مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

متناقضان في زغرتا الزاوية

12-05-2018

تقارير

جانو بركات

جانو بركات

كانت جدتي متّشحةّ بالسواد منهمكةّ بتحضير سلّة الأرز والورد الجوري، نادتني: "جايي البيك، بدّك ترشي ورد عليه". قلت حينها بمكرٍ وأنا ابنة العشر سنوات "ليش؟ عريس؟".

 نهرتني يومها مستجديةً عطفي فهي حزينة على موت عمّي والتقاليد الإجتماعية لا تسمح لها برشّ الورد، عليكِ أنت تولّي المهمّة. هربت يومها الى البيت، أخبرت أمي التي نصحتني بمسايرتها فهي كبيرة في السّن وتودّ الاحتفاء بالضيف لمَ لا؟ وقفت الى جانب الطريق أتساءل "لماذا علينا أن نمجّد البيك؟ هل هو أفضل منّا شأناً؟" هو جاء ليفتتح مستوصفاً في قريتي بصفته وزيراً للصّحة، أوليست من واجبات وزارة الصّحة افتتاح المستوصفات وتأمين حد  أدنى من الاستشفاء للمواطنين؟ شغلتني أفكاري كثيراً، مرّ موكب الوزير سليمان فرنجية حينها ولم أنتبه، "لا شفتو ولا رشيت ورد عليه". 

مرّ الوقت، سقط حكام، انتصر حكام، انتخبت زغرتا نوابها لدورات، لكنّ توالي الأحداث يقول لي دوماّ، "كان ممتازاً أن تشغلك أفكارك وألا تنتبهي للموكب" لكنّ مشكلتي الدائمة أنني أتنبّه كثيراً للتفاصيل، هو تفصيلٌ صغير. كان الجميع يهتف في مهرجانٍ انتخابي أقامه الوزير فرنجية في بنشعي "بالروح بالدم نفديك يا سليمان" قال حينها "تسلموا الله يخليكم". 

لأعود الى العام 2005، الى تظاهرة الشعب، الى ثورة الأرز. كنت مع مجموعة من الأصدقاء من مناصري السّيدة الوزيرة نائلة معوّض. تحمّسوا كثيراً حينها وقالوا "بالروح بالدم نفديك ست نيلة" يومها نهرَت الجميع "نفدي الوطن وحده بدمائنا". عندما عدت أدراجي الى المنزل، كان عمّي بانتظاري، لم يكن قلق لأنني تأخرت في العودة الى البيت ولم يكن في باله أبداً الإطمئنان إذا ما أصابني مكروه هو انتظرني ثمانية ساعات ليقول لي:"بدّك تجرصينا؟ بدك تلبسي بدلة القوات يعني؟" يومها قررت أن أخوض غمار العمل الإعلامي والنشاط الإجتماعي علّني أستطيع أن أغيّر شيئاً في العقليات المتحجرة وسياسات إكراه المواطنين وإجبارهم على اللحاق بزعيمٍ واحدٍ مؤلّهٍ في منطقة زغرتا الزاوية تحديداً. 

أتت انتخابات العام 2005، خرج الجيش السوري من لبنان ومعه كل رموز سوريا وكان السقوط المدوّي والثقيل الحمل على الوزير سليمان فرنجية وأنصاره. شعرت يومها بغبنٍ لحق زغرتا، هو ألدّ خصومي السياسيين لكنّ الحقّ يقال لفرنجية حيثية شعبية لا يمكن إنكارها.

عملت حركة الاستقلال على استيعاب الشارع الزغرتاوي من خلال مشاريع إنمائية عدّة إن عبر مؤسسة رينيه معوّض او عبر وزارة الشؤون الإجتماعية التي استلمت السّيدة نائلة معوّض مهامها يومها. استحدث مستوصف جوّال في القرى الشمالية النائية، وزّعت مولّدات كهربائية على البلديات للتخفيف من وطأة فاتورة الكهرباء على المواطنين، استحدثت شبكات ري، إضافةّ الى العديد من المشاريع التي درّت خيراً على القضاء.

أتت بعدها انتخابات العام 2009، يومها استخدمت المردة كل وسائل التحريض (وهي لم تكن بحاجةٍ لها كي تربح معركتها في زغرتا) وذلك بهدف رفع نسبة المشاركة وللقول "زغرتا لبيت فرنجية" راهنت حركة الاستقلال يومها على وعي المجتمع وعلى أصوات الشارع السّني لكنّ اتفاق السين سين أتى ليقلب المعادلة لصالح فرنجية. ربحت المردة الانتخابات. قال فرنجية "بدّي خلي العشب يطلع ع درج بيت معوّض". 

 

قد يقول البعض أن الإثنين يمثلان الإقطاع السّياسي. صحيح. مع فرقٍ بسيط. نحن أمام ثقافتين متناقضتين. ثقافة العنتريات وثقافة الآدمية. ثقافة المؤسسات وثقافة الاستزلام. 

 

في كلّ الأحوال، دقّت ساعة الانتخابات اليوم، رُكّبت اللوائح، انسحب مرشحون على لائحة القوات وتشاجر آخرون على لائحة المردة، كان عندها النائب السابق جواد بولس منشغلاً بتجيير أصواته كاملةً الى رئيس حركة الإستقلال ميشال معوّض إنطلاقاً من قناعةٍ ثابتة أن مصلحة زغرتا لا يمكن أن تبنى على الأحادية او الاحتكار. في السابع من أيار قالت زغرتا كلمتها:"نعم للتوازن المنطقي بين كافة المكوّنات".  قال ميشال معوّض: " اتّصلت بكافة الأفرقاء الذين خسروا الانتخابات لأقول لهم أصبح لكم أخ وصديق في البرلمان اللبناني". 

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما