مباشر

عاجل

راديو اينوما

Logo
ositcom-web-development-in-lebanon

الغيوم تتجمّع فوق الشرق الأوسط.. حربٌ داهِمة أم مؤجَّلة؟

26-04-2019

مقالات مختارة

ايليا ج. مغناير

ايليا ج. مغناير

في الأعوام الأخيرة، أثبتتْ إسرائيل قدرتَها على القراءة بين السطور وتقويم الوضع السياسي – العسكري بدقةٍ في الشرق الأوسط، ما شجّعها على ضرْب أهداف لأعدائها في اللحظة المواتية في كلّ من سوريا والعراق.

فالدعمُ اللامحدود، الداخلي والإقليمي والدولي، لرئيس الوزراء اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو، سَمَحَ له بتوجيه ضرباتٍ لأعدائه في المنطقة وعلى الحدود مع اسرائيل، أي سورية و«حزب الله» والقوات العراقية والإيرانية، في الوقت الذي لم يتح الوضع الإقليمي إمكان قيام هؤلاء بالردّ على الضربة على النحو الذي أرادوه.

واليوم تزداد أكثر من أي وقت احتمالاتُ المواجهة العسكرية، عبر حربٍ قد تشعلها إسرائيل وأميركا بعد العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على إيران وشريكها «حزب الله»، والتي ستؤدّي بالتأكيد إلى ما يصعب التكهّن به نتيجة الاستعدادت المتبادلة منذ العام 2006.

والأهمّ وسط هذا المناخ، أن إظهارَ خصوم اسرائيل أي علاماتٍ يمكن أن تُفسَّر على أنها ضعفٌ وقراءتَها من تل أبيب على هذا النحو، يمكن أن يدفع إسرائيل إلى استفزازِ «حزب الله» وحلفائه وجذْبهم إلى طريق غير محسوبة النتائج.

ولاسرائيل تاريخٌ طويل في العدوان على لبنان. وتالياً، فإنّ ردّة الفعل اللبنانية الداخلية على خطاب قيادة «حزب الله» وتحليل الوضع القائم وارتباكاته قد يُعْطي مرةً أخرى إشاراتٍ خاطئة لإسرائيل، مما يمكن أن يدْفعها للتفكير بمهاجمة دول الجوار القريبة منها لملاحظتها إشارات ضعْفٍ لديها، الأمر الذي يزيد تالياً من التقديرات التي تشي بأننا في زمن حرب، وأن هذه الحرب إذا حصلتْ ستكون مدمّرة على لبنان اعظم من حرب عام 2006 وكذلك على إسرائيل وفي مستوى لم تشهده منذ 1973.

لقد تفاعَلَ الشارعُ اللبناني مع الأخبار التي سُرّبت عن أن الحرب على الأبواب بردّة فعل غير متوقَّعة أحْرَجت محلّليها لإظهارها بوضوح أن اللبنانيين لم يعودوا مستعدّين لدفْع ثمن حرب أخرى (وذلك بعد حرب 2006، والمحاولة الفاشلة والقتال على مدى نحو 8 أعوام لإفشال محاولة إسقاط النظام في سورية)، وأن عدد الإصابات التي تلقّاها الحزب في الأعوام الأخيرة عالٍ الى الحدّ الذي يجعله يتجنب أي جولة جديدة من المواجهة قد تفرضها إسرائيل عليه وعلى بيئته الحاضنة، إضافة إلى انه سيجد صعوبة – في حال فُرضتْ عليه الحرب – لاعادة التذخير بالأسلحة بالسرعة نفسها التي حصلت بين 2006 و 2019.

ومن غير الصعب فهْم الطبيعة المفاجئة لردّة الفعل التي أثارها الكلام عن حربٍ متوقَّعة والتي تعكس إدراكاً بان لبنان لن يستطيع إقناع دول الخليج بإعادة إعمار ما قد تدمّره اسرائيل انتقاماً من «حزب الله»، في الوقت الذي ترْهق العقوباتُ الأميركيةُ على إيران وشعبها الخزينةَ الإيرانية مما يُفْقِدها القدرةَ على دفْع المال اللازم لإعادة البناء (في لبنان) بحال الحرب مع اسرائيل التي توعَّدتْ لبنان ككلّ بدمار كبير جداً انطلاقاً من اعتباره من اسرائيل وأميركا مسؤولاً عن حماية «حزب الله» واحتضانه.

ورغم أن الضرر الذي سيُلْحقه الحزب باسرائيل، سيكون هو الآخَر مدمّراً، فإن ثمة فارقاً أساسياً وهو أن الدولة العبرية تستطيع الاعتماد على دعمٍ لإعادة إعمار ما قد يُدمّر.

 

إذاً احتمال «عدم نشوب الحرب» موجودٌ وكذلك احتمال اندلاعها. ولأنّ ميزانَ الربح والخسارة سيعود دائماً إلى إسرائيل البادئة وصاحبة الطلْقة الأولى، فقد يكون ترجيحُ فرضية «اللا حرب» كما يَعتقد قادة «حزب الله» غير دقيق لأن التوقيت والمبادرة هما في يد إسرائيل، ما يفترض بأي قائد عسكري وسياسي أن يأخذ في الاعتبار السيناريو الأسوأ ويستعدّ له والاخذ بنصيحة القادة العسكريين. وأي قول غير ذلك لا يُفهم إلا على أنه استجابةً لحساباتٍ محلية تغليباً للشعور بالأمل والسلام وتَجَنُّباً لمشاحناتٍ بين اللبنانيين وتفادياً لتقديم الاحتمال الآخَر كما هو كونه الأكثر كآبة، وخصوصاً أن لبنان يعيش أيضاً تحت وطأة العقوبات الأميركية المتدحْرجة على «حزب الله» ورجاله ومناصريه الأغنياء ورجال الأعمال وبيئته الحاضنة.

ورغم التفاعل الكبير مع التسريبات عن اللقاء الخاص بين قيادة «حزب الله» وقادة المناطق خصوصاً الجنوبية، فإن ما رَشَح لم يَلْقَ تَفَهُّماً من كل الوسط السياسي اللبناني الذي بدا وكالعادة مُنْقَسٍماً وعلى نحو حاد بين المؤيدين لمحور المقاومة ومُناهِضيه، وهو الانقسام العمودي الذي ظَهَرَ تأثيرُه وتأثير الإعلام على المجتمع اللبناني وصانعي القرار، ما قد يعطي مؤشرا خاطئا بضعفَ الجبهةِ الداخلية أمام احتمال الحرب ورغبة الناس بعدم نشوب أي مواجهة في المستقبل وعدم استعدادهم لتقبُّل فكرة فقدان زعيمهم في أي حربٍ محتملة.

ومن المهمّ في هذا السياق القول إنه حتى لو قرأتْ إسرائيل كل هذه النتائج على أنها إشاراتٌ تفتح شهيّتها على الحرب، فإن الأكيد أن عليها أن تأخذ في الاعتبار أن «حزب الله»، إذا وجد نفسه وقد تزاحم عليه الاعدا، فمن الممكن أن يُفْرِغ كل صواريخه ولن يلتزم بـ «قواعدِ اشتباكِ» غير مُتَفَّقٍ عليها والتي غالباً ما يَجْري التفاهمُ التلقائي على طبيعتها إبان الحرب.

ورغم أن اسرائيل تتمتّع بدعْم وسائل الإعلام الدولية ولديها الكثير من الأصدقاء، فهل هي مستعدّة للحرب؟ وهل تستطيع تحقيق أهدافها؟ هل يمكنها القضاء على مئات الآلاف من اللبنانيين الذي يشكّلون خزان المقاومة؟ وتالياً لماذا تُقْدِم على المواجهةِ العسكرية ما دامت تعتقد هي (اسرائيل) والولايات المتحدة أن نتائجَها سَتَتَحَقَّقُ عبر الحرب الناعمة المتمثّلة بالعقوبات؟

إن إيران، حليفة «حزب الله»، تتّجه اليوم إلى المجهول خصوصاً بعدما أعلنت أميركا عزْمها على خفض صادرات إيران النفطية إلى صفر عبر إنهاء الإعفاءات الأميركية لشركاء طهران. ورغم أن هناك استحالة لعزْل إيران لأنها ستكون قادرة على تصدير نصف إنتاجها (المجموع هو 3.5 مليون برميل يومياً) باعتبار أن أميركا لا تفرض حظْراً على تحرّك السفن وإلا سيُعتبر ذلك إعلان حرب وسيؤدي إلى حرب شاملة، فإن أميركا تنوي فرْض عقوبات مالية على كل مَن يتعامل مع طهران لمنْعها من بيع النفط وتمويل شركائها.

 

إنها حربُ خنْقٍ ستَظْهر فعاليتها على المستوى القصير والبعيد. وقد اتُبع هذا الأسلوب في سورية بنجاح. ولكن ماذا ستكون ردة فعل إيران و«حزب الله» إذا حوصرا؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال، إلا أنه من المؤكد أن السُحُب تتجمّع فوق الشرق الأوسط.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما