05-06-2018
محليات
هذه الخاصية، الداخلية والخارجية، في ولادة الحكومة اللبنانية ووظيفتها، تجعل بدهياً السؤال عما إذا كانت الحكومة ستولد سريعاً وفي أحضان التسوية السياسية التي كانت أنهت الفراغ في رئاسة الجمهورية قبل عام ونصف عام ووفّرت المناخ الملائم لاجراء انتخابات نيابية (في 6 مايو الماضي) أم انها ستواجه صعوبات من النوع الذي يجعل هذا الاستحقاق حلبة لعوامل الصراع الدائر في المنطقة.
فرغم الدعوات الأشبه بـ “إعلان نيات” في الداخل للإسراع في تشكيل الحكومة بعد تفويض البرلمان الجديد لزعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري القيام بهذه المهمة قبل نحو أسبوعين، ثمة نقزة في بيروت من أن يؤدي التشدد الأميركي – الخليجي حيال “حزب الله” المرشح لدخول الحكومة بقوة، الى إطالة أمد التأليف تجنباً لغضب الخارج، خصوصاً بعدما أصبح الحزب بجناحيْه السياسي والعسكري على لوائح الارهاب.
وتستند التوقعات بإمكان إضطرار لبنان للتعايش لفترة طويلة مع حكومة تصريف الأعمال الى تقارير إعلامية من واشنطن عن تبدل جوهري في الرؤية الأميركية حيال لبنان، بالانتقال من التمييز بين الدولة التي تحظى بدعم من واشنطن وبين “حزب الله” ككيان تجري عملية خنْقه بالعقوبات، الى خلاصة جديدة بالغة الخطورة تقوم على التعاطي مع الدولة والحزب كحالة واحدة ومتناغمة الأمر الذي سيعرض لبنان لعقوبات قاسية.
هذا المناخ لا يغيب عن بال بيروت رغم التعاطي معه على أنّه غير واقعي. فالرئيس الحريري الذي يتكئ على دعم خليجي – دولي كـ “رمز” للاستقرار وللنأي بالنفس ما برح يؤكد أن ما من مشكلات مستعصية تواجه ولادة الحكومة بعيد عيد الفطر، وهو مصممّ على الاسراع في إنجاز هذا الاستحقاق لمباشرة إصلاحات تضمن افادة لبنان من الميارات الـ11 التي رصدها مؤتمر “سيدر 1”.
ومن غير المستبعد أن يكون الحريري أدار الأذن الصماء لهمْس على طريقة “نصائح” بتطويل أمد التشاور لتشكيل الحكومة انسجاماً مع الحاجة الى تغيير قواعد اللعبة السياسية في الداخل بوهج التحولات الخارجية، فالحريري الذي عاود التأكيد على تمسكه بتفاهمات التسوية السياسية يخشى من تعاظم الخطر المالي – الاقتصادي في البلاد، ويعتزم العمل من أجل إكمال ما بدأه مع مؤتمرات الدعم الثلاثة في روما وباريس وبروكسل
واللافت في هذا السياق هو الاستعجال “الشديد اللهجة” الذي يبديه “حزب الله” حيال الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة. وثمة مَن تحدث في هذا الاطار عن “قطبة مخفية” تعود إلى أن الحزب يرى أن اللحظة ملائمة لإمرار هذا التشكيل على قاعدة التوازنات الجديدة التي جاءت بها الانتخابات النيابية لمصلحته.
ففي اعتقاد الحزب، حسب أوساط سياسية في بيروت، ان لبنان الآن خارج الرادار الاميركي المشغول بالقمة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، وبمعركة الضرائب مع اوروبا وبالعقوبات على ايران، ولذا فإن “حزب الله” يريد ضرب الحديد وهو حامٍ وقبل دخول الخارج على الخط وإفساد الوقائع الحالية.
وفي تقدير الأوساط عينها ان “حزب الله” يرى ان الأمور “ماشية”، فلا مشاكل فعلية تواجه الحكومة، لا شيعية ولا سنية ولا درزية، وان المشكلة الوحيدة مسيحية – مسيحية وتتمثل في صراع الأحجام بين “التيار الوطني الحر” بقيادة الوزير جبران باسل وحزب “القوات” اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع.
ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون باسيل سمع من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في لقائمها ليل الجمعة الماضي كلاماً يصبّ في ضرورة التعاطي مع الواقع الجديد على “الساحة المسيحية”، وهو الواقع الذي ساهم أداء باسيل في تجسيده.
وكان بارزاً كلام لرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على طريقة ان الحكومة يجب أن “تتشكّل أمس”، اذ أعلن انه “لم يعد هناك من مبرر للتأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية”، وهو الموقف الذي جاء وسط الحِراك اللافت للحزب على خط الملف الحكومي وهو ما تجلى ايضاً في الاجتماع الذي جرى مساء الأحد بين رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الذي كُشف انه سيتوجّه الى السعودية نهاية الاسبوع في زيارة بالغة الدلالات، والمعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا وتَركّز خلاله البحث حول عناوين عدة بينها الموضوع الحكومي.
أبرز الأخبار