30-04-2019
مقالات مختارة
عماد مرمل
عماد مرمل
غالب الظن انّ الكيان الاسرائيلي كان مسروراً خلال الايام الماضية بالسجال الناشب، والذي كاد دخانه وضجيجه يغطيان على أصل القضية وهو أنّ عدواً يجثم فوق ارض محتلة «جيناتها» لبنانية، على ما تؤكد فحوصات الـ»دي إن أي» للتاريخ والجغرافيا، والمتمثلة في السجلات العقارية والوثائق المتوافرة لدى أصحاب الملكية... والخبرة.
وقد تركت عملية جنبلاط في الاتجاه المعاكس داخل «المزارع» تداعيات اضافية على العلاقة التي ساءت مع «حزب الله» عقب التجاذب الذي ساد حول معمل الاسمنت في بلدة عين دارة، بين قرار بمنحه الترخيص يحمل توقيع وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن، وآخر يلغيه صادر عن وزيرالصناعة الحالي وائل ابو فاعور، الى أن حسم مجلس شورى الدولة الأمر وأعطى الحق للحاج حسن، ما زاد في الطين بلة، بدلاً من ان يكون الحكم القضائي هو المخرج.
وبينما يميل البعض الى وضع تصعيد جنبلاط في سياق الرهان على تطورات خارجية والاستعداد لملاقاتها، يفضّل البعض الآخر ان يحصره في الاطار المحلي المَحض ربطاً بانزعاج رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» من طريقة تعاطي «حزب الله» معه في الآونة الأخيرة، وصولاً الى النزاع على شرعية إنشاء معمل الاسمنت.
ويعتبر «حزب الله»، على ما يؤكد العارفون، انّ مقاربة جنبلاط لملف مزارع شبعا خاطئة شكلاً ومضموناً، مستغرباً كيف انه استسهل التنازل عن مبدأ السيادة اللبنانية على هذه المنطقة، بالتزامن مع اعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالسيادة الاسرائيلية على الجولان المحتل الذي تُدرج «المزارع» ضمنه وفق تصنيف العدو.
بالنسبة الى «الحزب»، حُسمت لبنانية «المزارع» على طاولة الحوار الوطني وفي البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة وفي السجلات العقارية والمراسلات مع سوريا، وبالتالي لا يجوز لأحد أن يمنحها هبة الى الاحتلال الاسرائيلي، «فقط لأنه اختلف معنا وزعلان منّا».
ولم يكن هناك، في رأي «الحزب»، من سبب لكسر قاعدة «ربط النزاع» التي نظّمت العلاقة بينه وبين «الاشتراكي» طوال السنوات الماضية، وسمحت للطرفين بالتعايش، وأحياناً التعاون، تحت سقف تحييد الخلاف حول الازمة السورية وسلاح المقاومة لحساب تعزيز القواسم المشتركة المتصلة بقضايا وتحديات داخلية.
ويستهجن «الحزب» كيف أنّ التباين في شأن وضع معمل الاسمنت، يمكن ان يؤدي الى رد فعل من وزن التفريط بمزارع شبعا وما تمثّله، إذا جرى اعتماد التفسير المحلي لموقف جنبلاط، «علماً انّ ما يهمنا في مسألة المعمل هو انسجام قرار وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن بالترخيص له مع المعايير القانونية المرعية الاجراء، وهذا ما ثبّته حكم مجلس شورى الدولة الذي كان يتوجّب على جنبلاط الالتزام به، تحت سقف احترام القضاء، كونه المرجعية الفاصلة التي يتم الإحتكام اليها للبت في أي خلاف».
السفير السوري
أين دمشق من السجال المتجدد حول هوية «المزارع»؟
يؤكد السفير السوري لدى بيروت علي عبد الكريم علي لـ»الجمهورية» انه سبق لدمشق أن خاطبت الامم المتحدة في شأن لبنانية مزارع شبعا، «وهناك مواقف صادرة عن وزير الخارجية السورية في هذا السياق، والمسؤولون اللبنانيون يعرفون أننا أبدَينا كل تجاوب ممكن في هذا الملف».
ويُنبّه علي الى «خطورة الموقف الذي صدر عن أحد السياسيين اللبنانيين أخيراً، لأن من شأنه أن يبرّر او يغطي الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا». وقال: «حتى لو افترضنا انّ هذه المزارع سورية، لا يجوز ان يصدر كلام من هذا النوع، فكيف إذا كانت لبنانية أصلاً».
وحسماً لكل نقاش، ومنعاً لأي تأويل، يشدد السفير السوري على «انّ مزارع شبعا لبنانية، والدولة السورية تقرّ بذلك، مع الأخذ في الاعتبار انه قد توجد بعض الاراضي المتداخلة او المشتركة مثلما يمكن ان يحصل عند اي حدود بين دولتين، خصوصاً انّ هناك روابط وثيقة وصلات قربى تجمع عائلات سورية بأخرى لبنانية، إنما هذا لا ينفي في كل الحالات انّ هوية «المزارع» هي لبنانية».
ويشير علي الى انه سبق للرئيس فؤاد السنيورة نفسه، وهو المتناغم في خياراته مع جنبلاط، ان أكد انه سمع شخصياً من الوزير فاروق الشرع انّ مزارع شبعا لبنانية. «ولذا، فإنّ التشويش على هذه المسألة الآن مفتعل ولا يفيد سوى الاحتلال». ويعتبر علي انه «يجب عدم تضييع البوصلة والتلهّي بمشكلات مفتعلة»، لافتاً الى «انّ المشكلة الاساسية والوحيدة تكمن في الاحتلال الاسرائيلي لـ»المزارع»، مشيراً الى «انّ هناك قراراً دولياً يطلب من العدو الانسحاب منها، وما عليه سوى تنفيذ هذا القرار، «وبعد ذلك لن نختلف مع الدولة اللبنانية حول مصير «المزارع» وترسيم حدودها، وكل الأمور ستكون على ما يرام».
ويلفت السفير السوري الى استحالة حصول الترسيم في ظل الاحتلال الاسرائيلي المستمر لتلك المنطقة، مؤكداً «انّ سوريا تريد عودة «المزارع» المحتلة الى لبنان».
ورداً على مطالبة البعض دمشق بتوقيع خريطة حدودية تثبت لبنانية «المزارع» لتسليمها الى الامم المتحدة، يدعو علي الى عدم الاستسلام لطروحات من هذا القبيل، والانسياق خلفها، منبّهاً الى انه «يُراد منها تقديم ذريعة للعدو تُسهّل عليه المناورة، وتبرّر استمرار احتلاله، مشدداً على انّ الامم المتحدة تملك كل المعلومات والخرائط الضرورية، «والأزمة ليست بين لبنان وسوريا بل بين لبنان والاحتلال الاسرائيلي».
أخبار ذات صلة
محليات
جنبلاط يرفض لقاء لاريجاني
أبرز الأخبار