21-05-2018
مقالات مختارة
الان سركيس
الان سركيس
لا يمكن مقاربة النتائج الإنتخابية في الدوائر كافة من دون النظر الى نتيجة «عروس البقاع» زحلة، خصوصاً أنّ الانتخابات مرّت، وبات التحليلُ الهادئ ممكناً، في حين أنّ القُطَب المخفيّة تبقى مخفيّة.
قيل كلامٌ كثير عن «كبّ» الأموال في زحلة، لكنّ نتيجة هذه الدائرة أثبتت أنها انتخبت سياسياً وليس خدماتياً، بينما كانت نسبة الإقتراع متدنّية مقارنة بانتخابات عامَي 2005 و2009. ومَن يراقب الإستحقاقات الزحلاوية، يعلم أيضاً أنّ نسبة الإقتراع في الإنتخابات البلدية عام 2016 في مدينة زحلة كانت متدنّية، وكأنّ «عاصمة الكثلكة» كانت تعطي الإندارَ الأوّلَ للجميع.
تستعدّ زحلة لصيفٍ حار مناخياً، بعدما كان ربيعُها حارّاً إنتخابياً، لكنّ ارتفاعها عن سطح البحر ونسمات البردوني يطيّبان المناخ، في حين أنك تستطيع أن تستظلَّ تحت صور المرشحين الذين منهم مَن أمّن مظلّةً برلمانية لناخبيه وآخرون فشلوا في الوصول الى الندوة البرلمانية.
خفّف القانونُ النسبي من فرص احتكار حزب سياسي أو فريق لدائرة معيّنة، واللافت في زحلة أنّ النائب نقولا فتوش الذي خرق لائحة «التيار الوطني الحر» والنائب الراحل الياس سكاف في انتخابات 2005، وصمد في وجه تسونامي عون، وشكّل الشخصيّة الكاثوليكية التي اعتمدت عليها قوى 14 آذار في انتخابات 2009 سقط بالقانون النسبي، بينما كان الجميع يتوقع فوزَه خصوصاً انه بنى تحالفاً مع «حزب الله» وحركة «أمل» واتّكل على قوّته الخدماتية.
من جهتها، لم تستطع رئيسةُ «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف الوصولَ الى البرلمان، فكان هذا الأمر نكسةً لبيتها السياسي الذي تحاول أن تبقيَه مفتوحاً وسط تصارع القوى الكبرى على أرض زحلة.
أما الخاسر الأكبر فكان حزب الكتائب الذي انتخب نائبه ايلي ماروني عام 2009 بعطف شعبي، لكنه لم يستطع الفوزَ على رغم تحالفه مع «القوات اللبنانية».
أما الخاسر- الرابح فكان تيار «المستقبل» الذي أوصل مرشحه عاصم عراجي برقمٍ متدنٍّ نسبياً وفشل في إيصال مرشحٍ ثانٍ، فانهارت توقعاته في صناديق الاقتراع، في وقتٍ استفاد «التيار الوطني الحرّ» من حلفه معه فأوصل مرشحَين الى البرلمان هما سليم عون وميشال ضاهر.
ونجحت «القوات اللبنانية» في إثبات حجمها وقوتها بإيصالها مرشحَين بمفردها من دون حليف سنّي او شيعي أو أرمني، وحلّ المرشح جورج عقيص أولاً بين المرشحين المسيحيين متخطّياً حتى رقم عاصم عراجي، فيما فاز سيزار المعلوف وحجز المقعدَ الأرثوذكسي بدلاً من المرشح أسعد نكد الذي توقّع الجميع فوزَه، ما يجعل «القوات» المعروفة بالقوة التنظيمية قادرةً على تثبيت وضعيّتها أكثر وأكثر في «عاصمة الكثلكة» من دون الحاجة الى زعامة محلّية تتكتل عليها وتكون رافعة لها.
أسقطت الإنتخاباتُ الأخيرة مقولة أنّ «زحلة مقبرة الأحزاب»، لا بل جعلت من المعركة سياسيةً بامتياز مع تداخل بعض العوامل المحلّية التي لا يمكن إخراجُها من اللعبة.
واللافت أيضاً أنّ التأثير الإسلامي في زحلة قد انخفض ولم يترجَم في الصناديق، بدليل أنّ هناك نائبَين لكلٍ من «القوات» و»التيار»، والمرشح الأرمني إيدي دمرجيان المحسوب على النائب الخاسر نقولا فتوش.
لا يمكن عزلُ زحلة، مهما كانت وضعيّتها خاصة عمّا يجري في جبل لبنان، لأنّ الارتباط عضوي، وهي تُعتبر من ضمن الإمتداد السياسي للجبل، فتاريخياً كانت ضمن متصرّفية جبل لبنان، ولم تكن تتبع ولاية الشام، كما أنها «اكلت» نصيبها من الحروب التي عصفت بالجبل، إن كان أثناء فتنة 1860، أو خلال حرب زحلة عام 1981، حيث إنّ آثار القصف والقذائف ما تزال تظهر في البيوت.
ويؤكّد كثر من أبناء زحلة أن تغييرَ وجه المنطقة صعب ومستحيل، فهي عاصمة البقاع والكثلكة، كما أنها الظهر الذي يحمي جبل لبنان والشمال وبيروت، وستبقى عاصمةً لـ»الكثلكة»، ومحافِظةً على خطّها السياسي ولونها الوطني اللبناني.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار