15-11-2018
صحف
أما من حيث المضمون المتصل بظروف اكتمال هذه المصالحة، فيكفي ان تكون ايذاناً واضحاً وصريحاً من فريقي المصالحة برعاية بكركي بطي صفحة العداء لاربعة عقود لكي تبرز اهميتها التاريخية في مسار الشمال المسيحي عموما والمسار المسيحي عموماً ولو ان المصالحة ارتكزت أولاً وأخيراً على العمق "الوجداني والاجتماعي " المتصل بانهاء العداء وليس الى أي عامل سياسي نظراً الى الصعوبة الكبيرة التي تعترض أي تقارب سياسي جدي بين فريقيها.
ومع ذلك اكتسبت المصالحة دلالات مهمة نظراً الى خصوصية اتسمت بها الاستعدادات الجارية لاستكمالها منذ سنوات توجت امس بمصالحة شهدت مصافحة وعناقاً حاراً بين رئيس "تيار المردة" النائب والوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع وسط ترحيب واسع لم يتأخر عن الظهور في ردود فعل سياسية واسعة لم تقتصر على القوى المسيحية. واسترعى الانتباه ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حرص على ربط "اللقاء التاريخي" أمس بالمصالحة التي حصلت بين الفريقين في أيار 2011 وشملت أيضاً الرئيسين ميشال عون وأمين الجميل، مشدداً على ان "المصالحة منطلق للوحدة الوطنية الشاملة التي يحتاج اليها لبنان".
الوثيقة
أضف أن "وثيقة بكركي - القوات اللبنانية وتيار المردة" التي وثقت مبادئ المصالحة والبنود التي استندت اليها، تميزت بمنحى "انساني لبناني " يشدد على "المصالحة التي تمثل قيمة مسيحية انسانية لبنانية مجردة بصرف النظر عن الخيارات السياسية لاطرافها الذين ينشدون السلام والاحترام المتبادل من دون حسابات سياسية قد تتبدل تبعا للظروف والتغيرات ". وتناولت الوثيقة واقع الشمال تاريخيا " كحصن منيع لنواة الحضور المسيحي التاريخي " وما مر به خلال الحرب "بمرحلة اليمة من الاقتتال والشرذمة"، مشددة على ان "المسيحيين لن يتخطوا هذا الواقع السلبي للانطلاق نحو مستقبل واعد لهم وللبنان الا اذا نجحوا في طي صفحة الماضي الاليم والتزام القواعد الديموقراطية في علاقاتهم السياسية". وشدد الفريقان في الوثيقة على "الاضطلاع بالمسؤولية التاريخية بعيداً من البازارات السياسية وانهما لا يسعيان الى احداث أي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة في لبنان والشمال". وأكدا ان "زمن العداوات والخصومات بينهما قد ولى وجاء زمن التفاهم والحوار وطي صفحة اليمة والاتعاظ من دروس الماضي واخطائه وخطاياه منعا لتكرارها ".كما اكدت الوثيقة تمسك كل طرف باقتناعاته وبثوابته السياسية لافتة الى ان "الاختلاف السياسي لا يمنع التلاقي حول القضايا الوطنية والانسانية والاجتماعية والانمائية مع السعي الدائم لتضييق مساحة الاختلاف السياسي قدر الامكان".
ووصف جعجع اللقاء بانه "يوم مصالحة ويوم أبيض وجميل وتاريخي" وقال: "الآن أصبح كله معقول، ستراني في إهدن وزغرتا، وسترى غيري في معراب، كله وارد". وقال فرنجية: "ما رأيته كان مسيحياً بامتياز، وأهم أمر أننا لم نتطرق إلى الأمور اليومية، بل على العكس تحدثنا عن المسائل الوجدانية"، وكان اللقاء وجدانيا. وكما قلنا، صفحة جديدة نفتحها". وبعدما أكد ان المصالحة "لن تكون على حساب احد"، أعلن "اننا جاهزون للقاء مع التيار الوطني الحر حين يستدعينا فخامة الرئيس العماد ميشال عون".
ارتياح واسع
واثارت المصالحة ردود فعل مرحبة واسعة، فسارع الرئيس المكلف سعد الحريري الى القول: "المصالحة بين القوات اللبنانية وتيار المردة، صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق. نبارك لسليمان بك فرنجية وللدكتور سمير جعجع هذا الحدث الكبير الذي تكلل برعاية البطريرك الراعي".
ورأى الرئيس امين الجميل أن هذا اللقاء "يمثل حقيقة الروح الوطنية والمسيحية التي نفتقر إليها في الوقت الحاضر وهي التي كان يفترض أن تكون منذ زمن طويل بوصلة إلتزامنا المسيحي والوطني. ونأمل أن يشكل هذا الحدث الوجداني والوطني نمطاً جديداً في مسار حياتنا الوطنية ويؤسس لنهج جديد من العمل السياسي المجرّد الذي يتجاوز المشاعر السلبية أيّاً كان عمقها وسببها، من أجل التطلع إلى الأسمى والأجدى لخلاصنا، ولا سيما في هذه الظروف الوجودية التي تمرّ بها البلاد". كما تمنى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل "أن تكون المصالحة بين القوات والمردة خطوة إضافية لبناء المصالحة الوطنية على قاعدة الديموقراطية الصحيحة واحترام التمايز والاختلاف والتعددية الحزبية، وحرية العمل السياسي تحت سقف الدستور اللبناني والقوانين، ومن خلال المرجعية الحصرية للدولة اللبنانية بمؤسساتها الشرعية كافة".
وقال رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل: "مباركة المصالحة بين تيار المردة والقوات اللبنانية برعاية بكركي وكل مصالحة لبنانية اخرى، فكيف اذا اتت لتختم جرحاً امتدّ اربعين عاماً ولتستكمل مساراً تصالحيّاً بدأ مع عودة العماد عون عام 2005".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار