مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

اشكالية الهوية في ظل الحرب السورية

19-04-2018

تقارير

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

​​​​إن تحول الصراع الطائفي إلى صراع هويات في منطقتنا, يعيد طرح اشكالية الهوية من جديد، حيث باتت تجربة التعايش في العالم العربي صعبة اليوم في ظل هذا الاقتتال والاحتراب بين المذاهب والطوائف من المفترض أن يكون مفهوم الدولة والمواطنة هو الحلقة الجامعة، بحيث تنصهرجميع الهويات والقوميات في خدمة (الدولة)، وفق عقد اجتماعي قائم على أساس المواطنة ولكننا نلاحظ ان مفهوم المواطنة الجامعة قد اصابه الصدع والخلل في ظل اعاصير الفوضى الخلاقة التي تعيشها منطقتنا العربية
وهنا لا بد لنا من العودة الى احتلال العراق في العام 2003 حيث تعمقت اشكالية الطوائف والمذاهب في العالم العربي والربط بين الانتماء والطائفية ، مما ادى الى انهيار مفهوم الدولة في عدد من الأقطار العربية بظهور ولاءات وقبليات لديها شرعية استخدام العنف خارج إطار الدولة، وتتقاطع في كثير من الأحيان مع البعد الطائفي، لتعم المنطقة في فوضى شاملة، تعيد من جديد بناء ولاءات جبرية واختيارية خارج منظومة الوطنية أو القومية، وتعيد تكريس الطائفية خدمة لتحالفات آنية، واستحضار روايات من التاريخ من شانها تأجيج الاستقطاب الحاد الذي بات يمزق النسيج الديموغرافي للمنطقة.


تحوّلات متسارعة شهدتها منطقتنا، منذ انطلاقة الحرب السورية وما تمخض عنها من ملفات معقدة مرتبطة بآلية إدارة الاقتتال الذي خرج من محوره الداخلي، ودخل في إطار التصارع الدولي والإقليمي المكشوف والمباشر، مما سمح بطرح خرائط تقسيم سورية، وتوزيع حصص الخارطة السورية على الدول المتورطة في الحرب.

كل هذه الاجندات الدولية والاقليمية ،ساهمت منذ بداية الحرب على تاجيح فتيل الصراع والحدود، لتصبح جغرافية سورية مقسّمة إلى مناطق تتحارب عليها قوى اقليمية وعربية، ففي الشمال يوجد أميركا وتركيا، وفي الجنوب تحلم أميركا والأردن و”إسرائيل” بتقاسم الغنائم وهذه الدول ​​​​​​​​​​​​بمشاريعها المختلفة والمتباينة تُبعِد احتمالات نهاية لهذه الحرب العبثية المجنونة، وتجعل التعويلَ على المؤتمرات الدولية لعب بالوقت الضائع ، كونها مرهونة باتفاقات الدول وتصفية حساباتها على اجندات لا علاقة لها بسورية والشعب السوري.

الحرب السورية كرست انقسام السوريين وتشتيت ولاءاتهم وابتعاد البعض عن مفهوم الدولة الوطنية الجامعة حيث ان العامل الخارجي والتحركات والضغوط الدولية والإقليمية ساهمت في تعزيز انقسام السوريون وشرذمتهم على كافة المناحي، وجعلت من أبناء الوطن الواحد الاخوة الاعداء وانا لا اعمم وانما اقصد فئة كبيرة، في مواقفهم وتعاطيهم من القضايا الوطنية أو انحيازاتهم واقتتالهم لتتحول هذه الحرب الى مستنقعً يصعب الخروج منه.
طروحات الدول المتحاربه كانت تتراوح منذ البداية بين التقسيم والفيدرالية على أساس طائفي وإثني، وهو ليس لمصلحة سورية والسوريين، كونها تكرس كيانات ذاتية لمجموعات قومية أو طائفية أو لغوية تسعى لفرض نفسها بالقوةعلى حساب الوطن السوري .

لقد كرست هذه الحرب اللعينة بالاضافة الى الوصايات الدولية خلافات السوريين، وحالة التشرذم داخل المجتمع السوري ، وأكثرها عمقًا وبروزًا معضلة الهوية، لذلك لم يتبق لدى السوريون اليوم سوى التوجّه للحوار بعقلانية لتجاوز عبثية الحرب والطروحات الباهتة عبر طروحات وطنية، يكون مركز اولويتها الالتزام بوحدة واستقلال سورية الواحدة ، والالتزام بعلمانية وديمقراطية الدولة، لان الحفاظ على الحقوق .والحريات وصون الخصوصية الثقافية هو نتيجة دولة المواطنة التي يمكن للسوريين وحدهم تكريسها على الارض وتثبيت أركانها بعيدا عن اية رهانات خارجية للخروج من هذا الكمين التاريخي.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما