مباشر

عاجل

راديو اينوما

تزداد اجورهم لأنهم يحملون البنادق

13-03-2019

تقارير

ايزابيل التنوري

ايزابيل التنوري

ظاهرة "المعلّم المسلّح" تسيطر على المشهد التربوي في الولايات المتحدة الأميركية، ففي سابقةٍ تربوية لم يشهد لها مثيلٌ في العالم، قد اقتُرِحَ قانونٌ يُشرِّعُ السلاح لأساتذة في شمال كارولاينا في الولايات المتحدة الأميركية كخطوة لتوفير الكثير من الأمن على أرض الواقع في المدارس. الحجة هي انه من المكلِّف للغاية وضع موظف "للموارد المدرسية" كما يسمّونَهُ في كلِّ مدرسة. هل تسليح المعلمين يكون رادعًا او يصبح وصفة لكارثة؟

يضغط المشرعون في ولاية كارولينا الشمالية لتسليح المعلمين بالبنادق  ومن المقرر أن يمنح قانون الأمن المدرسي للعام 2019 ، الذي تم رفعه مؤخرا، زيادةً بنسبة 5٪ على الراتب للمعلمين الذين يخضعون لتدريب أساسي في الشرطة. ويقول مشروع القانون إن هؤلاء يمكنهم حمل الأسلحة بطريقة علنية أو خفية ، وسيكون لديهم سلطة الاعتقال نفسها مثل ضباط الشرطة.

معظم المدارس العامة في ولاية كارولينا الشمالية لديها بالفعل ضابط شرطة معتمد، والمعروف باسم "ضابط الموارد المدرسية". وقد قدم ثلاثة من المشرعين الجمهوريين هذا المشروع، كما تم اقتراح مشروع قانون مماثل لتسليح المعلمين في دار الولاية هذا العام ، لكنه لا يشمل زيادة في الراتب.

 

الفضاء التعليمي مدجج بالسلاح

تقوم التربية على تنمية الشخصية وصقلها من النواحي الاجتماعيّة، والنفسيّة، والعقليّة، بما يتناسب مع قيم الجماعة التي يعيش فيها الفرد.إنّ كُلّ مؤسسة تربوية يجب ان تُعنى بعملية "التنشئة السليمة" للأفراد وهي مسؤولة عن التنشئة الاجتماعية، كما العائلة والقانون الضابط لخروقات القيم الأخلاقية.

انطلاقا منهذا المفهوم العلمي، يشكّل استخدام العنف من قبل الأساتذة اضاءة للطلاب على كيفية حل المشاكل التي تواجههم في المستقبل من دون الانتباه الى الدور الرسمي الأكبر في حمايتهم وحماية حقوقهم.

العنف ليس مجرد وصف للوقائع اوللأحداث الدامية، بل إنه ثقافة قد وجدت ذاتها داخل الفضاء التعليمي وقد أصبحت اليوم ظاهرة خطيرة على المجتمع. العلاقات الاجتماعية بين الأساتذة الذين سيوافقون على مشروع القانون، ستتغير حُكمًا وقد أصبحت مهددة داخل المؤسسة التعليمية، مما يؤثر في الحالة النفسية للطالب ومن ثم استجاباته لمختلف المواقف التي تجنح نحو العنف فشخصية الفرد تتشكل من خلال علاقاته الاجتماعية بدءا من الاسرة ثم باقرانه وبأساتذته داخل المؤسسة التعليمية.

تتضمن حوادث إطلاق النار قائمة قاتمة من المراهقين والأسلحة النارية والضحايا الأبرياء. واللافت ان مرتكبي الحوادث صغار في السن حيث يمكن أن يكونوا حتى في الثانية عشرة إلا أنهم في الغالب في السادسة عشر والسابعة عشر.  ولا تكون الهجمات في الغالب "عشوائية" بل عادةً ما تكون نتيجة "تصعيد لخلاف"

أو حادث مرتبط بالعصابات.

فلنتخيّل ما قد يسببه هذا الواقع من خوف وقلق دائم لدى الطلاب. إن ازدياد العنف يسبّب  ضعف الرؤى الفكرية والعلمية. سيؤدي كل هذا لا محالة إلى إنتاج مجتمع عنيف لا يؤمن بالحوار والتعاون والتكافل مستقبلا.

 

فشل القانون الأميركي

لا اتفاق على المستوى الوطني حول كيفية الرد على حوادث إطلاق النار في المدارس حيث ما تزال الآراء على حالها من الانقسام كما كان الأمر في بداية هذا العام. اما الدعوات فمستمرة لإبقاء السلاح بعيداً عن المدارس فيما يدعو البعض الى استخدام مزيد من الأسلحة للدفاع عن المدارس.

ينص الدستور الأمريكي بشكل واضح وصريح على أحقية المواطنين في امتلاك الأسلحة، وجاء في نص التعديل الثاني منه والصادر العام 1971، أنه "بما أن وجود ميليشيا جيدة التنظيم أمر ضروري لأمن أي دولة حرة، لا يمكن انتهاك حق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها".

حقّ الناس، بما معناه كلّ الناس؟ حتى المصابين بخلل عقلي اونفسي؟ في الواقع، لم تثر حوادث إطلاق النار في المدارس الأميركية الاهتمام اللازم من قبل الرأي العام ووسائل الإعلام خصوصًا وانّه لا حظر على التصنيع والاستخدام المدنى للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية، وقد فشلت محاولات تجديد الحظر.

 

مذبحة فلوريدا وموقف الرئاسة الأميركية

تأخرت عملية ادارة الطوارىء في الولايات المتحدة الاميركية كثيرًا لاستدراك خطورة الواقع الذي يحيط بالمدارس فحادثة فلوريدا العام الماضي لم تكن الوحيدة الا ان العام 2018 اعتُبر من أسوأ الأعوام في حوادث إطلاق النار في المدارس الأمريكية، والسجل يبدأ منذ العام 1970 بحسب البيانات الصادرة عن المركز الأمريكي للأمن والدفاع الوطني والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ. إن العام 2018 كان الأسوأ ايضا من حيث عدد الجرحى والقتلى في هذه الحوادث حيث بلغ عددهم ١٦٣ شخصاً.

 وقد وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تسليح المعلمين الذي قد يحول دون وقوع حوادث إطلاق نار داخل المدارس مثلما وقع في ولاية فلوريدا حين قتل 17 شخصا، على حدّ قوله.

ترامب كان قد وعد باتخاذ إجراءات قوية جدا في التحقق من خلفيات مشتري الأسلحة، والتركيز بشدة على الصحة العقلية لهؤلاء. كما تعهد بأن يدرس"بقوة" دعوات إلى حمل المعلمين السلاح.

خطة تسليح المعلمين مثيرة للجدل فمن الاجدى ان يقوم جهاز متخصص في عملية الدفاع عن امن المؤسسات التربوية بهذا الأمر. فمن نتائج هذه الخطة كان عثور شرطة كاليفورنيا على عدد من الاسلحة بينها بنادق نصف آلية في منزل مراهق كان قد توعد في وقت سابق بأن يجعل من مدرسته الثانوية هدفا له.

 

ما رأي المعلمين؟

وجدت الجمعية الوطنية للتعليم في استطلاع العام 2018 أن الغالبية الساحقة من المعلمين لا يرغبون في حمل السلاح في المدرسة. ولكن لا اتفاق واضح ولا جديد حتى الساعة لضمان سلامة المدارس بدون تسليح الاساتذة.

يمكن للبنادق أن تهدد الطلاب وغيرهم من البالغين في المبنى. وقد وصف رئيس جمعية المعلمين في ولاية كارولينا الشمالية مارك جيويل مشروع قانون التسلح الجديد ﻠCNN ، بأنه "كارثة في انتظار الحدوث". وأضاف جيويل "يجب أن يكون المسلحون مسلحين باختصاصيين مساعدين مثل الاختصاصيين النفسيين والمستشارين والممرضات لتلبية الاحتياجات الصحية الاجتماعية والعاطفية والنفسية لطلابنا". 

تسبب حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة انقساما سياسيا بين المطالبين بالحد من فوضى انتشار السلاح في المجتمع الأميركي، ورافضيه. ومع وجود مناطق عدة في الولايات المتحدة يصل فيها عدد أيام الدراسة إلى 180 يوماً في السنة، فإن معدّل وقوع حوادث إطلاق النار هو حادث واحد كل 8 أيام مدرسية ممّا يستدعي خطة واضحة من قبل المعنيين والا يجب على المجتمع الدولي التحرك للحد من هذه الظاهرة.

 

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.