27-05-2019
مقالات مختارة
مع كلّ بند يقرّه مجلس الوزراء، تعلو الصرخات بين مؤيّد ومعارض وبين مَن يراه يستهدف جيوب المواطن ومَن يعتبره يدعم الصناعة الوطنية.
“يوم أبيض” للصناعة اللبنانية والإنتاج الوطني و”يوم أسود” للتجار والمستوردين. هكذا وُصف قرارا الحكومة الهادفان لحماية المنتجات الوطنية من قبل المؤيّدين (الصناعيين) والمعارضين (التجار).
فقد أقرّ مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، وضعَ رسوم مقطوعة بنسبة 2 في المئة على كل المستوردات باستثناء الأدوية والسيارات الصديقة للبيئة وكل الآلات والمواد الأوّلية المستخدَمة في الصناعة.
كما تمّ إقرارُ فرض رسوم نوعية تراوح بين 5 و20 في المئة على 20 سلعة مستوردة يوجد لها مثيل في الصناعات اللبنانية، وذلك من اجل حماية المنتجات المحلية.
يشمل القرار سلعاً يتمّ استيرادُها من الدول التي لا يرتبط معها لبنان باتفاقات تجارية وهي: البسكويت والويفر، النسيج والملبوسات، ورق التخديد وورق التست لاينر، مواد التنظيف، البرغل، الطحين، أنابيب الحديد، الألمنيوم، البرادات والمجمّدات والأفران والغسالات، الأحذية والمصنوعات الجلدية ومستلزماتها.
كما يشمل القرار سلعاً يتمّ استيرادُها من كافة الدول وهي:
الرخام والغرانيت، كرتون البيض، الأدوات الصحية، المفروشات، الكورن فليكس، المحارم المعطّرة، المأكولات المعلبة، الورق الصحي وصناديق الشاحنات.
مع الاشارة الى أنّ الدول التي وقّع لبنان اتفاقيات تجارية معها لن تخضع السلع المستوردة منها الى الرسم النوعي المفروض على المجموعة الأولى من السلع المشار اليها اعلاه.
في هذا الإطار، اعتبر عضو لجنة القضايا الإنتاجية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال أنّ فرض رسم 2 في المئة على كافة المستوردات له تداعيات مباشرة على المستهلك بشكل اساسي، لأنّ هذه النسبة ستزيد كلفة التاجر الذي لم يعد في إمكانه، في ظلّ الجمود الاقتصادي الحالي وتراجع المبيعات، استيعاب أيّ زيادات إضافية من دون تحميلها الى المستهلك.
وقال لـ”الجمهورية” إنّ رسم الـ2 في المئة سيضاف الى أسعار السلع من “المنبع”، سيزيد المستوردُ عليها نسبة أرباحه وكلفته التشغيلية، لتصل الى تاجر الجملة الذي بدوره، يضيف نسبة أرباحه وكلفته التشغيلية، لتصل السلعة الى تاجر المفرّق الذي يقوم بالعملية نفسها، وأخيراً تصبح في متناول المستهلك لتضاف اليها ضريبة القيمة المضافة، وبالتالي ستصل نسبة الزيادة الفعلية على المستهلك الى 5 في المئة في ما يخصّ السلع الفاخرة والى 10 في المئة بالنسبة للسلع العادية والمواد الغذائية وغيرها.
وأشار رمال الى أنّ هذا الرسم سيطال المستوردات التي تدخل لبنان وبالتالي ستطال قطاع البناء، وقطاع النقل حيث ستخضع المحروقات أيضاً لهذا الرسم وسترتفع الأسعار بنسبة تراوح بين 3 و5 في المئة، بالإضافة الى قطاع المأكولات والسوبرماركت والمواد الغذائية.
أما بالنسبة للرسوم النوعية المفروضة على 20 سلعة مستوردة من أجل حماية المنتجات المحلية، فلفت رمال الى أنّ هذه السلع في جزء كبير منها هي مواد غذائية تستهلكها الطبقات الاجتماعية كافة فقيرة وغنية، “وبالتالي هي ضريبة مباشرة على ذوي الدخل المحدود”.
ورأى أنّ رسوم الحماية يجب أن تُفرض عندما تكون هناك معامل عدة لصناعة معيّنة في لبنان لا مصنعاً واحداً أو مصنعين لا يلبيّان الاستهلاك المحلي ولا يتمتّعان بالقيمة المضافة (added value) التي يبحث عنها المستهلك. وعلى سبيل المثال، تمّت زيادة رسم نوعي على البرادات والمجمّدات بنسبة 10 في المئة سيضاف الى الرسم المطبّق حالياً والبالغ 15 في المئة ليصل الرسم الجديد الى 27 في المئة حيث سيضاف أيضاً اليه رسم الـ2 في المئة على كافة المستوردات، علماً أنّ هناك مصنعاً واحداً في لبنان يقوم بتجميع البرادات لا صناعتها. وبالنسبة للألمنيوم أيضاً، تمّ فرض رسم نوعي سيضاف الى الرسم الحالي لتصل القيمة الإجمالية الى حوالى 32 في المئة، رغم أنه يوجد مصنع واحد فقط في لبنان لا يغطي الطلب المحلي. كذلك الامر بالنسبة الى الكورن فليكس”.
وقال: “الملفت أنّ السلع التي تمّ اختيارُها من أجل حمايتها، تنتجها مصانع تعود ملكية معظمها للنواب الصناعيين في البرلمان اللبناني”.
واعتبر رمال أنه تمّ خلقُ هيكلية جديدة للتسعير، بحجّة دعم الصناعة، علماً أننا نؤيّد دعم الصناعة الوطنية ونشجّع دعم الصناعات اللبنانية التي تتمتع بقيمة مضافة. وأسف لأن تكون الحكومة قد وضعت الصناعيين في مواجهةٍ مع التجار، على عكس ما يجب أن يكون سائداً من تكامل بين الصناعيين والتجار.
كما تخوّف من أنَّ رفع أسعار السلع وزيادة الرسوم الجمركية سيؤدّي الى زيادة التهريب، ما سيحرّم الخزينة من إيرادات إضافية.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
هل نقترب من النموذج المصري؟
مقالات مختارة
الإقتصاد ينقسم الى مشهدين... والأسعار «تطير»
مقالات مختارة
مؤسسات التصنيف «تحوم» حول لبنان
مقالات مختارة
الحكومة استفاقت: هناك مؤسسات لا معنى لبقائها
مقالات مختارة
سلامة: اللبنانيون في الخارج يتأثرون سلباً