24-04-2018
مقالات مختارة
رفيق خوري
رفيق خوري
ذلك أن الهيئة ليست مفوضية مستقلة لشؤون الانتخابات، كما هي الحال في تركيا وتونس والعراق وبلدان أخرى. فالمفوضية المستقلة في تلك البلدان يتم اختيار رئيسها وأعضائها بدقة وبالتشاور على طريقة اختيار المحلفين في المحاكم الأميركية. وهي تدير العملية الانتخابية باستقلالية كاملة عن وزارة الداخلية وكل السلطة التنفيذية، من قبول الترشح ومراقبة الاداء في المعركة الى اجراء الاقتراع واعلان النتائج. ولديها الأجهزة اللازمة لمراقبة كل شيء ومعاقبة أي مرشح يتجاوز حدود القانون. والمرجع الوحيد الصالح للطعن بقراراتها هو القضاء.
أما هيئة الاشراف هنا، فانها مستقلة وغير مستقلة في آن، تشرف على الانفاق الانتخابي، وتسجل المخالفات في استخدام وسائل الاعلام، وتلعب دور الشاهد على تصرفات المرشحين على طريقة شاهد شاف حاجة وسجّلها أو على طريقة شاهد ما شافش حاجة حسب موقع المرشح المخالف. وليس لديها أجهزة، ولا علاقة لها بالترشح واجراء الاقتراع واعلان النتائج. وهي محكومة بالتنسيق مع وزير الداخلية. وليس على من يطالبها بضمان الحرية والنزاهة والشفافية في العملية الانتخابية سوى ان يعيد قراءة القانون ويتذكر لماذا وكيف جيء بهيئة لا سلطة لها على المرشحين، كما اعترف رئيسها القاضي نديم عبد الملك.
كان اصلاح قانون الانتخاب مطلبا ملحا لفئات واسعة من الشعب، لا فقط للنخب، باعتباره مفتاح الاصلاح السياسي للنظام. وكانت السلطة محرجة: فلا هي تريد الاصلاح السياسي، بالفعل لأنه ضد مصالحها وضد وجود بعضها، ولا هي تستطيع الاستمرار في الرفض. وجاء الحل على طريقة نصف حبلى: هيئة بصلاحيات وامكانات محدودة للايحاء ان هناك بداية اصلاح، واستمرار اللعبة الفعلية في يد السلطة، حيث رئيس الحكومة ونصف أعضائها من المرشحين.
ومن الظلم مطالبة الهيئة بما ليس في يدها. لكن من المعيب ان تتردد الهيئة أو تخاف من فعل ما عليها فعله في اطار مهامها حتى المحدودة. ومهما يكن، فان وجود الهيئة أفضل من عدم وجودها، ولو كشاهد.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار