09-08-2018
صحف
وليس أدل من صدقية المخاوف من تنامي العوامل الاقليمية المعطلة لتشكيل الحكومة من تبرع ما كان يوصف بتحالف 8 آذار بتوجيه الاتهامات الى تحالف وفريق لم يعد موجوداً هو فريق 14 آذار بانه يربط التعقيدات الداخلية بالخارجية في الازمة، في حين تثبت الوقائع ان ثمة دوامة منظمة ومنسقة من الادوار التي تحول في كل مرة يتقدم بها الرئيس المكلف سعد الحريري بنسخة جديدة لتشكيلة حكومية دون نجاح محاولاته واحباط العمل على انجاز الولادة الحكومية قبل تفلت مزيد من الازمات الاقتصادية والاجتماعية والانمائية التي تغرق فيها البلاد وسط واقع سياسي شديد التلبد والغموض.
والغموض.
لذا باتت الاوساط المعنية بمراقبة وتيرة الدوامة التعطيلية تتعامل مع دفاتر الشروط التي تطرح تباعاً وراء الكواليس لاحداث توزيع للقوى داخل الحكومة العتيدة يحفظ التفوق وليس فقط الثلث المعطل لفريقي رئيس الجمهورية وتياره والقوى الحليفة الاخرى لهما كأنها نذير تصعيد منهجي متدرج لا يبدو انه سينتهي في وقت قريب ولو نجح الرئيس الحريري حتى الآن في تعطيل انفجار سياسي يراد منه ان يحرج الرئيس المكلف ليخرجه، وكان كلامه واضحاً قبل يومين انه يسعى الى البقاء على اتصال وعلاقات دائمة مع القوى الاساسية التي ستضمها الحكومة.وتدرج الاوساط هذا الموقف في اطار ادراك الرئيس المكلف جدية ما يضمر له بعض الافرقاء السياسيين، فيما يصر على احباط محاولات التلاعب بالطائف التي برزت أخيراً على السنة شخصيات سياسية معروفة الاتجاهات والارتباطات الخارجية.
لكن الاوساط المتابعة لازمة التشكيل بدت متشائمة بالمدة التي ستسهلكها الازمة قبل التوصل الى حلها. واعربت عن خشية كبيرة ان تتسبب الازمة ان طالت باستدراج العوامل الاقليمية اكثر فاكثر من باب الربط القسري للواقع اللبناني باوضاع اقليمية متفجرة. ولاحظت ان البعد الخارجي لازمة التشكيل بدأ يعكس ازدواجية تأثر لبنان بالواقع الخارجي الاقليمي. فثمة جانب حديث من تأثيرات الازمة السورية التي بات معها رئيس النظام حريصاً على اعادة مد اصابعه الى الساحة اللبنانية.
وثمة جانب آخر يتصل بالتساؤلات عما اذا كانت المواجهة الاميركية الايرانية ستتنفس على الساحة اللبنانية كموقع محتمل للرد الايراني على العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران.
بعبدا وباسيل
في أي حال، لوحظ طغيان الربط بين الاستحقاق الحكومي الساخن والاستحقاق الرئاسي المتأخر الذي فتح على نحو مبكر للغاية على كل الاستحقاقات والمآزق، في حين برز في الساعات الاخيرة تدخل جديد من رئاسة الجمهورية لدعم موقف وزير الخارجية في مواجهته لما سمي حملة على موضوع الربط بين الاستحقاقين.
وفي هذا السياق لاحظت أمس اوساط قريبة من رئاسة الجمهورية جواً عاماً يتعزز في البلاد بان أحد أسباب تعطيل تشكيل الحكومة هو معركة رئاسة الجمهورية. وقالت إن البعض ذهب الى حد تسمية الوزير جبران باسيل وكأنه الرئيس البديل أو من تتحضر المعارك من أجله مستغربة لجوء البعض الى التركيز على هذه النقطة في مقابل تجاهل اسباب وعقد اخرى أساسية تقف وراء عدم تشكيل الحكومة.
وذكّرت الأوساط القريبة من بعبدا بأن موضوع رئاسة الجمهورية بدأ طرحه منذ ما قبل الانتخابات النيابية وخصوصاً في معرض الحديث عن الاقضية الاربعة في دائرة الشمال الثالثة (البترون الكورة زغرتا وبشري) عندما قيل أنها مواجهة مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي بضم ثلاثة اسماء مرشحة للرئاسة وهي الوزير جبران باسيل والنائب السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية "الدكتور سمير جعجع، ما يعني ان الحديث عن الاستحقاق الرئاسي افتعل منذ تلك الايام وتالياً فان التأخير في تشكيل الحكومة لا يتعلق بالحديث عن الرئاسة.
وتوقفت الاوساط عند الجهات نفسها التي صورت في حينه معركة الدائرة الثالثة بانها معركة رئاسية والفائز فيها مرشح رئاسي قوي والتي تربط اليوم بين موضوع الحكومة والاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال يفصلنا عنه أكثر من أربع سنوات وثلاثة اشهر.
كما استغربت الاوساط كيف توجه الانتقادات الى دور رئيس الجمهورية بشكل أو بآخر في ما يتعلق بالترابط بين الحكومة والرئاسة سائلة" كيف يمكن رئيس الجمهورية الذي لا يزال في بداية عهده ان يعرقل تشكيل الحكومة بسبب الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال بعيد المدىِ؟ "
وختمت " بأن رمي موضوع الاستحقاق الرئاسي في سياق سوق أسباب تعطيل تشكيل الحكومة هدفه صرف الانظار عن العقد الأساسية وهو حلقة من حلقات استهداف العهد ومحاولة لذر الرماد في العيون"، موضحة ان ما نقله زوار الرئيس عون الاسبوع الماضي عنه من كلام بأن الحملة على الوزير باسيل مرتبطة بكون اسمه وارداً في السباق الرئاسي أتى رداً على سؤال عن استهداف باسيل منذ ما قبل الانتخابات ومنذ اعتبار الدائرة الثالثة في الشمال مؤشراً لهوية الرئيس الذي سيخلف رئيس الجمهورية.
ويشار الى ان موقف الاوساط القريبة من رئاسة الجمهورية اتخذ دلالات معبرة لجهة الاسراع في تبديد الانطباعات التي شاعت أخيراً عن تزاحم الطموحات الرئاسية للوزير باسيل والتعقيدات الحكومية لكونه جاء عقب اصدار وزير الخارجية بياناً هاجم فيه ما اعتبره "حملة مكشوفة المصدر والاهداف تنسب اليه خططاً حول معركة رئاسة الجمهورية بهدف ضرب عهد العماد عون ". ورأى "انّ هذه الحملات تهدف من خلال تسويقها وبالتالي من نتائجها الى ضرب العهد واذيّته وبالتالي لا يمكن اتهام رئيس الجمهورية او التيار ورئيسه بها الاّ إذا وصلت الهلوسة السياسية بالبعض إلى درجة اتهام الإنسان بإطلاق النار على نفسه، فيما يعلم الجميع اننا نحن لسنا في مرحلة انتحار سياسي بل في مرحلة انجاز سياسي".
أما في المواقف البارزة من الازمة الحكومية، فجدد رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة نظراً الى الوضع الاقتصادي والمعيشي الضاغط ولموجبات اطلاق عجلة الدولة وتفعيلها. وقال إن "عقدة تشكيل الحكومة ما زالت هي هي وتتعلق بالحصص والاحجام وان التدخل الخارجي اذا ما وجد فانه بسبب استجراره من الداخل والمطلوب ان نعمل على اقناع الجميع حتى اصدقائنا باننا نحن من نحل قضايانا الداخلية ".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار