05-09-2018
صحف
وفيما لاذ الرئيسان عون والحريري بالصمت لابقاء خط التواصل قائماً بين بعبدا و"بيت الوسط"، تحدث الوكلاء. فقد وصف "تكتل لبنان القوي" عرض الحريري بتشكيلة "رفع عتب"، بينما قالت كتلة "المستقبل" انها "تراعي تمثيل القوى الرئيسية في البرلمان وتؤسس لصفحة جديدة بين الأفرقاء من شأنها ان تعطي دفعاً لللاسقرار والمصالحة".
واذا كان البعض يرى في معايير رئيس الجمهورية للتأليف الحكومي محاولة لاعادة عقربي الساعة الى الوراء وضرب اتفاق الطائف، فإن العودة الى الوراء شكلت أمس العنوان الأبرز مع إطفاء محركات التشاور، وبروز تصعيد دخل عليه أكثر من طرف. فقد أكد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عدوان ان "القوات اللبنانية" نزلت إلى الحدّ الأدنى من حقوقها الحكومية فظنّ البعض أنه "بازار". وأضاف: "سنعود إلى مطلبنا خمسة وزراء مع حقيبة سيادية وما حدث لا يضر إلا بالعهد".
وقالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"النهار" إن الأمور وصلت إلى حائط مسدود، ولا يجوز إخفاء الحقيقة على الناس، فلا حكومة في الأفق والفراغ سيد الموقف حتى إشعار آخر، لأن هناك من يراهن على شيء لا ندركه ولا نعرفه، ولكن جل ما نعرفه انه يريد تشكيل حكومة غالب ومغلوب، حكومة تحجم "القوات" أو تقصيها، حكومة تحجم "الإشتراكي" أو تقصيه، وهذه المحاولات لن يكتب لها النجاح، ومواصلة السعي في هذا الاتجاه سيبقي الحكومة عالقة في عنق زجاجة التحجيم والإقصاء.
وحذرت المصادر من مواصلة النهج نفسه الذي قد ينقل البلاد من أزمة حكومية إلى أزمة كيانية، ومؤشرات الانزلاق إلى أزمة كهذه بدأت تطل برأسها في أكثر من مكان، من الصدام مع الطائفة الشيعية تحت عنوان تكسير الرؤوس، إلى الصدام مع الطائفة السنية تحت عنوان إعادة النظر في الصلاحيات وتكريس أعراف جديدة، إلى الصدام مع الموحدين الدروز تحت عنوان الميثاقية الذي لم يكن مطروحاً في أي يوم من الأيام، إلى الصدام مع جزء واسع من المسيحيين من أجل تكريس أحادية أسقطتها الانتخابات.
وقد أكد النائب تيمور جنبلاط بعد زيارته "بيت الوسط" ان "الحزب التقدمي الاشتراكي لا يزال على موقفه بشأن الحصة الدرزية في الحكومة".
أما المواجهة التي تقترب من الحتمية، فقد تجلت أيضاً في بيان تصعيدي صدر عن رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام أعلن انه رد على رئيس الجمهورية وجاء فيه ان "إشارة بيان رئاسة الجمهورية الى الأسس والمعايير التي كان حدّدها رئيس الجمهورية لشكل الحكومة إنّما هي إشارة في غير محلها لأنها تستند الى مفهوم غير موجود في النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومات في لبنان".
وأضاف البيان: "لقد سبق لنا أن سمعنا في الأسابيع الماضية، طروحات سياسية وهرطقات دستورية تتعلق بتشكيل الحكومات وبصلاحيات الرئيس المكلف وصلاحيات رئيس الجمهورية وتشكل كلّها اعتداء صريحاً على أحكام الدستور وخروجاً على مبادئ النظام الديموقراطي البرلماني الذي حددت طبيعته في مقدمة الدستور، وتهدف جميعها الى فرض أعراف دستورية جديدة".
وحذرت مصادر متابعة من أن "تحويل المشكلة على الحصص الى صراع على الصلاحيات يزيد المهمة تعقيداً بعد اقحام الميثاقية فيها"، اذ ان "تكتل لبنان القوي" وبلسان أمين سره ابرهيم كنعان رأى ان "هناك مساً بصلاحيات رئيس الجمهورية والتفافاً على دوره متحججين بالطائف، ما يدفعنا الى السؤال: هل اصبحت ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته وفقاً للدستور والطائف تهدد سائر المؤسسات الدستورية في البلاد وموقع الرئيس المكلّف؟".
وحاول الرئيس الحريري ان يخفف وقع التصعيد، مبقياً لى مسحة تفاؤل في الآتي من الأيام، اذ قال في دردشة قصيرة: "أنا مقتنع بما قدمته لرئيس الجمهورية وكدت اكتب المسودة بنفسي ولا أدري من أين اتت هذه التحليلات".
وأوضح ان "المسودة تضمنت تضحيات من الجميع ولو قدمت الصيغة الى تيار المستقبل لرفضها ولكن لبنان أهم من الاحزاب. علينا ان ننظر الى النصف الملآن من الكوب واذا كانت الملاحظات قابلة للنقاش فأنا مستعد وتشكيل الحكومة مقبل لا محالة وعلى كل شخص ان يتنازل عن عرشه لتشكيل الحكومة".
وقالت مصادر قريبة من بعبدا إن ملاحظات رئيس الجمهورية لم تأت من عدم لا بل انها ارتكزت على أربعة أسس: العدالة والتوازن وعدم التهميش وعدم طغيان فئة على فئة وان تعكس الحكومة صورة الانتخابات النيابية وفق النظام النسبي الذي يطبق للمرة الاولى. الصيغة التي قدمت ليست متوازنة ولا تعكس الصورة التي أفرزتها الانتخابات النيابية لا بل همّشت افرقاء وقدمت أفرقاء وفرضت بعضهم على أنهم ممثلون وحيدون لطوائفهم. لم تعتمد صيغة المعيار الواحد للتمثيل ولذلك لا عدالة فيها بل خلل في التمثيل.
وردت المصادر على ما نقل عن فريق "المستقبل" أو الرئيس المكلف من أنه لا يحق للرئيس إعطاء ملاحظات وان كل ما يحق له هو الموافقة أو الرفض، وقالت إن صاحب هذا الكلام لا يدرك ما ينص عليه الدستور ولا معنى الصلاحيات الرئاسية المنصوص عليها في الدستور. لكل ذلك أبدى الرئيس ملاحظاته على أمل حصول التواصل والاخذ والرد ويمكن ان يتم التعديل والاتفاق وهذه الصيغة قابلة للنقاش لأن الحريري لم يعتبرها نهائية بل وصفها بالمبدئية ولا رئيس الجمهورية رفضها في المطلق لا بل قال انها مبدئية ويمكن العمل عليها وسنكمل الحوار في شأنها مع الرئيس المكلف.
ورداً على الحصيلة التي وصلت اليها الامور، رأى الرئيس نبيه بري أن المشهد غير مشجع" والمطلوب من الآن وصاعداً أن يضحي كل فريق وأقصد الجميع من دون استثناء من أجل مصلحة الوطن".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار