09-04-2018
صحف
وكان الأمير محمد بن سلمان، اختتم زيارة تاريخية للولايات المتحدة الأميركية استغرقت 3 أسابيع، التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وكبار المسؤولين والفاعليات السياسية والتجارية والاقتصادية والمالية والثقافية. وقبل مغادرته مدينة هيوستن، أبرق ولي العهد للرئيس ترمب، شاكراً ومثنياً على ما لقيه والوفد الرسمي المرافق من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وجاء في البرقية: "يسرني وأنا أغادر بلدكم الصديق، أن أتقدم لفخامتكم ببالغ الشكر والامتنان، وأنتهز هذه الفرصة لأشيد مجدداً بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية بين بلدينا، التي تشهد مزيداً من التطور في كل المجالات. كما لا يفوتني أن أؤكد أنّ المباحثات التي تمت خلال الزيارة ستسهم في تعميق هذه العلاقات وتمتينها، وفي تعزيز أواصر التعاون المشترك، على النحو الذي يحقق مصلحة بلدينا وشعبينا الصديقين في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وفخامتكم".
وكان في وداع ولي العهد لدى مغادرته مدينة هيوستن، الأمير خالد بن سلمان سفير المملكة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية وعدد من المسؤولين في السفارة، وقد وصل الأمير محمد بن سلمان في وقت سابق من يوم أمس، إلى باريس، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، والدكتور خالد العنقري سفير السعودية لدى فرنسا، والسفير الفرنسي لدى السعودية فرنسوا غوييت، كما كان في استقباله الأمير تركي بن خالد بن عبد الله، والأمير طلال بن عبد العزيز بن بندر بن عبد العزيز، وعدد من كبار المسؤولين.
اليوم، يبدأ الجانب الرسمي لزيارة ولي العهد، فيما كان يوم أمس تحت عنوان زيارة "خاصة" بحسب المصادر الفرنسية، التي ترى أن الاجتماع المقرر عصر غد (الثلاثاء)، بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس ماكرون في قصر الإليزيه سيوفر الفرصة للسعودية وفرنسا، لبحث معمق يتناول الأزمات الإقليمية المختلفة، سواء الحرب في اليمن وسوريا والوضع في العراق ولبنان أو الحرب على الإرهاب والبحث في الأمن والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى الملف الإيراني بتشعباته المختلفة التي تشمل مصير الاتفاق النووي المبرم صيف عام 2015 وبرامج طهران الصاروخية والباليستية وسياستها الإقليمية.
وبحسب التصريحات العلنية من مواقف الطرفين، فإن باريس والرياض "تتشاركان في النظرة إلى التهديدات التي تشكلها البرامج الصاروخية والباليستية وتعبران عن القلق من السياسة الإقليمية التي تتبعها إيران". وتتوقع مصادر قريبة من ملف العلاقات الفرنسية السعودية أن يسعى الطرفان إلى "تقريب وجهات النظر" فيما يخص الملف النووي الذي يتمايز الطرفان في النظرة إليه، علماً أن الأنظار سوف تركز على واشنطن لمعرفة ما سيقرره الرئيس الأميركي في 12 مايو (أيار) المقبل، بشأن بقاء الولايات المتحدة داخل الاتفاق أو الخروج منه وهو المرجح. ومن المقرر أن يكون هذا الملف موضع تباحث بين الرئيسين ماكرون وترمب في 25 و26 الحالي، بمناسبة الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إلى واشنطن.
بيد أن اللقاء المنتظر بين ولي العهد وماكرون سيكون كذلك مناسبة للإعلان رسمياً، وفق مصادر الإليزيه، عن إطلاق "الشراكة الاستراتيجية الجديدة" التي يريدها البلدان لتتوافق مع اهتمامات المملكة ورؤيتها 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان. و"فلسفة" الاستراتيجية الجديدة عمادها الرغبة المشتركة، بحسب الإليزيه، في "الاستماع" لما تريده الرياض و"الانخراط" في الخطط التنموية والتطويرية السعودية.
ومن هذا المنطلق، فإن التركيز لن يكون على أرقام العقود المبرمة، بل على التوصل إلى شراكة "بعيدة الأمد" يكون من شأنها المساعدة في تحقيق الأهداف السعودية لجهة توطين التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي وتطوير قطاعات الثقافة والسياحة والإنتاجية وتنويع الاقتصاد وإطلاق الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. وكل ذلك، وفق النظرة السعودية، يفترض به أن يوجد فرص عمل للشباب السعودي ويرسي اقتصاداً لا يعتمد فقط على النفط.
وتفيد معلومات متعددة المصادر بأن نحو 18 ما بين مذكرة تفاهم واتفاق سيتم توقيعها في قطاعات السياحة والطاقة والنقل، إضافة إلى اتفاق خاص بتطوير وتأهيل محافظة العلا ومدائن صالح؛ موقع أثري تاريخي معروف كما أنه مسجل على لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني.
وقال مصدر فرنسي إن الرئيس ماكرون "عازم" على بناء علاقة شخصية متينة مع ولي العهد السعودي الذي التقاه للمرة الأولى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت مصادر الإليزيه في معرض تقديمها للزيارة، إن الطرفين "يريدان استثمارات تهيئ للمستقبل"، الأمر الذي يبين أهمية الزيارة التي سيقوم بها ولي العهد اليوم لما يسمى فرنسياً "محطة أف"، التي تحتضن الشركات الناشئة والرائدة تكنولوجياً وعلمياً، وهو الأكبر من نوعه في أوروبا.
من جانبه، أكد الدكتور خالد العنقري سفير الرياض في باريس، أن انتظام الزيارات الثنائية بين البلدين يدل على متانة شراكتهما التي تقوم أساساً على "مصالح استراتيجية مشتركة"، ومنها الجهود الدؤوبة لتحقيق الاستقرار والسلم الدوليين، ومكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، إضافة إلى تقارب وجهات النظر حول عدد من القضايا والأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط.
ورأى السفير العنقري أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تكتسي "أهمية خاصة" في الوقت الذي تشهد فيه المملكة مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقال إن "الشراكة بين المملكة وفرنسا يمكن أن تلهم وتواكب وتدعم هذه التحولات، وليس فقط لتعميق بل إعادة تأسيس الشراكة الاستراتيجية الفرنسية - السعودية حول مشاريع مشتركة في مجالات مختلفة ومتعددة".
أما الدكتور صالح بكر الطيار، أمين عام غرفة التجارة الفرنسية العربية، فقد اعتبر أنها تحمل في طياتها "بشائر كبرى للوطن وتحضر لمحطات جديدة للتعاون المشترك في ظل التحديات العالمية". وبحسب الطيار، فإن الزيارة يمكن أن تفضي إلى "توحيد الجهود في ردع كل الأنظمة والجماعات التي تدعم الإرهاب وتخالف وتتجاوز أنظمة وقوانين وبنود مجلس الأمن". ومن ثمار الزيارة المنتظرة أن تدفع باتجاه تعاون تجاري واستثماري وفتح قنوات الاستثمار الجديدة في الاتجاهين، فضلاً عن التركيز على ملفات التقنية والتدريب والتعليم. وبرأي الطيار، فإن الزيارة ستشكل "تحولاً تاريخياً في مسار العلاقات بين البلدين، وأتوقع أن تشهد كثيراً من الاتفاقيات في مجال الرؤية المشتركة حيال القضايا السياسية في الشرق الأوسط والعالم العربي، إضافة إلى توحيد الرؤى حيال ملف إيران النووي وما يقوم به النظام الإيراني من دعم للإرهاب وإثارة الفتن في الدول وكذلك مساندتهم ميليشيات الحوثي التي انتهكت كل القوانين الدولية، إضافة إلى كثير من ملفات التعاون السياحي في مجال المشروعات الثنائية المتبادلة في قطاع السياحة والثقافة والتراث. وستكون هنالك اتفاقيات كبرى تشمل تفاصيل تؤكد الرؤية المشتركة لتحقيق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
ويضم الوفد الرسمي لولي العهد الدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، وعادل الجبير وزير الخارجية، والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ومحمد الجدعان وزير المالية، والدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام، والدكتور نبيل العمودي وزير النقل، ومحمد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط، وخالد الحميدان رئيس الاستخبارات العامة.
كما يضم الوفد المرافق، الأمير بدر بن عبد الله الفرحان محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأحمد الخطيب المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفهد العيسى المستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مكتب وزير الدفاع، وياسر الرميان المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، والفريق أول ركن فياض الرويلي رئيس هيئة الأركان العامة، والدكتور خالد العنقري سفير السعودية لدى فرنسا، وثامر نصيف رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار