20-06-2018
محليات
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
على المستوى الرسمي، القرار متخذ: الغطاء للعملية المنتظَرة كامل وناجز. وعلى المستوى الشعبي، كل الأبصار شاخصة وعلى أحرّ من الجمر، لاسيما بعدما بلغت الصرخة المعبّرة عن وجع الناس أعلى مقاماتها خصوصاً وقد تجاوز العابثون كل القواعد والحدود… والقيم.
وفي الموازاة، فان القوى السياسية المعنية أقدمت الى اقصى الحدود على اثارة الموضوع وتحريكه الى درجة التلويح الصريح بردّ فعل استثنائي اذا ما ظلت “اللعبة” عينها والنتيجة ذاتها.
وعلى المستوى اللوجستي، فإن الدولة بكل اجهزتها وأذرعها المعنية مستنفرة لتنفيذ المهمة، أو بمعنى آخر لتكون عند مستوى التجربة والتحدي الذي تفرضه هشاشة الوضع الامني في المنطقة اياها. وقد كان قائد الجيش العماد جوزف عون صريحاً عندما ابلغ وفداً من نواب المنطقة التقاه اخيرا ان القيادة انجزت كل الاستعدادات اللازمة لانطلاق الخطة، إن على مستوى تجهيز القوة المحترفة والمؤهلة للتنفيذ وهي من خارج المنطقة، وإن على مستوى النوعية المميزة لهذه الخطة واعتمادها على العنصر الاستخباراتي الامني لتكون مختلفة عما سبقها من خطط لم تنتهِ إلا الى تسكين موضعي وتهدئة عابرة، والى غياب موقت للمطلوبين والعابثين الذين سرعان ما يعودون سيرتهم الاولى بعد حين ليؤدوا الدور التخريبي عينه على مسرح المدينة العريقة وجوارها. وعليه لم يتبقَّ الا ساعة الصفر للتنفيذ، وهي وفق معظم التقديرات “اقرب من حبل الوريد”.
وعلى رغم كل هذه الاجواء والوعود المعطاة من قيادة الجيش والقائمة على مبدأ ان هذه المرة هي غير كل المرات، فان ثمة شكوكاً وتساؤلات ما انفكّت تسكن وجدان المعنيين مباشرة بالمسألة والمراهنين على حصاد مختلف وفي مقدمهم “حزب الله”.
يؤكد النائب عن بعلبك – الهرمل الدكتور ابرهيم الموسوي لـ “النهار” انه خرج وزملاءه نواب المنطقة من لقائهم قائد الجيش باستنتاج فحواه “ان الخطة جدية والعزيمة للتنفيذ قوية، وهذا امر مبشّر وواعد. وفي اعتقادنا ان في مقدور المعنيين والمولجين ان يفعلوا كل ما هو مطلوب منهم وليس شيئا واحدا، لكن المحك والاختبار في ان يحزموا امرهم ويقدموا حتى النهاية ولا يحجموا اطلاقا”.
وفي طيات الكلام المختصر – المفيد للنائب الموسوي، تتبدى بعض الشكوك والهواجس، وهذا امر طبيعي لمن يعي حجم اهتمام الحزب برؤية فعل حازم يطوي تلك الصورة النمطية السلبية التي تكونت اخيرا عن المنطقة، ولمن يعلم ان الحزب هو في مناخ ان هناك فرصة جدية اكثر من اي وقت مضى لطي هذه الصفحة، واستطرادا لكي لا يتحول الفلتان والتسيّب المستشري في المدينة والجوار حالة متجذرة تستعصي لاحقاً على المعالجة والاستئصال.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ “النهار” فان وفد النواب نقل الى قائد الجيش وكل المسؤولين الذين التقاهم ما مفاده “ان استمرار التردي الامني في بعلبك ومنطقتها على المنوال عينه من شأنه ان ينعكس سلبا على صورة الجيش ومعنوياته، مما يوجب الحسم والجزم والشروع في تنفيذ الخطة الموعودة من ابواب استثنائية غير مألوفة”. فليس خافيا، وفق هؤلاء، انه سبق لمجلس الوزراء ومنذ فترة طويلة ان اتخذ قرارا اعلن بموجبه منطقة بعلبك – الهرمل منطقة عسكرية. وهذا يفترض بالضرورة ان تكون الإمرة هناك للجيش وان تكون باقي القوى الامنية بإمرته
ولم يكن هذا الاجراء من جانب الحكومة في حينه إلا وعياً مبكراً من الدولة بان التحديات الامنية في المنطقة هي من طبيعة استثنائية تستوجب اجراءات استثنائية. وعليه فان السؤال المطروح هو: لماذا يتراكم التسيّب ويكبر حجم الفلتان على نحو ارتفعت معه صيحة الصائحين وتحولت الى قرع أجراس دائم؟
وعلمت “النهار” انه في لقاء اليرزة الاخير نقل وفد نواب المنطقة الى العماد عون ملاحظات سُجلت عن “اداء لحواجز الجيش في المنطقة صامت حيناً ومتراخٍ حيناً آخر”، ولاسيما عند الحاجز المقام في حي الشراونة، اذ يبادر بعض المتحدّين للاجراءات الامنية الى عمليات “تشفيط وإخلال وازعاج متعمدة من دون ان يجدوا من يردعهم ويوقفهم عند حدّهم”.
وأعاد هؤلاء النواب التأكيد ان التجارب الميدانية وآخرها تجربة المواجهة الضارية للتكفيريين في الجرود، أثبتت ان لدى الجيش قدرات وكفايات عالية، لاسيما بعدما شعر ضباطه وعناصره بان هناك اوامر صريحة وحازمة وغطاء كاملا، واكدوا ان التجربة تلك قابلة للتكرار في بعلبك وفي كل المناطق اذا ما حانت ساعة الحسم والعزم لمواجهة الفلتان والتسيّب.
ونقل الوفد ايضا رواية يتناقلها أهالي بعلبك، وهي كيف ان دوريات قوى الامن تسارع الى الحضور خلال وقت قصير جدا اذا ما بلغها ان هناك من يبني حائطاً او يعلي تصوينة، في حين ان هذه الدوريات تتأخر ساعات اذا ما بلغها ان هناك حادثا او إشكالا او اشتباكا.
وبحسب المعلومات نفسها فان قائد الجيش اخذ هذه الامور في الاعتبار واعداً بعقوبات زجرية وتأديبية بكل عسكري يتبين انه متساهل او متراخٍ أياً يكن السبب.
وفي الاجمال، كانت صراحة الوفد النيابي كبيرة بحجم وجع اهالي بعلبك، في حين ابدى العماد عون كل الحرص على تنفيذٍ كامل للخطة الموعودة، على ان تنتهي باستئصال شأفة الفوضى والفلتان وردع العابثين.
وبين هذا وذاك ينتظر البعلبكيون الوعد… ويأملون في أن يكون هذه المرة ناجزاً وصادقاً.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار