون الأمر مُجرّد خطأ في الطباعة خصوصًا عندما تتحدّث عن نسبة دين عام إلى الناتج المحلّي الإجمالي بقيمة 143% في العام 2018! 


قرار وقف التوظيف 
على كلٍ الأحوال بعض الخطوات التي تمّ إتخاذها تحوي على جرأة من قبل الحكومة وعلى رأسها وقف التوظيف بكل أنواعه، وهذه الخطوة هي ثمن تدفعه الطبقة السياسية بحكم أن الزعامات السياسية في لبنان بُنيت على التوظيف في القطاع العام. وما التخلّي (ولو مؤقتًا) عن هذا الأمر إلا دلالة على الإنجاز السياسي الكبير الذي حقّقته الحكومة على هذا الصعيد. 


عمليًا هل ستحترم الأحزاب قرار وقف التوظيف؟ بالمطلق إن مخالفة هذا البند في الموازنة سيكون له تداعيات كارثية خصوصًا أن كتلة الأجور قاربت الستة مليارات دولار أميركي وهذا الرقم هو نصف مدخول الدوّلة تقريبًا! 


وبالنظر إلى بند المخصصات والرواتب والاجور وملحقاتها كما والإحتياط المتعلق بها، نرى أن مجموعها يصل إلى 5.91 مليار دولار أميركي مقارنة بـ 5.77 مليار دولار أميركي في العام 2018. وقد يكون هذا الفارق (2.45%) آتٍ بالدرجة الأولى من الدرجات التي تستحق في العام 2019 لموظفي القطاع العام والتي هي بمعُدّل 2% سنويًا تقريبًا. الجدير ذكره أن تجميع هذا البند من الجداول المُرّفقة بمشروع الموازنة، أوصلنا إلى 5.91 مليار د.أ في حين أن جدول إجمالي النفقات في مشروع الموازنة يُعطي 3.9 مليار د.أ وهذا الفارق يأتي من منطلق عدم إحتساب المشروع في الجدول لإحتياطات الأجور والرواتب في مختلف المؤسسات والوزارات. 


إذًا على الورق نرى أن الحكومة إلتزمت عدم التوظيف في القطاع العام للعام 2019 وتبقى العبرة في التطبيق حيث سيتمّ معرفة مصداقية التطبيق في نهاية هذا العام. 


توزيع هذه الكتّلة على موظّفي الدوّلة كما والمتقاعدين يُوصل إلى نتائج أساسية يتوجّب على الحكومة أخذ العبر منها في موازنة العام 2020 خصوصًا فيما يخص معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة.
فبند النفقات المشتركة - معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدّمة يبلغ 2981 مليار ليرة لبنانية أي ما يوازي 33% من كتلة الأجور! وهذا الأمر يعني أن الدوّلة ذاهبة إلى مُشكلة حتمية في السنوات المقبلة إذا ما إستمرّت على هذا المنهج، إذ من الضروري إعادة هندسة تمويل هذا البند من خلال هندسات مالية تسمح بإستدامة هذا النظام وضمان الأموال للموظفين الذين قد يجدون أنفسهم من دون راتب تقاعدي أو تعويض نهاية خدمة مع تطوّر غير مسبوق لهذا البند. 


أما فيما يخص توزيع الأجور على الموظفين في الوزارات والمؤسسات، فهو على الشكل التالي (الترتيب من الأكبر إلى الأصغر): وزارة الدفاع (22.65%)، وزارة التربية والتعليم العالي (19.54%)، وزارة الداخلية والبلديات (11.67%)، الاتصالات (2.57%)، رئاسة مجلس الوزراء (2.19%)، وزارة المالية (1.73%)، وزارة الخارجية والمغتربين (1.15%)، وزارة العدل (0.99%)، وزارة الأشغال العامة والنقل (0.6%)، مجلس النواب (0.56%)، وزارة الزراعة (0.51%)، وزارة الصحة (0.41%)، وزارة الثقافة (0.38%)، وزارة الاعلام (0.3%)، وزارة الطاقة والمياه (0.16%)، وزارة العمل (0.11%)، وزارة الاقتصاد والتجارة (0.1%)، وزارة الشؤون الاجتماعية (0.08%)، وزارة السياحة (0.07%)، وزارة الصناعة (0.06%)، وزارة الاتصالات (0.06%)، وزارة المهجرين (0.06%)، وزارة البيئة (0.04%)، رئاسة الجمهورية (0.04%)، وزارة الشباب والرياضة (0.03%)، المجلس الدستوري (0.02%)، المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري (0.01%)، مديرية اليانصيب الوطني (0.01%). 


على هذا الصعيد يتوجّب ذكر أن من شروط مؤتمر سيدر القيام بمسح شامل لموظفي القطاع العام مع وصف للمهامّ التي يقومون بها وكما وإعادة توزيعهم بحسب الحاجة. هذا المسح كان ليكون نقطة حاسمة لو قامت به الحكومة بالتوازي مع مشروع موازنة العام 2019 وكان ليشكّل قرينة ثابتة أمام المجتمع الدوّلي وأمام المُستثمرين.
مُشكلة قطع الحساب 


تنص المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب على "يصدق المجلس اولااً على قانون قطع الحساب، ثم على موازنة النفقات ثم قانون الموازنة". وهذه المادّة تمّ إلغاء مفعولها في موازنات 2017 و2018 على أن تقوم الحكومة برفع قطوعات الحساب للسنين الماضية في مهلة ستةّ أشهر من إقرار موازنة 2017 وتمّ تمديدها عام إضافي. 


قطع الحساب هو تقرير يُفصّل أرقام الموازنة "المُحقّقة" وبالتالي يتمّ مقارنة هذه الأرقام مع الأرقام المرصودة في الموازنة لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. 


أخر قطع حساب صدّق عليه مجلس النواب يعود إلى العام 2003. وبالتالي يُمكن القول إن على الحكومة رفع قطوعات الحساب من الأعوام 2004 إلى 2017 إلى مجلس النواب للمصادقة عليها قبل إقرار الموازنة. إلا أن تقرير وزير المال الذي قدّمه في أخر جلسة للحكومة في شهر أيلول 2017، أبرز إلى العلن مُشكلة مصداقية قطع الحساب للعام 2003 مع غياب العديد من القيود الحسابية للهبات وغيرها من العمليات على خزينة الدوّلة. وبالتالي قامت وزارة المال بعملية أخذت الاف الساعات من العمل لإعادة تكوين الحسابات الدقيقة للدوّلة اللبنانية أخذة بعين الإعتبار قيود حسابية تصحيحية على حسابات الخزينة منذ العام 1997 وحتى العام 2017. 


النتيجة التي وصلت إليها وزارة المال تُظهر أن العجز التراكمي المُسجّل في حسابات وزارة المال منذ العام 1997 وحتى العام 2017 يبلغ 39,937,243,768,886 ليرة لبنانية أي 26.5 مليار دولار أميركي. وبعد عملية التصحيح الحسابية التي قامت بها الوزارة، بلغ حجم العجز التراكمي 64,605,100,378,624 ليرة لبنانية أي ما يوازي 42.7 مليار دولار أميركي. وبالتالي يبلغ الفارق 16.4 مليار دولار أميركي لا نعلم حتى الساعة تداعياتها على الدين العام (من المُحتمل ألا يكون هناك تداعيات بحكم أن الإستحقاقات تتعلّق بالوقت وبالتالي سيتمّ المطالبة بها من قبل المُقرضين). 


على كل الأحوال هذه العملية التصحيحية لأرقام الخزينة هي عملية مباركة وستُعطي الدوّلة اللبنانية مصداقية أعلى إذا ما تمّ أخذ الخطوات اللازمة على الصعيد المالي. هذه الخطوات تتمثّل بخطّة واضحة لخفض العجز على السنوات الخمس المقبلة ولكن أيضًا خطّة واضحة لخفض الدين العام بالمطلق ونسبته إلى الناتج المحلّي الإجمالي. 


وفي الإنتظار، سيكون هناك سيناريوهان: الأول، يقوم مجلس النواب بالتصديق على قطوعات الحساب للأعوام المذكورة دون أي ضجّة (عملاً بمبدأ "عفا الله عما مضى"). والثاني، تحتدم المواجهة السياسية بين الأفرقاء لمعرفة تفاصيل الفارق في الحسابات ومن المسؤول، وهنا قد يكون أمام لبنان أيام عصيبة مع كل الإستحقاقات التي تنتظره من الملف النفطي، إلى ملف التوطين مرورًا بأزمة النازحين السوريين. 

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.