03-05-2019
محليات
وفيما كان المَشهد الداخلي في حال ترقُّب لكلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي تحدّث عصراً وتناول عناوين داخلية وإقليمية في لحظة بدء سريان قرار واشنطن بوقف الإعفاءات التي كانت منحتْها لثماني دول لشراء النفط الإيراني، بدت الأجواء التي تحوط مسار إقرار الموازنة وكأنها في مرحلة «ما بعد العاصفة» التي هبّت على «جبهتيْن»:
الأولى عبّر عنها اندلاعُ (المعارك الجانبية) بين مكوّنات في الحكومة (فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وفريق رئيس البرلمان نبيه بري) على خلفية خيارات وعناوين تتّصل بإجراءاتٍ تقشفيةٍ أحْدَثتْ إثارةُ بعضها في الإعلام (غباراً) عَكَس دخول مجمل ملف الموازنة في لعبة مزايداتٍ سياسية – شعبية راوحت القراءات لخفاياها بين حدّيْن: إما أنها في إطار (حجْز إنجازاتٍ) تتصل بالتراجع عن بعض الإجراءات المؤلمة وإما أنها في سياق تقاذف مسؤولية مبكّر عن الفشل في إقرار موازنةٍ إصلاحية يعاينها المجتمع الدولي عن كثب ليُفْرِج على أساسها عن الأموال المخصّصة للبنان في مؤتمر«سيدر» (نحو 11 مليار دولار).
والثانية تحركات احتجاجية في الشارع ضدّ أي خيارات تمس رواتب العاملين في القطاع العام او المتقاعدين (عسكريين ومدنيين) وتقديماتٍ أساسية، وهي التحركات التي استفادت من تسريباتٍ حول إجراءاتٍ، كان بعضها من ضمن سلّة أفكار نوقشت قبل بدء بحث مشروع الموازنة على طاولة الحكومة ثم جرى غضّ النظر عنها (مثل تجميد نسبة 15 بالمئة من رواتب كل العاملين في القطاع العام ثم قصْر الفكرة على الرواتب العالية).
وقد حرّك هذا المناخ العسكريين المتقاعدين الذين نزلوا مجدداً الى الشارع الثلاثاء في رسالة تحذيرية لم يُفهم عنوانها باعتبار أن وزير المال أكد أن لا مساس برواتبهم، قبل أن يُعلَن الإضراب العام بدءاً من الأربعاء في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة احتجاجاً على أي اقتطاعات من المعاشات أو ضرائب جديدة، وهو الإضراب الذي استمرّ أمس.
وفيما كانت قوى سياسية تتقدّمها «القوات اللبنانية» تطلق معركةَ سحْب الأبعاد الشعبوية عن المناقشات حول الموازنة لمصلحة مقاربة هذا الملف الحساس بواقعيةٍ وبمعزل عن تحميل المسؤوليات عما آلتْ إليه الأوضاع وعلى قاعدة «أن الأهم اليوم إطفاء النار التي من الممكن أن تحرق المنزل بأكمله»، كما توجّه رئيس «القوات» سمير جعجع الى «كل من يقومون بالتحركات في الشارع»، سُجلت أمس، إشارتان «تبريديتان».
فعلى مستوى الحكومة التي عقدت جلسة ثالثةٍ لمناقشة الموازنة برئاسة رئيسها سعد الحريري، بدا واضحاً التزام أطرافها بالتوافق الذي حصل في جلسة الأربعاء على عدم التسريب أو الدخول في مناقشاتٍ عبر الإعلام، وذلك في أعقاب الجو المتوتر الذي ساد تلك الجلسة على خلفية تحويل الموازنة مادة لمنازلات عبر المنابر، وسط تقارير أشارت الى أن وزير المال علي حسن خليل هدّد بترْك الجلسة قبل أن يتدخّل الحريري ويعمد وزير الخارجية جبران باسيل (من فريق عون) الى التأكيد لخليل تأييده في كل الإجراءات التي يقترحها وحتى في خياراتٍ أبعد منها.
وقد حرص وزير المال على القول قبيل جلسة أمس «اليوم يوم آخَر وقد انتهت مسألة المزايدات والتشويش على الموازنة».
أما على صعيد التحركات الاحتجاجية، فلفت تَولّي وزير العمل كميل أبو سليمان (من «القوات») فتْح قنوات تواصل عملية وعلمية بين الاتحاد العمالي العام ووزير المال لسحْب فتيل الشارع، حيث كان لقاء ثلاثي حمل بعض الجوانب الإيجابية التي نقلها رئيس العمالي العام بشارة الأسمر الى المشارِكين في الإضراب العام على أن يُتخذ في ضوئها قرار بالاستمرار في الإضراب (حتى السبت ضمناً) أو عدمه. علماً أن ثمة انطباعاً بأن قسماً لا يُستهان به من الإجراءات المؤلمة التي جرى التفكير فيها سَقَطَ، وهو ما جَعَل بعض الخبراء الاقتصاديين يصفون ما كان يُنتظر ان يكون موازنة ثورية بأنه سيكون «موازنة جبانة» قد تُقر الأحد تمهيداً لإحالتها على البرلمان، وسط رصْد لما سيكون عليه رد فعل الدول المانحة على مضمونها الإصلاحي الخجول.
وفي موازاة ذلك، كان رئيس الحكومة يؤكد في افتتاح منتدى الاقتصاد العربي 2019 بحضور رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي يقوم بزيارة لبيروت تخللّتها محادثات رسمية مع الحريري أمس (مع توقيع اتفاقات ثنائية اليوم)، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط «إننا مصرون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وأنا على أن الإصلاحات يجب أن تتم رغم صعوبتها لأنها لمصلحة اللبنانيين».
أبرز الأخبار