15-05-2018
مقالات مختارة
وليست الضغوط هي العراقيل الوحيدة أمام التفتيش، بل هناك محاولات لتطويق التفتيش من خلال اهمال قضايا إدارية ولوجستية ضرورية لمتابعة أعماله. وليس آخرها النقص في عدد الموظفين، وضيق المساحة المكانية، وتحديداً بالنسبة إلى إدارة المناقصات.
والغريب أن رئاسة التفتيش "تتجاهل الكتب الخطية المرسلة من إدارة المناقصات، اعتباراً من حزيران 2017، لتزويد الإدارة بالموارد واللوازم للاستمرار في عملها، ولا ترد عليها لا سلباً ولا ايجاباً، في ظاهرة لافتة تخالف أصول التخاطب الإداري". ووفق إدارة المناقصات، فإن "رئاسة التفتيش المركزي تمتنع عن تجهيز إدارة المناقصات بغرفة إضافية لإجراء جلسات فض العروض"، وتصر على "حشر إدارة المناقصات في ثلاثة آرباع الطابق من المبنى الذي يشغله التفتيش المركزي والمؤلف من أكثر من 10 طوابق".
ووفق إدارة المناقصات فإن هذه الحالة تدفع الإدارة إلى "تأجيل جلسات المناقصات التي تحتاج إلى امكانات أكبر من تلك الموجودة لديها، إلى حين الوصول إلى حل. وستصدر الإدارة كتباً إلى الوزارات والإدارات المعنية، وستعلن عن كل تأجيل وفقاً لأحكام القانون".
تأجيل بعض جلسات المناقصات لا تنعكس مفاعيله على التفتيش المركزي فحسب، فالإجراء ليس داخلياً، "بل ينعكس على المناقصات والمشاريع المهمة للبلاد، لأن تأجيل البت بالمناقصات، يعني تأجيل تلزيم المشاريع وتنفيذها"، على حد تعبير إدارة المناقصات، التي تلفت إلى أن "الإدارة تحت سقف القانون، حتى في ما يتعلق بتوجهها إلى الإعلام. فلو كان ما تقوله منافياً للحقيقة، فهي مستعدة للمحاسبة. أما في حال كانت مطالبها محقة، فعلى المعنيين، خصوصاً رئاسة الحكومة التي يتبع لها التفتيش المركزي، التحرك لتلبية المطالب وتسهيل سير عمل الإدارة".
في السياق الاعلامي كان لافتا نشر بيانعلى الموقع الالكتروني للوكالة الوطنية للإعلام، صادر عن إدارة المناقصات و يتناول مطالبها، وسحبه لاحقاً عن الموقع، "وتهديد أحد المسؤولين في الموقع، باحالته إلى الاستجواب في حال نشر البيان مجدداً". وينسجم هذا الإجراء مع السياسة المتبعة في رئاسة التفتيش، والقاضية بالتضييق على الظهور الإعلامي لبعض الإدارات فيه، خصوصاً إدارة المناقصات، تحاشياً للحديث عن منع الإدارة تمرير بعض المناقصات المخالفة للقانون. ويندرج هذا الإجراء ضمن مخالفة الرئاسة قانون حق الوصول إلى المعلومات. فإذا كانت الرئاسة تمنع التصريح عن معلومات تخص صفقات مخالفة للقانون، فكيف سيتم الوصول إلى المعلومات؟
من جهة أخرى، لرئيس التفتيش المركزي جورج عطية، رأي مخالف، إذ يرى في حديث إلى "المدن"، أن ما يتم الحديث عنه "هو محاولة لتشويه صورة التفتيش المركزي، ومحاولة لإطلاق مطالب عشوائية بهدف استعطاف الناس". وعن عدم وجود غرف مناسبة في إدارة التفتيش، يعيد عطية ذلك إلى "أزمة قديمة تعاني منها كل إدارات الدولة، وليس التفتيش المركزي فحسب. وهذه الأزمة غير مستجدة، وليست إدارة التفتيش الحالية وحدها مسؤولة عنها. فالإدارة لا امكانيات مادية لديها لاستئجار مبنى جديد، بل هي تحاول قدر الامكان إجراء اصلاحات إدارية، وترفع مطالبها إلى مجلس الوزراء".
في الشكل، هناك صدام في المطالب بين إدارة المناقصات ورئاسة التفتيش، لكن في المضمون هناك تكامل في التراتبية الإدارية، لكن رئاسة التفتيش تتجاهلها، رغم تأكيد عطية عليها، وممارسته لها تجاه السلطة الأعلى المسؤولة عنه. إذ إن عطية يؤكد رفعه مطالب التفتيش إلى مجلس الوزراء، وهي السلطة المسؤولة عنه بحسب الترتيب الإداري، لكنه في الوقت عينه، ينكر حق إدارة المناقصات، برفعها مطالبها إليه، تطبيقاً للترتيب الإداري ذاته، الذي يقر بحق الفرع برفع مطالبه إلى المركز. فهل ترفع إدارة المناقصات مطالبها إلى وزير الطاقة مثلاً؟
الأزمة التي تُحال أسبابها إلى ضعف امكانيات الدولة عموماً لها "أسباب خفيّة"، وفق مصادر متابعة للملف. فإذا كانت المشكلة تتعلق بتأمين غرفة كبيرة، "فهناك كثير من الغرف الشاغرة في مبنى التفتيش، ويمكن استعمالها، خصوصاً أن المناقصات التي تحتاج إلى حضور عدد كبير من المشاركين فيها ليست كثيرة، وورودها ضمن جدول المناقصات، متقطّع، مقارنة مع المناقصات صغيرة الحجم". لذلك، فإن "السبب الحقيقي لعدم تأمين مطالب إدارة المناقصات هو معاقبتها على دورها في وقف أكثر من صفقة مخالفة للقانون، كان من المفترض أن يستفيد منها سياسيون نافذون في الحكومة. وسبق ذلك محاولة للتضييق على رئيس إدارة المناقصات جان علية، وتطييره من الإدارة، تحديداً لدوره في إيقاف صفقة بواخر الطاقة التركية".
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
هل تتعمّد الطاقة إفشال مناقصات الفيول؟
مقالات مختارة
“سيمنز”… خرجت من “شباك سيزار” لتعود من “باب ريمون”
مقالات مختارة
شقير يمدّد عقدَي الخلوي إلى أجل غير مسمّى!
مقالات مختارة
مجلس الوزراء يعتدي على مهام إدارة المناقصات
أبرز الأخبار