07-05-2019
تقارير
أنتم... يا من احتفلتم سكارى في العِلَب الحمراء وليالي العيد الصاخبات، هل سمعتم: أنَّ والداً سرق ربطة خبز ليطعم أولاده الجياع فأودع السجن، وأن زوجته حملت أطفالها الى القاضي تستعطفه إطلاق سراح زوجها لأنها لا تملك البدل الماديّ للعقوبة...؟
هل شاهدتم مِـنْ على الشاشات ذلك البائس الذي يعيش في هيكل سيارة وتلك المرأة التي تنام تحت الجسر، وكلاهما يقتات من كرم المحسنين، والمحسنون: منهم من أصبح يحتاج الى محسن، ومنهم من أصبح يحتاج الى الرحمة...؟
وهل سمعتم بذلك الوالد الذي قتل طفليه وانتحر تملّصاً من مرارة الحياة وذُلِّها، وتبصّرتم بتلك الأيدي المرتجفة وهي تغافل المارة لتلتقط من مستوعبات القمامة بقايا موائدكم الباذخة..؟
وماذا تعلمون عن مآسي العائلات المقهورة والأكواخ المستورة...؟ حتى الأرملة لم تعد تملك ذلك الفِلْس الذي تبرعت به أمام المسيح.
وهل تستبعدون تسلّل بعض الأمهات الشريفات تحت أجنحة الليل لبيع أنفسهنّ قهراً مقابل ما يسدّ رمقاً لطفل قد يموت..؟
وأنتم تصفِّقون للطير وهو يرقص مذبوحاً من الألمِ، هل تقرأون الأخطل الصغير القائل:
تقضي المروءةُ والأجفانُ واقفةٌ وسط المآتمِ أنْ لا تُظهرَ الفَرحَا
وهل يفرحكم ما آلت إليه حال شعب لبنان العظيم، هذا الشعب كما يقول «لينين»: «.. الذي أعطى أصواته ببطونه الجائعة وأقدامه الحافية...» لمن أصبحوا حكاماً وأحزاباً وزعماء، لينتقلوا بسحر الكراسي من بؤرة العسر الى نعمة اليسر، ومن تواضع الدور الى فخامة القصور وحولها الجنائن المفاتن، وحدائقُ لأجناسٍ من الحيوان تنعم بالمأكل والمشرب بما هو أشهى مما يأمله المساكين من الناس.
ومع أنَّ قباب القصور الشامخات تظهر من نوافذ قصر العدل فلا القضاء يعاقب ولا المجلس النيابي يحاسب، إنهم محصنون، وبقوة سلاحهم يغتالون قوة القانون وينهبون ولا يشبعون، على ما يقول أنَس بن مالك نقلاً عن النبي: «لو أنّ لابن آدم وادياً من الذهب أحبَّ أن يكون له واديانِ ولن يملأ فاه إلا التراب».
هذه دولتك يا شعب لبنان العظيم، تنهزم أمام رجالها الميامين وأمام المستكبرين وتستقوي على انهزام المستضعفين، هي سلطة الدولة القوية العادلة التي تتعامى عن قانون عذاب الإنسان وتحرِّك النيابة العامة في الشمال ضد المدعو يحيى سليمان سنداً الى قانون الحيوانات الأليفة لإنه كان يعذّب هـرّة.
إنها معادلة اعتمدتها دول النظام البوليسي... هتلر أيضاً أصدر قانوناً ضد العدوانية تجاه الحيوانات، فيما كان أحد أبرز الأبطال التاريخيين في ارتكاب المجازر ضد الإنسانية، والشاعر أحمد شوقي يشرح ما كانت تحظى به كلاب الأستانة العثمانية فيقول:
قالوا فروقُ الملْكِ دارُ مخاوفٍ لا ينقضي لنزيِلهـا وسـواسُ
وكلابُها في مأْمَنٍ فاعجِبْ لها أَمِـنَ الكلابُ بِها وخافَ الناسُ
أخطر ما قد يصل إليه الإنسان في هذا الزمان، هو أن يحسد حياةَ الهـرَرَة والكلاب.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
جمهوريةُ لبنان ورأس يوحنا
مقالات مختارة
الرئيس القوي وأبو العلاء المعرّي
مقالات مختارة
الثورة ... أو التقسيم أو الإنتحار
لكل مقام مقال
مجاعةٌ ونفْطٌ... وكورونا
تقارير
الأمير والوزير والشيطان