06-03-2019
تقارير
ايزابيل التنوري
ايزابيل التنوري
شوكان كان مسجوناً على ذمة التحقيق منذ آب 2013 وقد ألقي القبض عليه أثناء تأديته عمله الصحفي، وفقاً لمحامي الدفاع عنه. واذا كانت هذه الحقيقة فعلا فما ذنب الفكر الصحافي الحر لكي يدفع ثمن السياسة التي تتغير بين الحين والآخر؟؟
يبدو ان الصحافيين المصريين يواجهون خطر التعدي على ابسط حقوقهم في عهد الرئيس السيسي وقد لفتت لجنة حماية الصحفيين الدولية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن عدد الصحفيين القابعين خلف القضبان حول العالم بلغ رقما قياسيا للعام الثاني على التوالي. كما دعا الامين العام للأونيسكو كريستوف ديلوار السطات المصرية إلى اطلاق سراح شوكان بدون قيد أو شرط.
انّ مشكلة المجتمعات العربية مع الحرية تعتبر ازمة خطيرة تندرج ضمن لائحة التعديات على حقوق الإنسان على الرغم من ان للحرية في الدين الإسلامي مكانة خاصة. التعاليم الإسلامية تمنح حريّة الاختيار للإنسان المسلم في مختلف المجالات ومن اهم الحريات :
حرية التفكير (مع الالتزام باحترام القيم الأخلاقية).
حرية القول والتعبير عن النفس.
الحرية السياسيّة.
حرية العقيدة.
تركيا على رأس القائمة
بحسب تقرير لجنة حماية الصحفيين الدولية فإنّ 262 صحفيا موجودون خلف القضبان بسبب عملهم الصحفي وهذا العدد قياسي، إذ كان عددهم 259 في العام 2016 وكان هذا العدد أيضا قياسيا منذ بدء اللجنة في اصدار تقاريرها السنوية بداية تسعينيات القرن الماضي. وتأتي تركيا على رأس قائمة سجاني الصحفيين في العالم حيث يقبع حاليا خلف القضبان 73 صحفيا في السجون التركية مقارنة بــ 81 صحفيا كانوا سجناء في العام 2016.
وتشير المعلومات الى انّه في ظل التنسيق الأمني العالي بين الحكومتين المصرية والأمريكية وعقب لقاء ترامب بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في نيسان الماضي أقرت الحكومة المصرية قانونا جديدا حول الارهاب يتضمن موادا تحد من حرية الصحافة إلى حد بعيد وتعطي السلطات على سبيل المثال الحق في ادراج اسم الصحفي الذي يتم تبرأته من تهم لها علاقة بالارهاب في "قائمة الارهابيين" الخاضعين للرقابة وبالتالي يتم حرمان هؤلاء من العديد من الحقوق.
المصلحة الأميركية
هل الولايات المتحدة الأميركية ديموقراطية بالفعل؟ ما مصلحتها بقمع حرية الرأي؟
جاء في خطاب التنصيب الذي القاه براك اوباما فقرة مهمة عن موقف الإدارة الاميركية الجديد من العالم الإسلامي:"الى العالم الإسلامي نقول:"اننا نسعى لسلوك طريق جديد يأخذنا الى الأمام، انّه طريقٌ يستندُ الى المصلحة المشتركة والإحترام المتبادل". لكنّ اوباما عاد وقال في العام 2014 في احدى خطاباته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:"لا شيء غير المصلحة من الممكن أن يتحكم في علاقات دولة كأمريكا بغيرها من الدول، سيما الدول العربية والإسلامية".
اوضحت دراسة نشرت على موقع الجزيرة بقلم عدنان الهياجنة انه لو اطلعنا على واقع السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات الماضية في الدول العربية لوجدنا ما يلي:
حصار العراق والسودان وليبيا وما نتج عنه من مشكلات في جميع مجالات الحياة
استخدام القوة العسكرية أكثر من مرة ضد دول عربية منها العراق وليبيا والسودان
الدعم غير المشروط لإسرائيل والذي يتضمن دعم إقامة المستوطنات وقتل الفلسطينيين وأطفال العراق.
العمليات السرية ضد الدول العربية "Covert Action" إبان الحرب الباردة وبعدها لزعزعة الاستقرار الداخلي.
مبدأ سيادة الأمّة
اذا كانت هذه المعلومات صحيحة فإنّ مجتمعاتنا تحتاج الى انعاش مفهوم الحريّة لديها. من اهم الحريات التي يمكن اعطاؤها للفرد في العالم هي حرية التصميم اي القدرة على الاختيار وتحقيق الفعل من دون الخضوع لتأثير قوى معيّنة.
لقد فقدت مجتمعاتنا مفهوم الحريّة، وهي أن يقومَ الفرد باتخاذ القرارات، أو تحديد وجهة نظره دون أي شروط أو قيود من أحد، وهي التخلص والتحرر من كل الضغوطات التي تُقيد طاقات الإنسان، والحرية هي ايضًا "الحرية الجماعيّة" كتحرير الأرض، وقد تعددت التعريفات والمفاهيم عن الحرية في الفلسفة.
لقد اهتم أرسطو كثيراً بإنصاف الفرد وتحريره من كل أشكال الحتميّة، وقد آمن أرسطو بالحريّة الإنسانيّة إلى حدٍ كبير، ويؤكد أنّ بناء شخصية الإنسان من أهم الأشياء التي يجب على الإنسان الاهتمام بها، ويقول إن الرذائل والفضائل التي نفعلها هي مسؤوليّة شخصيّة.
صحيحٌ انّ مفهوم الحريات تختلف بحسب الأنظمة وهذه اشكالية كبرى تدعونا الى السؤل حول مصير مبدأ "سيادة الأمة" عند جون لوك الذي ينطلق من أن السلطة السياسية تنشأ نشأة إرادية من جانب أفراد المجتمع، وأن مصدرها هو الرضا بها من جانب المحكومين.
الحُريَّة هيَّ ما يَدفَعُ بالإنسان إلى الإبداع وإلى الإنتاج ممّا يدفع بالدول إلى التقدّم والنمو. وعلى الرغم من انّ مفهوم الحرية المنفتح لدى الثقافة الغربية واضح ومنفتح الا ان بعض الرؤساء الغربيين يفرضون تطرفهم الفكري على المواطنين "الا اذا كان المواطنون قابلين بكل ما يقوله الزعيم".
حقّ الرّدّ
على المنظمة الدولية الرد على الحكومة المصرية. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، وبحسب نظرتي الديموقراطية، ليست مسيسة الا انها تملك قوّة القوى الكبرى في العالم, وعلى هذه القوى الكبرى ان تثبت للعالم انها قادرة على مؤازرة منظمة الامم المتحدة التي اعتمدت مجموعة من التدابير لتدعيم الاطر القانونية الرامية إلى ضمان سلامة الصحفيين في مناطق النزاع والمناطق الخالية من النزاع على حد سواء.
تلك المنظمة التي أدانت العام الماضي مقتل المصور الصحفي والإخباري الليبي البارز محمد بن خليفة، في العاصمة الليبية طرابلس، ودعت جميع الضالعين في النزاع المسلح في ليبيا إلى احترام اتفاقيات جنيف التي تعترف بالوضع المدني للصحفيين، عليها ان تستطيع تنفيذ آلية عمل من اجل تنمية وسائل إعلام حرة ومستقلة وتعددية ومن اجل تثبيت الاطر القانونية للمؤسسات الديمقراطية اللازمة لدعم وسائل الإعلام.
"مع كل صحفي يُقتل أو يُمنع من ممارسة مهنته بالترهيب والترويع، يفقد العالم شاهدا على الوضع الإنساني وكل اعتداء يشوه الواقع ببث جو من الخوف والرقابة الذاتية ". اختم مقالتي بهذه الجملة التي وردت في "خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب" واضيف إليها : مع كل صحافي سجين رؤية فاشلة لمجتمعاتٍ لا تستطيع النهوض من نظام طبقي رأسمالي يستبدّ بقيمة الإنسان الفرديّة وبحريّته العقليّة.
أخبار ذات صلة
Enooma Stars
مصالحة تنهي أزمة هيفاء وهبي في مصر
Enooma Stars
بعد منعها من العمل في مصر…اول تعليق لهيفا وهبي!
أبرز الأخبار