02-10-2018
محليات
ويرى محللون أن الليرة تتعرض لضغوط تتزامن مع الضغوط على إيران وتركيا بسبب نفوذ حزب الله الكبير في مفاصل الدولة.
ويقول المحلل الاقتصادي سجعان قزي إنه “ليس صدفة أن تترافق أزمة الليرة مع أزمتي الليرة التركية والريال الإيراني. كأن الليرة صارت عملة حزب الله لا عملة الدولة اللبنانية”.
وأوضح وزير العمل الأسبق أن هذه حرب تخنق الشعب ويجدر بحزب الله، رحمة بالشعب، أن يعيد النظر في استراتيجيته العسكرية المفتوحة.
ويرى أن هناك أطرافا تريد الإطاحة بمحافظ البنك المركزي، رياض سلامة، بأي ثمن لأنه وعد بتحييد الليرة عن العقوبات الأميركية الجديدة المقبلة على حزب الله وحلفائه.
وارتفعت الشهر الماضي، تكلفة التأمين على الديون السيادية اللبنانية ضد مخاطر التخلف عن السداد إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، مما ينطوي على احتمال تخلف لبنان عن السداد بنسبة تزيد عن 40 بالمئة في السنوات الخمس القادمة.
وهبطت قيمة الكثير من السندات الحكومية المقومة بالدولار إلى مستويات قياسية، فيما ارتفعت فوارق العائد عليها فوق سندات الخزانة الأميركية إلى مستويات تاريخية.
ونتجت حالة الذعر هذه عن أسباب من بينها عمليات بيع أوسع نطاقا في سوق ديون الأسواق الناشئة عالميا. وعندما انخفضت سندات لبنان الدولية في السابق، كانت هناك قابلية للاعتماد على المصارف المحلية في شراء تلك الأوراق المالية. لكن الأمر لم يكن على هذا النحو هذه المرة.
وقال مروان ميخائيل، كبير خبراء بنك بلوم انفست، إنه “حين وجدت الكيانات الأجنبية أن المصارف اللبنانية تبيع محافظها بكثافة، بدأت تتخلى عن محافظها”، فيما أشار أنتوني سيموند، من ستاندرد أبردين لإدارة الأصول، إلى تحول في هيكل حائزي السندات.
وقال سيموند، وهو مدير استثمار يعمل في لبنان، “في السابق، كانت المصارف المحلية تشتري السندات الدولية دائما حتى عندما ترتفع الفائدة عليها. لذا فقد اعتاد لبنان فعليا على أن يتفوق في أدائه عندما تتراجع الأسواق لأن عروض الشراء تلك كانت عبارة عن مصدر دعم”.
وقبل أكثر من عامين، كان بحوزة المصارف المحلية ما يقل قليلا عن 20 مليار دولار من السندات الدولية اللبنانية. ولكن بحلول يوليو الماضي، بلغت تلك الحيازات ما يزيد قليلا عن 16 مليار دولار، بعد أن كانت عند مستوى 13 مليار دولار في أبريل الماضي، بينما كان إجمالي عبء الديون يرتفع.
ويعاني لبنان من عجز مستمر في الميزانية وفي ميزان المعاملات الجارية. وتصنف وكالات التصنيف الائتماني لبنان عند درجة مرتفعة المخاطر على قدم المساواة مع مصر أو أنغولا.
وحذرت وكالة ستاندرد أند بورز في أغسطس الماضي من أن الديون ستستمر في الصعود من مستويات مرتفعة بالفعل، وقبل ذلك بشهرين، دق صندوق النقد الدولي ناقوس الإنذار وحث بيروت على إجراء ضبط مالي “فوري وكبير”.
ومع انخفاض النمو وتضرر المصادر التقليدية للنقد الأجنبي كالسياحة والعقارات والاستثمارات الأجنبية جراء التوترات الإقليمية والحرب الدائرة في سوريا، يتزايد اعتماد بيروت على ودائع اللبنانيين المقيمين بالخارج، والتي تعد بمليارات الدولارات.
ويعرض مصرف لبنان المركزي عوائد مرتفعة للبنوك التجارية التي تودع دولارات لديه، ومنذ منتصف 2016 نفذ البنك سلسلة من العمليات المالية المعقدة شملت مبادلة ديون مع وزارة المالية وعمليات مبادلة مالية مع بنوك، لدعم احتياطيات العملة الصعبة لديه.
لكن هذا قلص حجم النقد الأجنبي الإضافي الذي تستطيع المصارف ضخه في السندات الدولية السيادية
ويعطي لبنان أولوية لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي لديه دفاعا عن ربط العملة المستمر منذ عشرين عاما، والذي تعرض لضغوط في الآونة الأخيرة بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في نوفمبر الماضي.
ومنذ ذلك الحين، عوضت الأصول الأجنبية للبنك المركزي، باستثناء الذهب، ما خسرته في الدفاع عن الليرة لتبلغ أعلى مستوى على الإطلاق عند 45 مليار دولار بنهاية مايو، قبل أن تتراجع إلى 43 مليار دولار بحلول منتصف الشهر الماضي.
وعلى مدى الأيام القليلة الأخيرة، سادت حالة من الهدوء نوعا ما في سوق الدين. وانخفضت عقود مبادلة الائتمان لأجل 5 سنوات لنحو 700 نقطة أساس من ذروة بلغت 803 نقاط أساس في منتصف سبتمبر، رغم أنها أنهت آب عند 642 نقطة أساس.
لكن المستثمرين الأجانب يسعون إلى تقييم المخاطر إذا واجهت سندات لبنان المزيد من التراجع، مما قد يجعل من الصعب على الحكومة اللجوء إلى الأسواق في الخارج بأسعار فائدة معقولة.
وأظهر بحث من بنك ميتسوبيشي يو.أف.جيه أن من المقرر أن يحل أجل استحقاق نحو نصف الدين الحكومي بالعملة الأجنبية على مدى السنوات الخمس القادمة.
وكتب جيسون تورفي لدى كابيتال إيكونوميكس في مذكرة إلى العملاء في الآونة الأخيرة يقول “ميزانية البلاد هي الأسوأ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل يمكن القول في العالم الناشئ”.
وأوضح أن الديون الحكومية بالعملة الأجنبية تبلغ 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وأن تسابق المستثمرين الأجانب على التخارج قد يدخل لبنان إلى أزمة أعمق.
وأضاف أن “استمرار خروج رأس المال قد يجفف سريعا الاحتياطيات الأجنبية ويجبر السلطات في النهاية على خفض قيمة الليرة”.
ويصف خبراء اقتصاد لبنانيون ذلك السيناريو بأنه مفرط في التشاؤم، ويقولون إن المستثمرين الأجانب يحوزون 11 بالمئة فقط من الدين العام اللبناني.
وقال نسيب غبريال كبير خبراء الاقتصاد لدى بنك بيبلوس اللبناني “لا أحد هنا يقول إنه لا توجد تحديات، لكن هناك فارقا كبيرا بين أن تكون هناك تحديات وأن تواجه خفضا إجباريا لليرة والاتجاه إلى السيناريو اليوناني أو التركي”.
لكن فرص التوصل إلى حلول للمشاكل الأساسية تبدو بعيدة. وتعهد رئيس الوزراء سعد الحريري في أبريل الماضي، بخفض عجز الميزانية الحكومية، لكن الإصلاح المالي لا يمكن أن يتم إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وذلك الأمر محل جدل بين السياسيين منذ الانتخابات التي جرت في مايو الماضي.
ويقول سيموند إن عمليات الهندسة المالية التي يجريها المركزي لدعم احتياطياته من العملات تكللت بالنجاح، لكن اعتماده على تدفقات الودائع بالعملات الأجنبية يعني أن يكون الموقف أشبه بمخطط الاحتيال الهرمي.
وأشار إلى أن المركزي “أنشأ نظاما يدفعون فيه لشخص لأن يدفع لشخص آخر لكي يجلب المال، والأمر ينجح. لكن قد لا ينجح، ولهذا عليهم أن ينفذوا إصلاحات وبسرعة جدا”.
ولكن قزي رجح مواصلة الليرة صمودها، لأن سلامة يحظى بدعم أركان الدولة مع نجاحه في تأمين دعم عربي وغربي لسياسته النقدية.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
صيرفة الهدية الملغومة... مُحرّك أساسي للسوق
أبرز الأخبار