مباشر

عاجل

راديو اينوما

الأخبار : ‎هندسة مالية جديدة لـ"سيدروس‎"‎

10-04-2019

صحف

لمت "الأخبار" أن هندسة مالية جديدة أجراها مصرف لبنان في الشهر الأخير من السنة الماضية، لمصلحة ‏‏"سيدروس إنفست بنك"، ودرّت ربحاً فورياً لأصحاب هذا البنك والمشتركين معهم، بقيمة 30 مليون دولار، من ‏ضمنها 12.5 مليون دولار وزّعت على "عملاء للبنك"، من دون أن تتضح هوية هؤلاء والدور الذي أدّوه في هذه ‏العملية للحصول على حصّة من أرباحها، وهو ما يطرح تساؤلات إضافية عن حقيقة "الهندسات المالية" وأهدافها، ‏ويزيد من الأدلة على شبهة "الإثراء غير المشروع" التي تنطوي عليه هذه "الهندسات‎"‎ 



يصرّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على تبرير هندساته المالية الجارية مع المصارف التجارية، بوصفها أداة ‏ضرورية في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها سعر صرف الليرة. وهو أعلن في مناسبات كثيرة أن هذه الهندسات ‏أسهمت في المحافظة على الاستقرار النقدي ووفرت المزيد من الحماية للودائع في المصارف، على الرغم من كلفتها ‏الباهظة‎.‎ 


إلا أن الوقائع المتعلقة بالهندسات المالية الجارية مع "سيدروس إنفست بنك" تصرّ على دحض هذه التبريرات، وتقدّم ‏صورة مريبة عنها. فقد اطلعت "الأخبار" على وثيقة جديدة تفيد بأن مصرف لبنان منح في شهر كانون الأول ‏الماضي البنك المذكور تسليفات بالليرة اللبنانية بفائدة متدنية تبلغ 2%، وفي اللحظة نفسها، وظّف هذا البنك هذه ‏التسليفات لدى مصرف لبنان على فترة 10 سنوات بفائدة تبلغ 10.5%. وهكذا كسب البنك ربحاً سنوياً من فارق ‏الفائدة (8.5%) من دون أن يقوم بأي عمل أو يوظّف أي رأس مال أو يتحمّل أي مخاطرة‎. 


بلغت أرباح هذه العملية نحو 30 مليون دولار، وهي تمثّل جزءاً من الربح المتوقع خلال السنوات العشر التالية. ‏واللافت أن هذه الأرباح توزّعت بقيمة 17.5 مليون دولار حققها البنك وسجلها كأرباح فورية في عام 2018، وسُدِّد ‏‏12.5 مليون دولار إلى "عملاء البنك الذين أسهموا في عملية الهندسة المذكورة"، وفق ما ورد في الوثيقة‎. 


المعروف أن مصرف لبنان ينفّذ الكثير من هذه العمليات مع بنوك مختلفة، والأرباح الناتجة منها تُستخدَم في إطفاء ‏خسائر مقابلة في ميزانيات هذه البنوك، أو تُسجَّل خارج الميزانية، أو كأرباح مؤجّلة. وفي مطلق الأحوال، تنصّ ‏تعاميم مصرف لبنان نفسه على عدم جواز تسجيل أي أرباح فورية قابلة للتوزيع قد تنتج من هذه العمليات. إلا أن ‏‏"سيدروس إنفست بنك" أعلن أرباحاً حققها في عام 2018 عن مجمل أعماله بلغت قيمتها 43.2 مليون دولار، منها ‏‏27.8 مليون دولار، أو ما نسبته 64%، نتجت من العملية الأخيرة المذكورة (17.5 مليون دولار)، بالإضافة إلى ‏عملية جرت في الشهر الأول من العام الماضي، سبق أن كشفتها "الأخبار‎" ("‎حقيقة الهندسة المالية: من يحاسب حاكم ‏مصرف لبنان؟" الاثنين 3 كانون الأول 2018‏‎)‎، ودرّت ربحاً فورياً أيضاً بقيمة 10.3 ملايين دولار‎.‎
‎ 
الجدير بالإشارة أن "سيدروس" كان قد أعلن تحقيق أرباح مماثلة لعام 2017، بلغت 42.3 مليون دولار، من ضمنها ‏نحو 28.1 مليون دولار نتجت من 5 عمليات أجراها معه مصرف لبنان بطريقة مثيرة جداً، إذ باع مصرف لبنان ‏سندات خزينة للبنك المذكور، وأعاد شراءها منه في اللحظة نفسها بسعر أعلى، ومنحه ربحاً فورياً مجانياً بهذه القيمة. ‏وقد عمد البنك في العام نفسه (2017) إلى توزيع أنصبة أرباح على المساهمين بقيمة 21 مليون دولار، ما يعني ‏بوضوح، ومن دون أي التباس أن هدف هذه العمليات كان نقل أرباح غير مشروعة من المال العام إلى مساهمي البنك ‏ومَن قد يكون مستفيداً من خلفهم‎. 


تعود قصة هذه العمليات بين مصرف لبنان و"سيدروس" إلى بداية عام 2017، عندما انطلقت حملة واسعة للضغط ‏من أجل التجديد لرياض سلامة لولاية خامسة مُتتالية (عُيِّن للمرّة الأولى في عام 1993)، وذلك قبل أشهر عدّة من ‏نهاية ولايته الرابعة. وجاءت هذه الحملة بعد ترويج معلومات عن نيّة رئيس الجمهورية طرح بديل لسلامة. وفي ذروة ‏المساومات لفرض التجديد، تقدّم "سيدروس إنفست بنك" بتاريخ 13 شباط 2017 بكتاب خطّي من سلامة يطلب منه ‏تخصيصه بـ"هندسة مالية مناسبة" لدعم استراتيجيته التوسّعية الرامية إلى زيادة ودائعه‎ ("‎الأخبار" الثلاثاء 4 نيسان ‏‏2017‏‎). 
‎ونتيجة الضجّة التي أثارها هذا الطلب، أحال سلامة الكتاب على مديرية الشؤون القانونية في مصرف لبنان، ‏التي ردّت في 3 آذار 2017، معتبرة أن "الطلب غير قانوني"، إذ "إن المهمات المنوطة بمصرف لبنان، بموجب ‏القوانين النافذة، هي تأمين السيولة للمصارف، عند الحاجة، وفقاً لشروط خاصّة (ضمانات...)، وليس تعدّي ذلك إلى ‏تعزيز الأموال الخاصّة للمصارف وتأمين ملاءة هذه الأخيرة 


إلا أن سلامة لم يلتزم مطالعة مديرية الشؤون القانونية، وبدأ اعتباراً من 23 آذار 2017 بإجراء عمليّات متتالية مع ‏البنك، وُثِّقَت 7 منها حتى الآن، آخرها في كانون الأول الماضي، وأدّت حتى الآن إلى منحه أرباحاً مجّانية فوريّة من ‏المال العامّ، من دون أي مقابل، تجاوزت قيمتها المرصودة 68 مليون دولار، من ضمنها 12.5 مليون دولار وُزِّعَت ‏على "عملاء البنك" في العملية الأخيرة، فيما سُجِّلَت 55.5 مليون دولار أرباحاً محققة للبنك في العامين 2017 ‏و2018‏‎. 


الجدير بالإشارة أن العمليات الأولى والثانية والثالثة جرت بين آذار وأيار من عام 2017، أي قبل أيام من التجديد ‏لسلامة في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 24 أيار 2017. وجرت العمليّتان الرابعة والخامسة بعد التجديد مباشرة ‏في حزيران وتموز من العام نفسه. فيما جرت العمليتان الأخيرتان في الشهر الأول والشهر الاخير من عام 2018‏‎.‎

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.