24-04-2018
مقالات مختارة
ليا القزي
ليا القزي
منذ الإعلان عن خوض الانتخابات النيابية، في عددٍ من الدوائر، بلوائح متنافسة، حرصت قيادتا التيار الوطني الحرّ وحزب الله على التأكيد أنّ هذه الخطوة لا تعكس خلافاً سياسياً بين الاثنين. فالمصلحة الانتخابية للتيار العوني، فرضت أن تكون التحالفات وفق الشكل الحالي. وعلى رغم «غرابة» أن يكون حزبان، خصمان انتخابياً (يلتقيان في عددٍ من الدوائر) وحلفاء سياسياً، ولكنّ حزب الله والتيار العوني، ردّدا دائماً أنّ معركتهما ليست بمواجهة بعضهما البعض. والالتقاء من جديد، سيكون بعد السادس من أيّار. هكذا وَعَدا جمهورهما، قبل أن يتبخّر كلامهما في دائرة جبل لبنان الأولى، وتحديداً في قضاء جبيل.
قرّر «الحليفان الاستراتيجيان»، التناسي أنّ القوات اللبنانية تُحاول للمرّة الأولى، وضع رجلٍ لها في القضاء، مُستعينةً بمُرشحها زياد حواط. وأسقطا من حساباتهما، وجود النائب السابق فارس سعيد، مع ما يُمثله من حيثية، لا سيّما في الجرد الجُبيلي. التيار العوني وحزب الله، أضاعا البوصلة ضدّ «العدّو» الفعلي، وقرّرا فجأةً توجيه أسلحتهما بوجه بعضهما البعض.
قبل أيّام، نَقَل مُرشح لائحة التضامن الوطني (عن المقعد الشيعي في جبيل) حسين زعيتر، الخلاف بينه وبين (صديقه) النائب سيمون أبي رميا، إلى الإعلام. اختار شاشة «الجديد»، للقول إنّ «بعض الممارسات لا تليق بوحدة التيار. هناك انقسامٌ حادّ أحدثه هذا الشخص، نتيجة استئثاره في قرار التيار في جبيل… للأسف سيمون يُدير معركته الشخصية وليس معركة التيار». لم يقف زعيتر عند هذا الحدّ، بل قدّر أنّ لائحة العهد في الدائرة «ليست الأقوى، وخصوصاً في جبيل».
دخول زعيتر على البيت العوني في جبيل للرماية على نائب المنطقة (أبي رميا)، كان له وقعٌ سيء لدى العديد من مُناصري «التيار» وأبي رميا. يقول البعض إنّ الأمر «مُنسّق» بين زعيتر وأبي رميا من أجل أن يشدّ كلّ منهما عصب جمهوره. ولكن، شكلاً ومضموناً، ما يحصل يُسيء إلى تفاهم مار مخايل. الفريقان ينفيان وجود «لعبة» خلف الهجوم الإعلامي المتبادل. وتؤكد مصادر «التضامن الوطني» أنّ أبي رميا «لا يُوفّر زعيتر في لقاءاته الانتخابية، مُحاولاً أن يُسوق لربيع عوّاد بين الناس، على قاعدة أنّهما ليسا بعيدين عن المقاومة والتفاهم الاستراتيجي، حتى يتمكّن عوّاد من استقطاب ناخبين من الطائفة الشيعية». إضافةً إلى أنّ حزب الله «يُحمِّل أبي رميا مسؤولية دفع عوّاد إلى تقديم ترشيحه، لأنّ هدفه الأصلي كان الإطاحة بالنائب عباس هاشم». علماً أنّ الماكينة الانتخابية لـ٨ آذار في جبيل، تعتبر أنّ حزب الله تمكّن من وأد حالة الاعتراض ضدّه، التي نتجت بعد ترشيح زعيتر، «أولاً لأنّ المعركة مصيرية، وثانياً بعد أن اكتشف الرأي العام أنّ الطرف الآخر يعدهم بمساعدات من دون أن يكون هناك مقدرة على تنفيذها». هذا الأمر ينفيه الطرف الآخر، مُعتبراً أنّ «حزب الله تمكّن بنسبة 70 في المئة من شدّ عصب الشارع، ولكن ربيع عواد يتقدّم بين الناس بسبب التواصل والحضور والخدمات».
حزب الله والتيار العوني ينتميان، في الإطار العام، إلى المشروع السياسي والوطني نفسه. لذلك، اختلط الأمر على قسمٍ من الرأي العام الجُبيلي، الذي يسأل عن الفارق بين الاقتراع لهذه اللائحة أو لتلك، طالما أنّهما في نهاية المطاف حليفان. «لدينا واجب توضيح الصورة للناس بأننا لسنا جسماً واحداً، وهناك صراع بين اللوائح الانتخابية»، تقول مصادر «التضامن الوطني». رفع سقف المواجهة مع أبي رميا، يوضع في هذا السياق. كما أنّ «التضامن» تعتقد أنّها بهذا «التكتيك»، ستستقطب العونيين غير الراضين على أداء أبي رميا. علماً أنّه من المُرجح، أن تمنح النسبة الأكبر من «الحردانين» صوتها التفضيلي للنائب وليد خوري. ولا يتبقى لـ «التضامن الوطني» سوى العمل على استمالة الناقمين على سياسة «التيار» ككلّ، وليس فقط أبي رميا.
كلام زعيتر ضدّ أبي رميا، أثار انزعاج ابن اهمج، الذي تنفي مصادره أن يكون «تكلّم، ولو لمرّة واحدة، بطريقة سلبية عن زعيتر. فأبي رميا مؤمن بالعلاقة الاستراتيجية مع حزب الله». ماذا عن التسويق لربيع عواد بين الناخبين الشيعة؟ «ربيع دائماً ما يأخذ على أبي رميا تمنّيه أن يفوز الشيخ حسين بالمقعد». المُستغرب من أبي رميا أن «حزب الله يفتح معركة رديفة معنا، نحن الشركاء والحلفاء، ويترك الخصوم الحقيقيين».
يُواجه أبي رميا معركة مع العونيين المعارضين له، الداعمين علناً لوليد خوري
جبهات عدة، فُتحت بوجه أبي رميا (حلّ أولاً في المراحل الثلاث للانتخابات التمهيدية داخل «التيار»). فقبل خلافه مع زعيتر، يُواجه النائب معركة مع مُعارضيه في جبيل، الداعمين علناً لوليد خوري. خلال اجتماعات ماكينة «التيار»، قال الوزير جبران باسيل بوضوح إنّ الأولوية هي لإنجاح أبي رميا «المُلتزم حزبياً»، وثانياً خوري، وثالثاً ربيع عوّاد. «فالمُرشحون الحزبيون هم رموز الحزب، وبسقوطهم يكون التيار قد خَسِر»، بحسب مصادر «التيار» في جبيل. إلا أنّ ذلك لم يردع العونيين ــ جناح خوري من العمل ضدّ أبي رميا. حُجة هؤلاء أنّ «رفيقهم» كان طرفاً خلال الانتخابات الداخلية. ومن الانتقادات التي تُساق ضدّ أبي رميا أنّه «يعد الناس بالخدمات ولا يُنفذها».
يستفيد خوري من الجوّ العوني المُعارض لأبي رميا، من أجل تعزيز موقعه، الجيّد أصلاً، بحُكم وجوده وعائلته وعملهم الخدماتي في المنطقة. إلا أنّ المُتضرّر من كلّ ذلك هو التيار العوني، الذي يتجرّع كأس القانون والصوت التفضيلي. أيضاً، عوض أن يخوض «التيار» معركةً ضدّ خصومه، لا سيّما القوات اللبنانية، تلهّى بالصراع الداخلي. «جماعة أبي رميا» يتهمون خوري، باستقطاب المؤيدين لابن اهمج. ويُحكى عن دعم مادي لخوري، من ابن حميه المُرشح نعمة افرام. أما «جماعة خوري»، فيردّون بأنّ طبيب عمشيت لم يقم بأي شيء، بل الحردانين قرّروا أن يؤيدوه. وهناك نفي لما يُحكى عن مال انتخابي، «جُلّ ما فعله افرام هو طلبه من الموظفين الجُبيليين في شركته، الاقتراع لمصلحة وليد خوري، إذا لم يكن ذلك يُحرجهم».
يُنقل عن أبي رميا قوله إنّ «فوز مرشح القوات اللبنانية زياد حواط بالمقعد الماروني الثاني (في جبيل) مضمون، فلنعمل على فوزي بالمقعد الأول». وهو ما عُدّ بمكانٍ ما، تسليم بالهزيمة. إلا أنّ مصادر النائب تنفي ذلك، «قال إنّ حظوظ زياد (حواط) مرتفعة. بالإمكان مواجهته، إذا توقفنا عن الأكل من صحن بعضنا في التيار». أما حواط (انتشرت إشاعة مفادها أنّه انتسب إلى القوات اللبنانية، وهو ينفي ذلك)، «فأرقامه عبارة عن تضخيم إعلامي. وهالته بدأت بالانحسار، منذ الانتخابات البلدية الأخيرة». ولكن ألستم في «التيار» مسؤولين عن تضخم «ظاهرة» حواط؟ تردّ المصادر بأنه «تعذّر سابقاً خوض معركة ضدّ حواط لانبهار الناس، ومنهم عونيون، به. نُحاول حالياً من خلال بلدية الظل، فتح ملفات البلدية وكشف الحقيقة. نتائج المدينة ستُفاجئ الجميع».
سعيد «عدّو» القوات... المنسي
يُمثّل قضاء جبيل رمزية سياسية خاصة، ما يجعل المعركة الانتخابية مُحتدمة. هو القضاء الذي لم يكن للقوات اللبنانية فيه يوماً مُرشح، فأتى زياد حواط ليُقدّم لها هذه «الهدية»، مع احتمال الفوز بالمقعد. معركة «القوات» في جبيل ليست مع أحد، سوى مع النائب السابق فارس سعيد. يُحاول حواط التحرك داخل ملعب سعيد، في الجرد. أما جعجع، فيعمل شخصياً على القاعدة المشتركة مع مُنسق الأمانة العامة لما كان يُعرف بـ١٤ آذار. وصل الأمر بينهما، إلى حدّ مُجاهرة سعيد، خلال أحد اللقاءات الشعبية، أنّ «معركتكم (القوات) ليست معي».
يُعتبر النائب السابق، «السياسي» شبه الوحيد، في قضاء جبيل، الذي يملك خطاباً سياسياً في مقابل مُرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر. في حين أنّ الآخرين يخوضون الانتخابات وفق حسابات بلدّية، ومن يفوز بأكبر عددٍ من الأصوات. معركة سعيد اليوم هي مع الصوت التفضيلي، وقد يكون «ضحية» لائحته وحاصلها الانتخابي. هو يؤكد أنّ «الوضع منيح»، فيما كلّ الاحصاءات تُشير إلى العكس. وأخصامه أسقطوه من حساباتهم: القوات وحزب الله والتيار الوطني الحر. يُجمع الثلاثة على أنّ «نسينا سعيد لأنه لم يتمكن من خلق دينامية انتخابية».
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار