04-12-2018
مقالات مختارة
ناتالي اقليموس
ناتالي اقليموس
أوراق ثبوتية، جواز سفر، أموال نقدية، مجوهرات، هاتف خلوي، غالباً ما تتشابه الغلّة التي يُوفَّق بها النشالون بعد انقضاضهم على فرائسهم. ما يزيد «الطين بلة» وفق مصدر أمني لـ»الجمهورية»: «أنّ اللبنانيين في معظمهم يضعون أثمن وأهمّ ما في منازلهم في حقائبهم على سبيل المثال، من أقرب مشوار إلى أبعده، تحمل الأم باسبورات أطفالها، أوراقاً خاصة، راتب الشهر بكامله، مجوهرات… ما يزيد من طمع النشالين ويضاعف شهيّتهم في البحث عن مزيد من الضحايا».
ويلفت المصدر، إلى أنّ «النشل تحوّل إلى إدمان لدى البعض أو قوت يومي»، فيوضح: «معظم الذين يدخلون السجن بسبب عمليات النشل، سرعان ما يعودون لممارستها بعد إنهائهم عقوبتهم، وذلك بسبب الربح السريع الذي يلمسونه».
في التفاصيل
لم تكن تتردّد ع.ب. (30 عاماً) في الركوب خلف زوجها ع.ب. (25 عاماً) على دراجة نارية، سعياً وراء «غلّة حرزانة»، فكانا يتحاينان اللحظة المؤاتية لاصطياد فريستهما. لم يكونا يهتمان ما إذا كانت حقيبة اليد على الكتف أو داخل السيارة، ففي إحدى المرات أقدما على نشل حقيبة من داخل سيارة إحدى السيدات في الشياح، تحتوي على أوراق ثبوتية ومبلغ ألفي دولار وفرّا. ولكن بعد يومين من الحادثة، قرابة الحادية عشرة ليلاً، وفي حيّ السلم تمكّنت دورية من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من توقيف الزوجة التي اعترفت بأنها أقدمت على نشلها وزوجها حقيبة تلك السيدة. ونتيجة المتابعة الحثيثة تمكّنت دورية أخرى من توقيفه في المريجة على متن دراجة آلية من دون لوحات.
تتنوّع المناطق وتطول لائحة ضحايا النشل، في ظلّ تمادي النشالين بطمعهم ووقاحتهم، فمثلاً ع. م (1962) ما احتار يوماً مِن أين يؤمّن معيشته أو حتى قوته اليومي، واضعاً نصب عينيه مجموعة من المحلات التجارية ليصطاد حقائب السيدات وهنّ يتبضعن حاجياتهن، وكان ما أن يرى سيدة تختار حاجياتها حتى يمرّ بجانبها وينتشل الحقيبة من الشاريو بخفة. ورغم تكرار العملية أكثر من مرة، وتحديداً في منطقة الحازمية، لا يزال ع. فاراً، وتمكنت قوى الأمن الداخلي من تعميم صورتين للمتشبه به، فيما «الجهود تتكثف لتوقيفه» وفق ما أكّده المصدر الأمني نفسُه لنا.
النشل مراحل
بحسب التوقيفات المتعددة ووالتحقيقات، يتمّ النشل على مراحل، إذ يقوم النشّال بجولة استطلاعية في المنطقة التي سيختار منها ضحيته، وفي الشارع الذي يعبره ليتأكد من غياب أيّ حاجز أمني، أو أيّ عنصر قد يحول دون إتمام عمليته. خلال هذه الجولة يختار فريسته ومكان تواجدها وما إذا كانت تهمّ بالصعود إلى السيارة، أو تسير على الطريق… كذلك يمايز حقائب المواطنين وكيفية حملهم لها إن لجهة الطريق أو الرصيف أو على المقعد إلى جانبهم وتفاصيل أخرى. ويشكّل تواجد آلات سحب المال (ATM) عنصراً إضافيّاً ليحدّد النشالون محيط عملياتهم، إذ غالباً ما ينصبون كمينهم على بعد أمتار من ماكنات السحب لضمان حصولهم على «غلّة حرزانة». في هذا الإطار، يلفت المصدر الأمني إلى أنّ «طبيعة النشل تختلف من عصابة إلى أخرى بحسب الظروف المتحكّمة بالقائم بها»، ويوضح: «بعض النشالين يعتمد على إمكانية هروبه وسرعة فراره، فيما المتقدم بالعمر والذي بات صاحب «كار»، يراهن على خفّة حركته بصرف النظر عن النشاط الذي تمارسه الضحية، وهو ينشلها بهدوءٍ تام».
أما الدراجات النارية فتشكّل «شريكاً أساساً في عمليات النشل، إذ غالباً ما يقودها سائقها بحذر وهو ويراقب ليؤمّن سرعة الفرار فيما الآخر في الخلف على استعداد لخطف الحقيبة. في هذا السياق، يلفت المصدر الأمني إلى أنّ «معظم عمليات النشل تتمّ عبر دراجات من دون لوحات، أو لوحات مزوّرة، وأحياناً مسروقة».
…ومواسم؟
غالباً ما يُثير الازدحامُ شهية النشالين حيث تكثر الضحايا، ولكنّ آلية النشل تختلف نتيجة تعذّر هروب الجاني لذا يختار سحبَ محفظة أو سوار، أو هاتف، وكل ما خفّ وزنُه وغلا سعرُه، عوضاً من أخذ حقيبة كاملة. في المقابل يقوم النشّال في الطرقات المقفرة بسحب الحقيبة بكاملها ومعها الجاني إذا حاول المقاومة، «فيجرّه» أمتاراً على طول الطريق غيرَ آبهٍ لحياته.
في هذا السياق، يوضح المصدر الأمني: «أنّ عمليات النشل تكثر بشكل عام مطلع الشهر، إنطلاقاً من حسابات خاصة بالنشالين وهي أنّ المواطنين يتقاضون رواتبهم و»بتكون الغلّة حرزانة». ويتوقف المصدر عند «شهر آب من هذا العام حيث سجّل ذروة عمليات النشل 59 عملية، نتيجة الازدحام في الطرقات واتّساع حركة المواطنين وتعدّد تنقلاتهم».
ويميّز المصدر بين نوعين من النشالين، قائلاً: «منهم مَن يلوذ بالنشل بأيّ وسيلة، ومهما كانت الأثمان، إلى حدٍّ قد يترك الضحية بين الحياة والموت، بحثاً عن كسب المال السريع. هؤلاء النشالون في معظمهم مدمنو مخدرات، أصحاب سوابق، وبحقهم مذكرات توقيف، يبحثون عمّن يؤمّن لهم «البضاعة». ويتابع المصدر: «أما النوع الثاني، هم الذين يلجأون في فترات مختلفة من السنة لتمويل أنفسهم ومشاريعهم الخاصة، لذا يتحاينون الفرصة المناسبة».
ماذا بعد النشل؟
غالباً، ما يصيب التوتر ضحايا النشل، وبعضهم ينهار أو يحار في أمره كيف يتصرّف. لذا تلفت قوى الأمن الداخلي نظر المواطنين إلى أهمّية سرعة الإبلاغ عبر الاتصال على 112 ليصار إلى ملاحقة السارق، وبعد الإبلاغ عليهم التوجّه إلى أقرب فصيلة من مكان وقوع الحادثة لتقديم شكوى عن عملية النشل، وإعطاء ملامح الجاني والفوارق التي تميّزه كلون شعره، وما إذا يضع وشماً وغيرها من الأمور التي قد تكون الضحية انتبهت لها ولا تزال في ذاكرتها في الدقائق الأولى على وقوع الحادثة… ويبقى الحذرُ واجباً!
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
نصيحةٌ أميركية: لا تنظِّفوا البلد بممسحة وسخة!
مقالات مختارة
جنبلاط يقصف من مزارع شبعا
مقالات مختارة
«إتفاق إهدن» كافٍ لترسيم الحدود البرّية مع سوريا؟
أبرز الأخبار