12-12-2018
مقالات مختارة
عديد نصار
عديد نصار
أخرج زعيم حزب الله حسن نصر الله من عباءته عقدة تمثيل سُنّة 8 آذار، وهو يعلم أن الحريري لن يقبل بتمثيل كتلة مستحدثة لم يكن لها أي وجود خلال الانتخابات ولا أثناء الاستشارات النيابية، بل كان أعضاؤها ضمن كتل نيابية شاركت في الاستشارات، بعضهم ينتمي إلى كتلة حزب الله، والبعض الآخر ينتمي إلى كتلة حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري. يريد حزب الله من ذلك، ليس تمثيلا سنيا معارضا للحريري فحسب، بل تأكيد أنه ما من حكومة يمكن أن تشكل إلا وفق إرادته، وبالتالي تأكيد قدرته على السيطرة على أي حكومة قادمة يرأسها الحريري نفسه.
في هذا الوقت بالذات طالعنا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بمفاجأة الأنفاق، التي زعم أن حزب الله حفرها لتصل بين الأراضي اللبنانية وبين الأراضي المحتلة على جانبي الخط الأزرق، باعتبارها أداة قتالية أعدّها حزب الله لمهاجمة شمال فلسطين.
لم يكتف نتنياهو بإعلان مفاجأته، ولا بالطلب من قوات اليونيفيل والدولة اللبنانية العمل على كشف وتدمير تلك الأنفاق، بل أطلق ما سمي بعملية درع الشمال العسكرية وحشد فرق الهندسة عند الحدود التي بدأت عمليات الحفر والتنقيب والبحث عن أماكن وجود تلك الأنفاق المزعومة.
وقد استدعى أيضا فريقا من قيادة القوات الدولية العاملة هناك لتطلع مباشرة على تلك الأعمال، ولتتحقق من مسألة وجود الأنفاق لتضع التقارير المناسبة التي ستحيلها إلى الحكومة اللبنانية وإلى مجلس الأمن.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنه بات لديها جميع الخرائط التي تحدّد الأنفاق التي حفرها حزب الله في لبنان. وأكثر من ذلك قامت إسرائيل باختراق شبكات الهاتف اللبنانية الثابتة والمحمولة، ووجهت رسائل إلى المواطنين اللبنانيين في القرى الحدودية تحذرهم من حزب الله ومن التواجد قرب تلك الأنفاق!
كل ذلك وحزب الله يلتزم الصمت.
لم تكن إسرائيل يوما بحاجة إلى ذريعة لشن حروبها العدوانية على لبنان أو على سواه، لماذا لم تستغل إسرائيل قضية الأنفاق تلك وتبادر إلى استغلال الواقع اللبناني المرتبك ووضع حزب الله الذي لا يزال منشغلا في سوريا ومتحفّزا في لبنان لشن حربها على حزب الله وعلى لبنان، الحرب التي طالما توعدت الحزب واللبنانيين والحكومة اللبنانية بها؟ خصوصا أن الحكومة الإسرائيلية لم تتعاف بعد من تبعات عملية غزة الأخيرة التي أدت، فيما أدت إليه، إلى استقالة وزير دفاعها أفيغدور ليبرمان، وأن رئيسها يواجه تهم الفساد أمام المحاكم الإسرائيلية، وهذا وذاك ربما كانا سببا للهروب إلى الأمام من خلال شن هذه الحرب في إطار عملية درع الشمال المزعومة.
لماذا لم يبادر حزب الله إلى شن هجماته التي طالما توعد بها إسرائيل مستخدما تلك الأنفاق المزعومة، أو ذلك الكمّ الهائل من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ردّا على التحرّشات الإسرائيلية على الحدود؟
يبدو أن التوتر الحدودي هو بحد ذاته هدف لكلا الجانبين؛ الحكومة الإسرائيلية وحزب الله. توتر لن يصل إلى حالة حرب، على الأقل في المدى المنظور أو في ظل الظروف المحلية والإقليمية الراهنة. فكل من حزب الله ونتنياهو يعيشان مرحلة من الصعود لا يريد أي منهما أن تتعثر. صعود إقليمي ودولي يتيح لإسرائيل مزيدا من الانفتاح الإقليمي والأفريقي ومزيدا من تطوير علاقاتها الخارجية. وصعود حزب الله السياسي محليا وإقليميا حيث بات شبه مسيطر على الساحة اللبنانية وشريكا أساسيا في السيطرة على سوريا وشريكا أيضا في نهب موارد العراق.
لهذه الأسباب وغيرها فإن الحرب في جنوبي لبنان لن تقع.
أبرز الأخبار