16-04-2019
محليات
أكرم حمدان
أكرم حمدان
وهل التخفيض من باب الكهرباء أو النفقات غير الضرورية سيوفي بالغرض؟ أم أن التوجه سيكون لفرض ضرائب جديدة أو تخفيض لرواتب القطاع العام؟ وماذا عن رواتب ومخصصات بعض رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة في مؤسسات عامة ومصالح مستقلة تتجاوز أحياناً رواتب الرؤساء والنواب والوزراء؟ وماذا أيضاً عن الازدواجية في التعويضات لبعض من لديهم أكثر من وظيفة في الدولة؟
هذه الأسئلة وغيرها يجري بحثها ومناقشتها في الجلسات والاجتماعات المغلقة، التي تجري بين القوى السياسية والكتل النيابية ورئيس الحكومة ووزير المالية، ويساهم فيها بشكل مباشر وغير مباشر كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
يتحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري في أكثر من اتجاه، وعلى أكثر من جبهة في الملف الاقتصادي، فهو يعتبر أن الوضع الاقتصادي للبلاد يتطلب اتخاذ خطوات جذرية توقف حال التدهور. وأولى هذه الخطوات، برأي رئيس البرلمان، تبدأ من الموازنة.
تقول أوساط بري وعين التينة لـ”المدن” إن الأولوية بالنسبة لرئيس المجلس الآن هي في دراسة وإنجاز الموازنة من قبل الحكومة، وإحالتها إلى مجلس النواب لينكب على دراستها وإقرارها في أسرع وقت ممكن، وقبيل انتهاء دورته العادية في 31 أيار المقبل.
وتشير هذه الأوساط إلى أن بري “يساعد” الحكومة عبر عقد سلسلة اجتماعات مع وزارات وجهات عدة، لتسهيل إنجاز الموازنة، وتخفيض العجز لنسبة تصل إلى 9 بالمئة. وهذا ممكن بتنفيذ مجموعة إجراءات، يُقال إنها موجعة وقاسية وصعبة. لكنها، حسب أوساط بري، لن تطال ذوي الدخل المحدود.
ويجزم رئيس المجلس أمام زواره وسائليه، أن لا مس بسلسلة الرتب والرواتب للموظفين. وأن الإجراءات القاسية ستطال رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين، وكذلك بعض الموظفين الكبار في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من أصحاب الرواتب والمخصصات العالية والكبيرة.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن الاجتماع الذي عقد بين الرئيسين بري والحريري بعيد جلسة الأسئلة الأخيرة، والذي شارك فيه وزير المالية علي حسن خليل ودام نحو أكثر من ساعة، بحث في كل هذه الملفات والعناوين. وأن رأي بري الثابت “إنجاز الموازنة يفرمل عملية الإنحدار الجارية الآن”.
دعوة بري للجلسة التشريعية يوم الأربعاء في 17 نيسان الحالي، وما يتضمنه جدول الأعمال، الذي أقرته هيئة مكتب مجلس النواب، يأتي في سياق المواكبة والمتابعة السريعة من قبل مجلس النواب لما تقره الحكومة، سيما وأن خطة الكهرباء استكملت بمشروع قانون تعديل القانون 288\2014 الذي درسته لجنة الأشغال العامة والنقل وأدخلت عليه بعض التعديلات يوم الإثنين.
وإذا ما أقرت الخطة وبدأ العمل بها مع المتممات القانونية اللازمة، فإن فكرة تخفيض العجز في الكهرباء، بقيمة 250 مليون دولار في السنة الأولى، أمر ممكن حسب ما أبلغ الرئيس بري هيئة مكتب مجلس النواب قائلا: “في موضوع الهدر نستطيع أن نوفر في السنة الأولى على الأقل 250 مليون دولار إذا جرى تنفيذ دقيق للجباية ولمعالجة الهدر التقني والإداري”.
ويفترض أن يتضمن جدول أعمال الجلسة التشريعية نحو 18 مشروعاً واقتراح قانون من المشاريع والاقتراحات الملحّة، وفي مقدمها المشروع المتمم لخطة الكهرباء، ومشروع المحميات، واقتراح فتح المهل للترشح لعضوية المجلس الدستوري، إضافة إلى بروتوكولات مالية وإدارية مع الإتحاد الأوروبي، ومشروع يتعلق بالتنوع البيولوجي، ومشاريع تتعلق بالبيئة وبعض التعديلات.
لا شك أن نجم الجلسة التشريعية سيكون مشروع تعديل القانون 288\2014، الذي خضع للنقاش، ولبعض اقتراحات التعديلات.
ولكن ماذا تقول هذه الصيغة؟
المادة الأولى: يمدّد العمل بأحكام القانون 288 تاريخ 30/4/2014 لمدة ثلاث سنوات.
المادة الثانية: تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم إلى الدولة بعد فترة زمنية بشروط تحدد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه.
ب- يستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها.
المادة الثالثة: يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية .
هذه الصيغة طرحت جملة من التساؤلات من قبل بعض القوى السياسية، عبر بعض خبراء الدستور، ومنها أن التعديل المقترح يلغي العمل بمجموعة من الإجراءات التي التزمت بها الحكومة، خصوصاً لجهة تعطيل أدوات المراقبة والمحاسبة، كذلك بالنسبة إلى تأجيل البت بالهيئة الناظمة للقطاع إلى أجل غير محدد، في ظل فقدان مجلس إدارة كامل المواصفات لمؤسسة كهرباء لبنان.
ولماذا لم تُنشأ هيئة تنظيم قطاع الكهرباء المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 462 الصادر سنة 2002؟ وتغييب هذه الهيئة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ليحل محلها مجلس الوزراء بناءً على إقتراح وزيري الطاقة والمال؟
وما هو مدى انسجام المادة الثانية من القانون 288 مع النص الدستوري، خصوصاً لجهة تولي وزارة الطاقة والمياه صلاحيات مشاريع معامل إنتاج الطاقة بعد فترة زمنية؟
وألا يتعارض تعبير “بعد فترة زمنية” مع المادة 89 من الدستور التي تنص على أنه (لا يجوز منح أي إلتزام أو إمتياز لإستغلال مورد من موارد ثروة البلد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي إحتكار، إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود)؟
ألا يشكل مشروع التعديل المقترح من قبل الحكومة حالياً مخالفة دستورية، ربما تكون موضع طعن أمام المجلس الدستوري؟
كل هذه التساؤلات ربما تلقى الأجوبة عليها في جلسة يوم الأربعاء. ويبقى التنفيذ في هذا المجال وغيره هو المعيار.
ويبقى السؤال هل نحن فعلا قادمون على أيام يجب على الجميع شد الأحزمة فيها، كي نخرج من الأزمة بقرارات أساسية؟ أم سنجبرعلى إجراءات تفرض علينا من الخارج قد تكون صعبة ومؤلمة؟ وما الذي كان يمنع السلطة الحاكمة وقواها المتنوعة عن اتخاذ مثل هذه الإجراءات منذ زمن لوقف التدهورالاقتصادي والمالي في البلاد؟
أبرز الأخبار