مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

190 دعوة مقدمة ضد تركيا وغولن "فوق السياسة"!

18-04-2019

تقارير

ايزابيل التنوري

ايزابيل التنوري

تناقضات المشهد التركي لا تسمح لنا بمعاينة دقيقة لحالة تركيا على الساحة الدولية حيث يواجه الرئيس رجب طيب اردوغان العديد من التحديات، أبرزها العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى جانب النزاع المسلح في سوريا. كما تعيدنا هذه التناقضات الى الوقائع التي غيرت وجهة تركيا الدولية.

سعيًا منه لجعل بلاده إحدى القوى الكبرى عالميا، يسعى اردوغان باستمرار إلى تسويات مع القوى العالمية في ظل استمرار أنقرة خلال الولاية الجديدة التي تدوم خمس سنوات في نهج سياستها الخارجية الصدامية، وخصوصا بعد ان عاشت تركيا توترا حادا مع الدول الغربية خلافا للتقارب بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا. وقد هيمنت على أجندة السياسة الدولية لأردوغان ملفات مهمة شكلت مسارًا مفصليًا في السياسة.

التعديلات الدستورية التي حولت تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي عزّزت نفوذ اردوغان الذي كان قد اكد ان "تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على ريادة العالم الإسلامي بأسره، بإرثها التاريخي وموقعها الجغرافي وثرائها الثقافي". 

وقراءتي لهذا الفكر لا بل بالأحرى لهذا النهج السياسي ينسجم بعض الشيء مع ما قاله اردوغان عن احتمال تغيير اسم آيا صوفيا التي كانت كنيسة قبل تحويلها إلى متحف، إلى "مسجد آيا صوفيا" بعد الإنتخابات المحلية المقرّرة في الحادي والثلاثين من اذار. 

وردّاً على سؤال في مقابلة تلفزيونية حول إمكانية جعل الدخول إلى متحف آيا صوفيا مجانياً، قال اردوغان: "الأمر ليس مستحيلاً لكنّنا لن نفعل ذلك تحت اسم متحف، بل تحت اسم مسجد آيا صوفيا".

وقد ذكر موقع اليتيا  أنّ ايا صوفيا اقيمت العام 537 بأمر من الإمبراطور البيزنطي يوستينيانوس الأوّل (527-565)، الذي امتد حكمه من إسبانيا إلى منطقة الشرق الأوسط، لتكون صرحاً دينياً لا نظير له في العالم المسيحي، وعنواناً لقوّة الدولة الرومانية الشرقية. وظلت تمثل الكنسية الرسمية للدولة المسيحية البيزنطية وجوهرة عاصمتها القسطنطينية رغم تهدمها واحتراقها أكثر من مرّة، إلى أن فتح السلطان العثماني محمد الثاني (الشهير بـ”محمد الفاتح”) المدينة العام 1453 فغير اسمها إلى “إسطنبول”، ودخل هذه الكنيسة فصلى فيها الجمعة الأولى بعد الفتح، وجعلها مسجدا كبيراً يرمز، في الاتجاه المعاكس، لقوة الدولة العثمانية وسيطرتها.

ومنذ ذلك الوقت أصبحت آيا صوفيا جامعاً إسلامياً عظيماً يحظى برمزية كبيرة لدى الأتراك، إلى أن منع زعيمهم العسكري مصطفى كمال أتاتورك - الذي أنهى حكم الخلافة العثمانية العام 1923 وأعلن قيام جمهورية علمانية بدلا منها-  إقامة الشعائر الدينية فيه العام 1931، ثمّ حوّله في العام 1935 إلى متحف فني يضم كنوزا أثرية إسلامية ومسيحية".

انه لأمر بغاية الاهمية ان يكون لكلّ دولة ارثها الثقافي الخاص بها ولكن بشكل لا يقوم على تدمير ارث الآخر. غريب ان تستمدّ اي دولة في العالم قوتها من الدين اونتيجة التناحر الديني. وانه من الجهل ان يكون وضع الممارسات الدينية في العالم مرتبط بشكل مباشر بسياسة الحكومات الخارجية ذلك ان الحرية الدينية من ابرز القيم الإنسانية الحُرّة. 

 

الحريات الدينية والفكرية في تركيا

على الرغم من احتواء القوانين التركية على عدد من المواد التي تضمن حرية التعبير والرأي وعلى الرغم من الدعم السياسي والاجتماعي والمدني لحرية التعبير والرأي في تركيا، إلا أنه وحسب تقارير حديثة للمنظمات المعنية في هذا الإطار فوضع تركيا لا يزال سيئًا خصوصا بعد تقارير صدرت في الأعوام الماضية منها لمنظمة صحافيين بلا حدود الدولية "أر سي في" الخاصة بحقوق الصحفيين لعام 2015 حيث احتلت تركيا المرتبة 138 من بين الدول التي توفر حرية التعبير والرأي للصحفيين.

190 دعوة مقدمة العام الماضي ضد الحكومة التركية من قبل بعض المؤسسات الصحفية إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية على الرغم من ان الدستور التركي قد كفل حقوق الإنسان وحرية التعبير وأوجب على الحكومات التركية المتعاقبة المثول لها وعدم اجتيازها. 

ارقام وزارة الخارجية الأميركية بشأن الحرية الدينية عبر العالم، والتي رصدت وجهة نظر واشنطن حول وضع الممارسات الدينية في 200 دولة عبر العالم، وجدت ان العام الماضي شهد عددًا من الانتهاكات للحريات الدينية وقد حصل العديد منها في تركيا.

واشنطن كانت قد نددت من ناحيتها بوضعية الأقليات الدينية في عدد من المناطق عبر العالم اذ ترصد الخارجية الأمريكية وبشكل سنوي وضعية الحريات الدينية عبر تقاريرها، وهو ما ترد عليه الدول المعنية ببيانات تندد فيها بمضامين هذه التقارير.

 

غولن والانفتاح على الغرب

توتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، اللتين تملكان أكبر جيشين في حلف شمال الأطلسي، بسبب الخلافات حول الملف السوري، ومصير الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، والذي تصر أنقرة على تسليمه لها، تجعل اردوغان يتجه بسياسته نحو الشرق وتحديدًا نحو مصالحه مع السّنة من العرب.

كما يؤدي دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية إلى توتر في العلاقات مع أنقرة التي ترى في هذه المجموعة المسلحة منظمة "إرهابية" تهدد حدودها. 

في حين ان التوجه لاأيديولوجي لجماعة غولن لا يشكل خطرا على عمل  الحكومة التركية الا انه يتعارض مع النهج الأردوغاني تُجاه الغرب والعالم الإسلامي اذ توصف الجماعة بأنها حركة اجتماعية صوفية تركز على مسلمي تركيا وهي منفتحة أكثر على الغرب. 

اخترقت هذه الجماعة المجتمع بإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية. وكانت القفزة الكبيرة في نشاط الجماعة بعد انقلاب العام 1980، حيث استفادت من دعم الدولة ومن مساحات الحرية المتاحة، لتبدأ رحلتها مع إنشاء المدارس خارج تركيا.

ولمن لا يعلم فإن حركة غولن تدير  أكثر من 1500 مؤسسة بمختلف مراحل التعليم إضافة إلى 15 جامعة منتشرة في أكثر من 140 دولة في مختلف أنحاء العالم. وأهم ملامح هذه المؤسسات التعليمية أنها تتفق مع علمانية تركيا، ولا تطبق برامج تحمل مواصفات دينية.

غولن يتبنى مفهوما غير مسيس للدين، فهو يرى أن "الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلاً للدولة" كما يصر على وصف جماعته أنها ''فوق السياسة''. 

 

هاجس إردوغان الجيوسياسي

هل يعود اردوغان الى حضن الغرب بعد ضياع المحادثات لانضمام تركيا إلى الاتِّحاد الأوروبي وإدراك إردوغان أنَّ ما يمكنه توقُّعه في أحسن الأحوال هو بقاء تركيا على وضعها غير الواضح كدولة تابعة؟

باتت الأهداف الرئيسية لسياسة إردوغان الخارجية هي إقامة علاقات ودِّية مع جميع الدول الإسلامية  والاهتمام بتحالفه مع العرب السُّنة. وينظر الكثيرون إلى عجز تركيا عن إقامة علاقات أفضل مع الدول العربية باعتباره ضربة قوية لجدول أعمال العثمانية الجديدة مما يتعارض مع ما تبنته الجمهورية التركية ، منذ تأسيسها لمبدأ "السلام في الوطن والسلام في العالم" ضمن ما ورثته من مصطفى كمال آتاتورك. 

ان النظام التركي ليس علمانيًا وهو تبعا للتعديلات الدستورية الجديدة ملتزمًا بسياسة حزب العدالة والتنمية كما يبدو عليه الأمر اذ لم يشهد أي بلد في العالم جدلاً واسعاً حول النظام الرئاسي والبرلماني كما شهدت تركيا.

 

على تركيا تعزيز سياسة "تصفير المشاكل" ورسم استراتيجية علاقات جديدة خصوصا مع حليفتها في حلف الناتو نظرا الى كون الروابط العابرة للأطلسي تتمتع بأهمية مصيرية للأمن والازدهار في أوروبا.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما